✍🏻 عبدالملك سام ||
عندما كتبت قبل مدة طويلة وقلت بأن المعركة ستحسم قريبا فأنا لم أكن أكذب أو أشطح ؛ فالمتابع للأحداث يعلم جيدا أن المعركة حسمت فعلا منذ مدة لسببين : الأول هو أن السعودية باتت عاجزة عن تحقيق أي أنتصار جديد رغم كل الأمكانيات التي أمتلكتها ، ورغم الوضع الصعب الذي يعاني منه اليمنيين والذي تسببت به دول العدوان ( وهو موقف غبي من السعودية سنناقشه لاحقا ) ، فقد تحولت السعودية بعد سنوات من الهجوم إلى الدفاع ، وباتت كل غاراتها وجهودها عبثية !
أما السبب الثاني فيكمن في الهزيمة النفسية التي منيت بها السعودية بنفسها ، فمنذ البداية حملت السعودية شعورا بعظمة وهمية جعلتها تتصرف بحماقة تسببت بضرر كبير في الصميم ؛ فعندما قامت بأستئجار المرتزقة منذ بداية العدوان لتظهر بأن العسكري السعودي أغلى من غيره ، أدى ذلك لتحطيم نفسية الجندي السعودي وعدم ثقته بنفسه ، وهو ما رأيناه عندما صور الإعلام الحربي اليمني - بذكاء - بعض الجنود السعوديين وهم يرتدون "الحفاضات" وآخرين تبولوا على أنفسهم أثناء بدء المواجهات ! كما أن حجم التحصينات المبالغ فيه كان يمثل عائقا نفسيا يفهم منه الجندي السعودي أن الخطر كبير جدا عليه !
أما ما فعله الغرور السعودي في المناطق المحتلة فهو الأكثر غباء ، فقد تسببت التصرفات النرجسية التي قامت بها قوات الأحتلال بخسارة الطرف المتعامل معها لسمعته ، فقد تمادت السعودية في إهانة عملائها وأهملت الأوضاع في مناطق سيطرتها ، بل وشجعت الأنفلات الأمني وتدهور الخدمات وأنتشار الفساد ، وهذا ما جعل أولئك المترددون - وهم كثيرون - يتأكدون بأن كل ما قاله الطرف الوطني في حق النظام السعودي صحيح ، وما عزز هذا التوجه أيضا هو أستخدام السعودية لنظرية إسرائيلية تتبنى قصف المناطق المدنية والبنية التحتية لأبعاد الناس عن الطرف المقاوم ، ولكن الأمر كان معاكسا لتوقعاتهم تماما ، ومع الوقت ساهم هذا الأمر في زيادة البغض لدى المواطن اليمني للسعودية ، خاصة أولئك الذين فقدوا أفرادا من أسرهم أو أعمالهم نتيجة هذا القصف العنيف .
أما عن الحصار الغبي فحدث ولا حرج ؛ فالسعودية خنقت الشعب اليمني الذي كان من المفترض بها أن تستميله لجانبها ، وكان يفترض بها - وهي قادرة عليه - أن تركز جهودها على مراقبة أدخال السلاح فقط ، ولكن ما حدث هو أنها أثبتت للشعب اليمني أنها عدو فعلا كما كان يقول أنصار الله منذ البداية ، كما أن الأجراءات التعسفية ضد دخول الغذاء والدواء أدى لتقليل كمية النقود الخارجة من البلد ، وقصف المصانع أدى لزيادة العاطلين ، وهذا كله بالأضافة إلى إجراءات حمقاء أخرى أثرت في أخر الأمر إلى زيادة شعبية الطرف المقاوم بشكل تصاعدي وهو من بدأ المعركة بعدد قليل وبوضع سياسي ضعيف !
غرور السعودية وأعتمادها على خبراء أجانب لا يفهمون العقلية اليمنية هو ما أوصلها إلى هذا الوضع الحرج ، وبالتالي فيمكننا أن نقول بأن الحرب فعلا قد حسمت منذ فترة ، وما يحدث حاليا هو عض على الأصابع فقط للخروج بماء الوجه وبأتفاق يضمن ألا ينهار النظام السعودي بالكامل ، وهذه هي النتيجة الحتمية للأدارة الغبية التي تحكم السعودية اليوم .. سياسة قلصت أعداد الحلفاء وزادت من أعداد الخصوم حتى في داخل الأسرة الحاكمة ، وكلفت المملكة مليارات كدستها منذ عقود سواء تلك التي دفعها النظام السعودي كتكاليف حرب ، او تلك التي دفعها للخارج لكي تتم التغطية على الجرائم التي أرتكبها في اليمن !
هل هذا كله لا يمكن أن يتغير ، والنظام السعودي خسر المعركة ، والحكمة تقتضي أن يسارع هذا النظام لعقد اتفاق مع الطرف الآخر ( أنصار الله ) قبل فوات الأوان ، فالوضع يبشر بهزائم أكبر وأشد تأثيرا ، ولو كان هناك من يسمع النصيحة فالرأي العقلاني أن يتركوا اليمن لشأنه ولو مؤقتا حتى يجدوا حلا لورطتهم ، وليكتفوا بدعم المناوئين لأنصار الله في ظل الوضع الذي سوف يكون بعد أن تضع الحرب اوزارها ، ولكن من قال أن النظام السعودي يسمع كلام العقل والمنطق والحكمة ؟!