احترام المُشرّف ||
الصبر وما أدراكم مالصبر وكيف يكون الصبر وما أشقه، وأصعبه وما أثقل تحمله وما أمر مذاقه ! وكم وعد الله الصابرين من الأجر والثواب وماذلك إلا لمشقته وصعوبة تحمله ..
الصبر هو رفيق اليمنى منذ ولادته وطيلة حياته ولا يفارقه إلا ساعة وفاته، إنه
زاد رحلته في الحياة منذ كان جنين في رحم أمه وهو يعاني من نقص التغذية التى يحتاجها الجنين يذهب معها لتجلب الماء وترعي الماشية وتجمع أعواد الحطب تحت أشعة شمس الظهيرة فهاهي اليمنية الصبورة التى وإن سمعت مايقوله الأخصائيون كيف تعامل الحامل فلن تأبه لقولهم وكيف لها أن تستريح وهي ترى زوجها الصبور الذي يكدح من شروق الشمس حتى غروبها، وكما هو في صبره هي في صبرها وجنينهم يتلقى أول دروس الصبر منهم، ويأتي إلى الدنيا. طفل اليمن فيبدأ برضاعةالصبر مع حليب أمه الذي ينقصه الكالسيوم والحديد بسبب نقص التغذية. ليفطم قبل أوان فطامة ويبدأ رحلة الصبر التي يعيشها أبويه وأهله وكل يمني، "أطفال يولدون فتيان" ..
سنوات من الصبر يمر بها حتى يكبر ويشتد عوده ويغدو رجل غير كل الرجال إنه الرجل اليمني الذي تلقي دروس الصبر من أمه وهو جنين في رحمها وهو طفل في حضنها ويتلقاها وهوفتى يخرج خلف أبيه ليتلقى دروس أخرى في صبر الرجال الذي لاتتحمله الجبال،
نعم حتى الجبال هزمها وكان أقوى وأجلد منها وبصبره نحت صخرها وروض وعرها وصنع من مرتفعاتها مدرجات ومن منبسطها جنات، وبناء السدود ورفع الناطحات ..
ولم يكن اليمني ذاك الصبور المغلوب على أمره فقط بل إنه الصبور المتفأل بوعد ربه
:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
من سورة الزمر- آية (10).
فكان أسطورة في صبره وتحمله ويقينه أنه لاشئ يصعب عليه فكان هذا الصبور الأول في كل شئ وكان الذي يعشق أرضه ولايرضَ بسواها ومهما ارتحل عنها فلايطيب له العيش إلا بها، وكانت أرضه كذلك لاترغب بغيره عليها ومن سولت له نفسه بدخولها رفضته وكان قراره وبال عليه وإبادة كل من غزاها، من فرس وترك وحبش، هذا هو اليمني من مهد الأزل هو قصة تروى ومجدا لم يزل لايستكين ولايلين مهما تمادى المجرمين ..
وجاء العدوان الجديد وأرادو أن يصنعوا باليمن مالم يستطعه من سبقهم وأرادو هزيمة ذلك الصبور واحتلال بلده ونسوا أن بين اليمني وأرضه استراتيجية الصبر الجميل ..
وأتى العدوان الكوني ليضعضع ويقهر صبر اليمني، عملوا كل مابوسعهم من ضرب وحصار وقطع للأموال وارتفاعا للأسعار. ضربوا المدن والقرى أحرقوا الأخضر واليابس، وماذا حصدوا لاشئ، إنهم في مواجهة غير متكافئة أنهم في مواجهة من سلاحهم الأول الصبر وليس صبرهم وليد ساعته إنه صبرا عمره ممتد بعمر اليمن الضارب في أعماق التاريخ، وإذا كان هناك مقولة "بان النصر صبر ساعة"
فكيف النصر على صبرٍ عمره آلاف السنين ..
قاوم ذاك الصبور ولم ييأس ولم يخف من كثرة عدوه ولم يأبه لأسلحتهم الكبيرة وكان يعرف أنه يملك أقوى سلاح على وجه الأرض. الإيمان والصبر، دفن أحبابه تحت ركام المنازل واحتسبهم عند الله وقام مشمرا عن ساعديه وصنع وابتكر السلاح الذي يواجه به عدوه ولم يثنه قوة سلاحهم وحداثتة فهوا يعلم أن السلاح يعتمد على قوة من يستخدمه.
تسلح بالصبر الجميل الواثق بالنصر والتمكين فكان له ذلك. وكان هو المنتصر وكان عدوه مندحر، صبرا جعل العالم يعيد حساباته ويتسأل أي أناس هم اليمنيون وإلى أي كوكب هم منتمون وكيف لايقهرون ولا يهزمون على مدى كل القرون ..
ويحق لهم أن يتسألو فهم لا يعرفون ولايفهمون سر اليمنيون، إنهم الذين صبروا وصابروا ورابطوا وانتصروا، ومن كان الصبر رديفه فالنصر حليفة والعاقبة للمتقين ..
https://telegram.me/buratha