محمد صالح حاتم ||
كانت اليمن الى منتصف سبعينيات القرن الماضي مكتفيه ذاتيا ً من الحبوب،ومعظم المواد الغذائية الاساسية،حيث كان كل مزارع يأكل من خيرات أرضه،وكذلك كانت الأسواق ممتلئة بالمنتجات الزراعية اليمنية.
تدريجيا ًمن هذا التاريخ بدأت سفن القمح والحبوب المستوردة تصل تباعا ً إلى الموانئ اليمنية ، وبأسعار رخيصة جدا لاتغطي تكاليف انتاجها ، وهنا بداء الغزو والاستعمار الغذائي على شعبنا اليمني بتساهل وموافقه من الحكومات التي حكمت اليمن ، ومعها بداء المزارع يبتعد عن ارضه ويهملها، والمستهلك يقبل على شراء المنتجات الزراعية المستورده، ومنها الحبوب بأنواعها، واستمر الاهمال والتدمير الممنهج للقطاع الزراعي في اليمن، حتى وصلت فاتورة الاستيراد خمسة مليار دولار، وبلغت الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك من مادة القمح في اليمن تفوق 95% بكمية وصلت في العام 2021م- 3815690طن من مادتي القمح والدقيق، والتي تصل قيمتها إلى مايقارب ملياري دولار خاصة ًمع ارتفاع اسعار القمح عالميا ً بسبب الحرب بين روسيا واوكرانيا، وصل سعر الطن مابين 450- 460 دولار للطن الواحد، ومع هذا الارتفاع المخيف في الاسعار، وتزايد عدد سكان اليمن، وفي ظل استمرار الحرب والعدوان والحصار على شعبنا اليمني وللعام الثامن على التوالي، واستخدام العدو للورقة الأقتصادية ورقة ضغط على شعبنا لتحقيق اهداف عدوانه، فيتوجب علينا استغلال مواسم الامطار و التوجه نحو زراعة الارض
بالقمح والحبوب بشتى انواعها، للتقليل من كميات الاستيراد ، كأحدى الحلول المستعجلة.
والاهم هو اعداد استراتيجية وطنية للاكتفاء الذاتي من الحبوب، وفق الامكانيات المتوفرة والمتاحه، فهناك اراضي زراعية واسعه في الجوف، وتهامه ومأرب، وعدة قيعان زراعية في عمران وصعدة، وذمار وإب،وصنعاء وغيرها من المحافظات ذات الخصوبة العالية، هذه الأراضي تنتظر من يستغلها ويزرعها بالحبوب ليأكل الشعب من خيراتها.
فإعداد استراتيجية وطنية لزراعة الحبوب تعد من الأولويات التي يجب على المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب إعدادها،وفقا ًلماهو متوفر من الإمكانيات، وأن تكون اهداف هذه الأستراتيجية ممكنة تحقيقها بعيدا ًعن الشطح، فتحقيق الأكتفاء الذاتي من الحبوب ليس بالمستحيل، إذا وجدت النيات الصادقة وتظافرة الجهود وتوحدت الايادي، لوصلنا الى الاكتفاء الذاتي، وخاصة إذا توسعنا راسيا وافقيا ًمن خلال استصلاح أراضي زراعية جديدة، وكذلك توفير بذزر محسنة ذات انتاجية عالية، والنتائج في الجوف أكثر من ممتازة فالهكتار الواحد تصل انتاجيته فوق 5طن،وفي تهامة هناك نتائج مبشرة.
وتحقيق الاكتفاء الذاتي ليس على حكومة وحدها، بل الجميع مشتركون فيها، بداية ًمن المزارع الذي يتوجب على كل مزارع يمتلك ارض وماء فعليه ان يزرع و يكتفي من الحبوب المحلية، وكذلك الجمعيات التعاونية فعليها نعقد الآمل، وبها نهظة دول وحققت الاكتفاء الذاتي، ورأس المال الوطني، شريك في تحقيق اهداف الاستراتيجية الوطنية للأكتفاء الذاتي من الحبوب، وان يتوجه لزراعة الأراضي الشاسعة في الجوف وتهامة بالحبوب والقمح، وعلى الدولة أن تهيئة البيئة الاستثمارية وتقدم كل التسهيلات للتجار والمستثمرين في زراعة القمح والحبوب،وأن تعفيهم من الضرائب والجمارك وغيرها من المعاملات الروتينيه المملة، والمنفرة والطاردة للمستثمرين، كما كان سابقا ً.
وهذه الاستراتيجية تأتي تنفيذا لتوجيهات وموجهات القيادة الثورية والسياسية الداعية للتوجه نحو الزراعة وخاصة زراعة القمح والحبوب، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتحرر من الاحتلال والاستعمار الغذائي والهيمنة الخارجية.