عبدالملك سام ||
لقد قلت: "القلم أمانة" لأنه ليس من المعقول أن اقول: "لوحة المفاتيح أمانة!"، فقد أصبحت الكتابة رقمية بإستخدام الجوال أو الكمبيوتر، ولكن كلمة "القلم" ما تزال أكثر أحتراما، خاصة لو ارتبطت بعمل جليل كما يفعل إعلاميونا الشرفاء، رغم شحة الإمكانيات، وقلة الأدوات.. لكن يظل هؤلاء أصحاب إنجازات عظيمة في مواجهة الألة الضخمة التي تم توفيرها للمرتزقة والأبواق النشاز لأنظمة الخنوع.
قرأت منشور رائع لأحد الإعلاميين، وقد ذكر فيه رسالة من أحد أبطالنا المرابطين في ميادين القتال، والرسالة رغم قصرها، إلا أنها بالغة التأثير بما احتوته من مشاعر صادقة؛ حيث حث فيها بطلنا المجهول، كل من ينتمي للجبهة الإعلامية، أن يكونوا في مستوى التحدي والموقف، وأن يكونوا - كما يليق بهم - متحدين في وجه العدوان وأدواته. أما الكلمة التي هزتني شخصيا هي عندما قال بأننا عند حسن ظنهم (يقصد مقاتلينا الأعزاء) وثقتهم!
هذه الرسالة العطرة تفوق في صدقها كل شهادات التقدير التي يمكن لأي واحد منا أن يحصل عليها من أي جهة كانت، كما أنها تجعلنا نشعر بالخجل من كل المشاعر الأنانية التي قد نكون كتبناها أحيانا خارج إطار قضية أمتنا وبلدنا. أي نعم ربما قد تكون صادقة، ولكن قد كانت غير ملائمة، أو أن توقيتها غير مناسب، وهذا الأمر فيه الكثير من الغباء وتنكر للمسئولية الملقاة على عاتقنا!
أحيانا - بقصد أو بدون قصد - نحن لا ندرك أهمية دورنا، ونكتب دون وعي بأهمية وتأثير ما نكتب، وإذا بنا نوجه وعي الناس نحو قضايا جانبية، فنكون - بقصد أو بدون قصد - سببا في تشتيت مجتمعنا، وإذا بالناس يتلقفون منشور واحد لمئات المرات، حتى تصبح القضية الهامشية هي محل أهتمام الناس.. فهذا قال، وذاك يرد عليه، وذاك يؤيد، وهكذا هلم جرا!
المشكلة أن الكثيرين لا يعرفون مدى تأثيرهم، وقد يظنوا أن ما يكتبونه من (مصائب) مجرد منشورات بريئة، في حين أن تأثيرها - رغم قصرها - يفوق عشرات المنشورات التي يكتبها المرتزقة! ويكفي أن ندرك أهمية ما نفعله ونحن نرى الاعداء يعولون كثيرا على الحرب النفسية والإعلامية، وينفق عليها الملايين..
يا أعزائي، لا تبخسوا أنفسكم قدرها، فكل كلمة تصل للعشرات على الأقل، والعشرات ينقلونها للمئات والألآف، وإذا بنا أمام منشور تحول إلى ظاهرة! وهذا هو معنى توجيه الرأي العام، وكلما كان الكاتب متمكنا من التعبير سواء بالعامية او الفصحى، فهذا سيجعل ما كتبه يصل لعدد أكبر. وسواء كنت تكتب منشورا قصيرا أو مقال، فالأهم هو مدى قدرته على الأنتشار، وللاسف فإن الناس يميلون للكلام المثير أكثر من ذلك الذي يحتاج للتفكير والتعمق!
الخلاصة،
هو أن تكون لدينا اولويات؛ فالمسائل العامة قبل الخاصة، والأكيدة قبل المشكوك فيها، والهادفة قبل التافهة، والجامعة قبل الجدلية، والخير قبل الشر، والتوجيه قبل النقد... وهكذا. فلنجعل من منابرنا متارس وإن صغرت أو كانت قليلة الإنتشار، ولندرك بأننا نستطيع أن نكون مشهورين بالبذاءة والسقوط، ولكن ما الفائدة إذا كان هذا على حساب ديننا وأخلاقنا ومبادئنا ومستقبلنا؟!
واخيرا، أطلب منكم المسامحة لو أزعجتكم بكلامي، ولكن الصديق من صدقك، وأنتم كلكم أصدقاء وأعزاء.. ودمتم بود.
https://telegram.me/buratha