إسماعيل النجار ||
شروق الشمس يَمحو ظلام الليل ولكنه لا يمحو منطق أنه قبل الشروق كانَ هناك ليلٍ بالأمس ومضَىَ ليحل مكانه فجرٌ جديد، وتوبَة المجرم لا تُحيي اللذين قتلهم خلال تسع سنوات في اليَمَن ولا تُمحَىَ بتوبتهِ ذنوب مَن قتلهم في العراق وسوريا ولبنان وبورما ونيجيريا وداخل المملكة وفي الكثير من أرجاء المعمورة، إلَّا بدفع ثمن دمائهم التي حَرَّمَ الله إراقتها من دون وجه حق،
هناك عندَ الله لن يمُر أي شيء مرور الكِرام ولا بُد أن هناك يوم للإحتكام عند صاحب الجلال والإكرام، فمنذ اللحظات الأولى للعبور فوق السِراط المستقيم يبدأ الملوك والقَتَلة والسفَّاحين يهوون إلى أسفل جهنم وبئس المصير،
تسعَةَ سنينٍ من القتل والتدمير والحصار والتنكيل في الشعب اليمني لن تمحوها عِدَّة لقاءَات أو مجَرَّد وساطات أو توقيع إتفاقيات،
في المسألة اليمنية الوضع مختلف تماماً لأن عشرات ألآف الضحايا، وعشرات ألآف الجرحى والمعاقين، وعشرات ألآف الأرامل، ومئات ألآف الأيتام، ودمار تكلفة إعادة إعماره تتجاوز المئَتَي مليار دولار، وحصار وتجويع ثلاثين مليون لمدة تسع سنوات ليسَ من السهل على بِن سلمان تجاوز دمائهم واعتبارهم قَضَوا في زلزال طبيعي وأن ما حصل كانَ قضاء وقَدَر!
هنا في اليمن جريمة كبيرة ارتُكِبَت بحق البشرية يندىَ لها جبين الإنسانية جمعاء، إشترَكَ فيها أكثر من سبعةَ عشرة دولة على رأسهم ولي العهد السعودي ووالده،
إذاً لا إسلام خالد إبن الوليد يمحي عنه عاره في محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم في معركة أُحُد، ولا إزالة هذا الجبل كما يُخَطِط له بِن سلمان سيطفئ ويُمحي ذِكر تلك المعركة،
ولا إسلام أبو سفيان وزوجته يمسح دَم الحمزة عن كَفَّي هِند أو ينسينا ما فعلوه برسول الله وآلِ بيتِه من بعده،
ولي العهد السعودي يشبه الشيطان الروسي غريغوري راسبوتين الذي إرتدَىَ ثوب الرَهبَنَة ولعُبَ دور الطبيب وكانت نهايتهُ وخيمَة،
وهوَ يعرف (بن سلمان) تماماً أن نهايتهُ ستكون أوخَم من نهاية ملوك وأمراء وأباطرَة كُثُر على إمتداد الأرض إذ لَم يسارع إلى تصفير عدَّاد النزاعات من حولُه وإجراء مصالحات حقيقية وإعطاء كل ذي حقٍ حَقَّه، أي عليه تبرئة ذِمَّة آل سعود في ما خص دماء المسلمين ألتي أراقوها والأرواح التي أزهقوها على مدى مئَة عام خَلَت،
الوقت قصير هيهات أن يلحَق بن سلمان تصفير عدَّادهُ قبل رحيل سيدهُ الأميركي عن المنطقة، فهوَ إذا اشترىَ السلم والسلام مع جيرانه اليوم، لن يعود بحاجة إلى صواريخ باتريوت أميركية ولن يكون مضطراً لشراء مقاتلات حربية للدفاع عن نفسه لأنه سيكون بأمان،
وإن فعلها وصافحَ بن سلمان الجميع من حوله فإن أمريكا ستخسر الكثير من إمتيازاتها في الشرق الأوسط ، وستصدَأ صواريخها وأسلحتها في مخازنها لذلك مصالحة ولي العهد السعودي مع ذاته لا تناسب أمريكا ولا تناسب إسرائيل ولا يناسبهم بأن تكون ألمملكة كأغنى دولة عربية بالنفط والغاز وأكثرهم ثراءً على علاقة جيدة وممتازة مع جيرانها العرب والإيرانيين، لذلك سيكونون هم الشيطان الذي سيكمن في تفاصيل أي إتفاق بين الرياض وصنعاء أو طهران،
لذلك وَجَبَ على قيادة قصر اليمامة أن تعلَم أنَّ الوضوء في "الصين" لا يجيز لهم الصلاة في "اليَمَن" إذا لم يكُن هناك سماح ومسامحة فعلية من أهل الأرض التي سيسجدُ عليها التائبَ لله سلمان بن عبدالعزيز ووَلَدِهِ،
بالمختصر المفيد مشكلة السعودية مع اليمن علاجها في صنعاء وليسَ خارجها، وتبقى الدوَل والقِوَىَ الصديقة لأنصار الله عامل مساعد ومساند وليسَ عاملاً ضاغط ومَن يقول غير ذلك هوَ مخطئ وواهم،
فعلى القيادة السعودية أن تَتَبِع خارطة طريق مع اليَمَن خط سيرها يشير،
1/_إلى أن حكومة صنعاء هي حكومة شرعية وليسَت حكومة إنقلابيين،
2/_وأن حكومة هادي كانت حكومة منفى بدليل إقامتها مع رئيسها في فندق في الرياض خارج البلاد وهي لا تمثل الشرعية وهذا لا ينطبق على حكومة شرعية بتاتاً،
3/_إنسحاب كامل القوات الأجنبية من البلاد حتى آخر شبر من أرض اليَمَن،
4/_فَك الحصار وإطلاق سراح كافة المعتقلين لديهم ودفع التعويضات لذوي الضحايا وإعادة الإعمار،
5/_التعهد بإحترام سيادة اليمن وعدم التدخل في شؤونهِ الداخلية،
وغير ذلك فأن صوت محركات الأبابيل سيُسمَع من جديد في سماء المملكة والإمارات كصرير الصراصير في غرفة النوم وستؤرِّق مضاجعهم عن قريب،
*اليَمَن ينتصر.
بيروت في..
29/3/2023
https://telegram.me/buratha