عبدالملك سام ||
لقد انتصرنا على العدوان والمرتزقة في كل الجبهات، إلا أن هناك جبهة لم نستطع مقارعتهم فيها، ألا وهي جبهة السفالة، ولا سبيل للرد عليهم برأيي إلا إذا قبلنا أن ننزل إلى مستواهم، وهذا ما لن يقبله أي يمني يحترم نفسه.
من منكم لم يستمع لإغنية (الأضرطي) وهو يقلد الراحل "تمباكي"؟! لقد تقمص (الأضرطي) شخصية تمباكي حتى في غمزة عينية واعوجاج فمه، وما كان ينقصه فعلا هو أن يقول: "اجوما جوما".. أنا شخصيا لم يعجبني، ووجدت أن التقليد كان رخيصا، ولكن الإيقاع كان جيدا وتسبب في إنتشار الأغنية؛ كيف لا وهو ينتمي لجماعة مشهورة بالتطبيل وتقديس الطغاة على مر تاريخها.
التطبيل ليس بالأمر اليسير، بل يحتاج لقدرات خارقة؛ فالطبال لابد ان يكون ثابت الجنان، طليق اللسان، يجيد الرياء، وليس في وجهه حياء. والأخيرة بالذات هي ما تختصر على الطبال نصف المسافة ليحترف التطبيل، ولذلك فإن كوادر حزب (إصلاح) هم الأنسب كونهم تخلصوا من الحياء مع أول جلسة (إمتحان) لإيمانهم، كما ان قادتهم لا يبخلوا عليهم أبدا بالغطاء الديني الذي يجعلهم جريئين في الكذب والصفاقة.
تاريخيا، يذكر الكاتب (جون روبرت) في كتاب (العلاقات الخفية بين أمريكا والدول العربية) أن شيوخ الوهابية في السعودية أصدروا أكثر من 300 فتوى رسمية تدعم مشروع "الجهاد في أفغانستان ضد الإلحاد" الذي أقره مجلس الأمن القومي الأمريكي، والذي كان عرابه اليهودي (زبيغنيو بريجنسكي) مستشار الرئيس الأمريكي (جيمي كارتر).
وبالطبع أنطلقت حملات "التطبيل" الوهابية اليمنية يومها في حملات مجتمعية ومحاضرات "دينية" ومسارح شعبية تقدح في السوفييت "الملاحدة"، وهو ما تواصلت تأثيراته حتى حرب صيف 1994م بإعتبار أهل الجنوب إمتداد للشيوعية وليسوا يمنيين، وتم إجتياح وإستحلال الجنوب! وقد أدهش هذا النشاط الأمريكيين ما شجعهم فيما بعد لإنشاء "القاعدة وداعش" لإستهداف كل البلدان الإسلامية.
دور "التطبيل" يبعث على الإشمئزاز، وذلك أن الشخص الذي يقوم به يمثل دورا يشبه كثيرا دور البغايا؛ كون النفاق يعتبر عهرا ثقافيا، ونهايته وخيمة، فغالبا يتم مقت "الطبال" مجتمعيا بعد أن تتضح حقيقة الدور الذي يقوم به خدمة لأعداء شعبه، هذا بالإضافة إلى أن الخاتمة تكون أسواء من نفسيته الخبيثة، وقد ذكر التاريخ كثيرا من النهايات التي تعبر عن العدالة الإلهية، ويكفي أن النبي (ص) قال فيهم: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم، ويل له، ثم ويل له".
ختاما، يحكى أنه حدث في عصر المماليك الذين حكموا مصر أن ضرب زلزال البلد في أيام حكم الوالي (العبيدي)، فأنشد أحد الشعراء بيتا قال فيه: "ما زلزلت مصر من كيد ألمَّ بها .. لكنها رقصت من عدلكم طربا!"، فأمر الوالي أن يملأوا فم "الطبال" باللؤلؤ والذهب لفرط ما أعجب بهذا البيت الذي أصبح أشهر ما قيل في النفاق عبر التاريخ، والذي سيظل وصمة عار في تاريخ "المطبلين" على مر الزمان!
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha