عبدالملك سام ||
ماذا عن الحرب الدائرة اليوم على بلدنا؟! البعض قد أنطلق وهو يظن بنفسه خيرا، وراح يسلق بلسانه الذرب المدافعين عن البلد والحكومة والقيادة والمعارضة والشعب وجيرانه وحتى عابري السبيل الذين يمرون أمام منزله، فقط المنافقين لم يذكرهم بشر إلا لو أضطر لذلك لينفي عن نفسه تهمة النفاق فقط! أما العدوان والحصار فلا يمكن أن يتكلم عنهما أبدا كونهما برأيه مجرد شماعة لتبرير فشل الحكومة في إدارة الدولة! أي أنهما لا تأثير لهما بتاتا البتة!
كثر الحديث عن الفساد، والسؤال عن أين تذهب الإيرادات، وعن مصدر تمويل الفعاليات، وعن سبب عدم صرف المرتبات، وعن تعدد الزوجات، وعن الحفر في الطرقات، وعن أنعدام الزبادي، وعن.. وعن.. وعن... لكن أن يتكلم هؤلاء عن أحوال الجبهات، أو عما إذا كانت مستعدة ولا تنقصها الإمدادات لحسم المعركة، أو عن سبل مساعدة المناطق المحتلة التي تعاني أوضاعا مزرية، أو مناقشة تكثيف الحملات التوعوية المجتمعية لكشف خطورة العدوان وأهدافه المشئومة، فكلها أمور ما عادت تعني مدمني التذمر هؤلاء!
أنا لست ضد النقد البناء الذي يهدف لإصلاح الأوضاع، ولكن برأيي أنه لا الزمان ولا المكان ولا الأسلوب مناسبين للنقد، والأمر بدأ يخرج فعلا عن السيطرة حتى أن العدوان بدأ يتخلص من بعض أبواقه الإعلامية لعدم حاجته لهم، وتحول الإعلام الأمريكي والسعودي لمتابع ومتصيد لمنشوراتنا التي تنال من بعضنا البعض، وبين الحين والآخر يعطونا بعض التلميحات ثم يستريحون ويهم يراقبون الجدل الذي يدور بيننا وعلى وجوههم سيماء الأزدراء والسرور!
سأتكلم هنا عن الموضوع الرئيسي للجدل إختصارا للكلام، وحتى نفهم أننا نهرف بما لا نعرف، ونساهم بحسن أو سوء نية في جعل حياتنا أكثر سوءا، وحياة الغزاة أكثر راحة! فمثلا موضوع المرتبات الذي تدور حوله 90% من نقاشاتنا اللا منطقية، رغم أن هذا الأمر مما أكد عليه قادتنا بأنه الموضوع الأول على طاولة المفاوضات ليطمئن الناس، ورغم أن معركتنا مع الأراذل هي معركة حرية وأستقلال بالدرجة الاولى، ولكن للأسف نحن فرضنا على القيادة أن تجعل موضوع المرتبات أول الأوليات!
سكت الأكاديميون في الوقت الذي كان واجبا عليهم أن يتكلموا ويوضحوا للناس الحقيقة، ولم يتكلموا أن قيام حكومتنا بصرف المرتبات دون غطاء سيؤدي لزيادة التضخم وأرتفاع الأسعار، وأن الطريقة الأمنة الوحيدة لصرف المرتبات يجب أن تتم بعد دخول عملة صعبة من الخارج إلى خزينة البنك المركزي بصنعاء، وهذا هو السبب الذي جعل الأمريكيين يسارعون إلى السعودية لمنعها من صرف المرتبات التي كانت ستؤدي إلى تحسين الأوضاع في المناطق الحرة.. فلماذا لم يذكروا هذا الأمر للناس؟! أين عباقرة الأقتصاد الذين لا يتكلمون بطلاقة إلا عندما تحدث الكوارث؟!
وعلى هذا الأمر فلنقس باقي الأمور، والمشكلة أن الناس لا يتكلمون إلا في الأمور التي يجهلونها، وبكل ثقة! توجهنا الرئيسي يجب أن ينصب بالدرجة الأولى على العدوان والمعركة القادمة خاصة والأمريكيين قد بدوا بوجوههم الممتقعة الكريهة أكثر فأكثر، وهذا ما يجعل أستقرار جبهتنا الداخلية أمر هام وملح أكثر من أي وقت مضى.. أما مواضيع الفساد والتجاوزات والمعاناة فلدينا كل الوقت للحساب مع المنافقين واللصوص بعد أن نصفي حسابنا مع من يريد أن يحتلنا ويستعبدنا ويسومنا سوء الحساب.. الله الله في بلدنا، والله الله في شعبنا، والله الله في أنفسنا.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha