منتصر الجلي ||
لكم قرأنا في صحف الثقافة وكتب الأدب من نصوص الثورات التي خلدها الإنسان في كل عصرٍ وحِقبة، مع فروق زمنية ومكانية.
ولكم وقف أولئك الأُدباء الذين سطَّرُ ملامح تلك الانتصارات وأشكالها، من أيدٍ الغُزاة والمستعمرين، مروراً بعصر النهضة ودخول الآلات الحديثة وبروز الصحافة على مستوى بُلداننا العربية، التي كانت في ظل الاستعمار الفرنسي والبريطاني، وتلك الوقائع التي عاشها معظم شعراء أُمتنا الأبرز في مرحلة التحرر، كأمير الشعراء أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومحمود درويش، وإيليا أبو ماضٍ وأبي القاسم الشَّابي، وشاعر اليمن الكبير عبد الله البردُّوني، وغيرهم ممن رسموا لوحة التحرر ومعاناة المجتمع العربي آن ذاك والقضية الفلسطينية وآمالها العظيمة، وها هو اليوم يُعيد التاريخ نفسه ويقف شعبنا اليمني أمام لوحة يمانية أصيلة، لوحة ثورية سبتمبرية انطلق الشعب لرسمها قبل تسعة أعوام من اليوم، حين انتصرت العدالة وتحقق أمر الله.
أيلول شهر الثورة؛ تلك الثورة التي خرج فيها الشعبُ وبيده شعلة الأمل، يقوده قائد لا يُهزم أو يتوانى للذل، قائد أطلق شعار الثورة وتحذير المساومة، ومن خلفه شعب عظيم لا يُقهر.
أجل تسعة أعوامٍ مُذ فجر الثورة التي عاش شعبنا تفاصيلها بين الرصاص والدماء، تحت المخيمات وحرارة الرمضاء، تسعة أعوام والحرية تعانق صنعاء المقدسة، ثورة جاءت من رحم المعاناة وآنين المظلومية، ثورة حققت للشعب صورة تجلَّى في السماء بيرقها، شعاعا تعانقه الشمس كل صباح تبعث نوره سلاما وكرامة وسيادة.
في تلك المرحلة الحرجة من مصير الشعب كانت أقوام السلطة المتهالكة تتهاوى بين أقدام المستعمر الجديد، الأمريكي والسعودي والإسرائيلي، تهاوٍ يقود أبناء البلد للهاوية الكبرى، في الدنيا والآخرة، هاوية من الفساد، والبطالة والتجويع، والتكفير والموت البطيئ، هاوية من الجُرعي المميتة التي كانوا آن ذاك يحقنونها كادوية مميتة لأبناء هذا البلد...،
وفي أغسطس من العام نفسه2014م، شاء الله أن يعلوا صوت الشعب فوق صوت كهنة السلطة، مُنادين على السيد القائد: عبد الملك بدر الدين الحوثي، النجاة النجاة، في تفويض شعبي خرجت له الملايين ينادون الحرية،
من آكام وجبال اليمن العالية، حينها تجلت عزة الله، وعزة السيد القائد، فخرج في الناس منادياً" أن هبوا إلى مافيه نجاتكم وخلاص أمركم في الدنيا والآخرة" وحقا جاءوا من كل واد وجبل، من بين يأسهم خرجوا إلى صنعاء وجهتهم، وأنفسهم على أكفهم، شباب وشيوخ وأطفال، مشهد تهتز له الأبدان شموخا وكرامة، جميعهم يقصدون حرية طالما فقدوها لعقود خلت، على جوعهم حزموا الحجارة، يحثون الخطى على مشارف العاصمة وأمام أبوابها وهي أمهم الحنون مكبلة بين أيدي طغاة كبلوا يديها لعقود، ينظر الجميع الآلاف الملايين، يصرخون في وجه المستكبرين، تتهاوى عروش أمريكا ويرحل الشيطان بسفيرها خارج البلد مطرودا مدحورا، والحشود تزأر كأسود أرسلها الله للنجاة.
وما هي غير أيام وصنعاء تحتضن أبناءها الوافدين يفتحون أبوابها مكبرين ساجيدن لله، يخلصونها من شرذمة الفِرق وعائلات الموت، ويلوذ الشيطان وجنده فارين من بأس الحقيقة، إلى حضن قرن الشيطان. وعاصمة الجمهورية اليمنية تتنفس الصُعداء، حرية واستقلال طالما فقدتهما طيلة عقود خلت، وحقا كان الحادي والعشرون من سبتمبر يوماً مجيداً حرر الإنسان، وصنع المتغيرات، وحمى السيادة، وأعاد للبلد مقامه بين الشعوب، صنع وابتكر، انتج وطور، قدم العظماء في سبيل الكرامة، أزال الفساد وأعاد القُران، يوم جدد للنفوس مُحيَّاها، يوم جعل صنعاء تعانق الأقصى، ورسم صورة فلسطين في قلب كل يمني حر شريف.
فالسلام على يومك سبتمبر.
والسلام على السيد القائد.
والسلام عليك شعب مناصر ومجدد.
والسلام على الحرية في عليائِها.
والسلام على كل نفس وقفت ناظرة حتى تحقق وعد الله.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha