المقالات

الاعلام الوطني منابر محتلة /

534 20:15:00 2012-04-22

حافظ آل بشارة

لم يكتف ساسة هذا البلد باحتلال الصدارة في مثلث السلطة والمال والقوة ، بل ذهبوا ابعد من ذلك عندما احتلوا الاعلام وهيمنوا على وسائله بحجة انهم صانعو الاخبار ، السياسة بحراكها اليومي ليست هي قوة التغيير الاجتماعي في اي بلد بل وظيفتها تقديم الخدمات والحماية للناس ، والعاملون في السياسة ليسوا دائما قدوة انسانية ، هم كبقية الناس فيهم الصالح والطالح ، القدوات هم العلماء والمفكرون والحكماء ورموز العدل والعطاء في الحياة ، لذا فالحضور الاعلامي المفرط للنواب او الوزراء لا مبرر له ، ومن يتذرع بتمثيل شريحة او طائفة او قومية فليراجع نفسه ، اذ لا يوجد اسلوب لتمثيل الناس غير الانتخاب ، وهو مصدر الشرعية ، وهو نقيض للوصاية المسبقة ولا يجتمعان في نموذج سياسي واحد ، فأما الانتخاب واما الوصاية ، بعض الساسة في العراق يريد الجمع بين الاثنين وهو مستحيل ، مفهوم الوصاية الطائفية او العرقية ليس مفهوما ديمقراطيا ويؤدي الى الغاء رقابة الامة على الدولة والاحزاب ثم استعبادها ، وعندما يعمل الساسة خارج دائرة رقابة الشعب يبدأ الصراع والتمييز واستخدام العنف فيما بينهم ، كان الشعب دائما على عكس الساسة مصدرا للقيم الايجابية ، ولم يمارس عبر تأريخه التمييز الطائفي او العرقي ، الساسة هم مصدر المشاكل ، ينبغي ان تكون القوى السياسية تابعة للشعب وليس العكس ، لا ان تحتل مكانه وتصادر قراره وتكتم انفاسه ، وهذه المفارقة تثير اسئلة حول شرعية البرلمانات التي تنشأ في اجواء الوصاية ، يجب ان تبقى العلاقة بين الشعب والبرلمان علاقة نيابة وتمثيل ، اما الوصاية فيمكن ان تفجر تناقضا بين اهداف النواب واهداف الشعب الذي انتخبهم ، سيشعر الناس ان مشاريع وازمات البرلمان لا تعنيهم ، فيتأسس خطاب شعبي غير منشور وغير مسيطر عليه ناقد وساخط وغاضب وعشوائي وتختلط فيه الاشاعات بالحقائق ، هناك من يستغل الأزمة فيدعي ان الحكومة مظلومة ومجلس النواب هو المقصر ، والحقيقة ان التمييز بين الحكومة والمجلس في تحمل المسؤولية امر غير ممكن لسبب بسيط هو ان الحكومة منبثقة من مجلس النواب ولا تمييز بينهما ، ولم يرتبطا في وحدة النشأة فقط بل اصبحا ساحة مشتركة للأزمات فاذا اندلعت الأزمة في البرلمان تكررت بشكلها ومضمونها في الحكومة وبالعكس ، ولان الصراع القائم لا علاقة له بمصالح الشعب ، ولان النوايا الحسنة غير مضمونة اذن لا يحق لاطراف الصراع ان ينتقدوا سلطة ويبرئوا اخرى ، ومن يتابع الملفات الحالية يجد كيف ان المعارك تعقدت وازدادت ابتعادا عن مصالح الناس واستولت على وسائل الاعلام . هذا لا يعني ان الاعلام بريء ومظلوم في هذه الازمة ، بل تقع عليه مسؤولية وقد عجز قصورا او تقصيرا في مواقف كثيرة ان يتصرف كسلطة رابعة ، اصبح الاعلام الوطني مجرد منابر لخطاب التأزيم واستعراض العضلات بين المتخاصمين الذين يقتسمون وسائله ، ربما السبب هو ان اغلب وسائل الاعلام الحالية تابع للاطراف السياسية وتموله ، او ان بعضها نشأت مستقلة اولا ثم جرى تركيعها لاحقا بالمال والقوة ، احدى وظائف الاعلام الجماهيري بلوة المجتمع المدني والتبشير به وابرازه وتعريفه ، المجتمع المدني تعبير حديث عن شعب غير مقسم وغير مؤدلج وهو بالتعبير التقليدي (امة حزب الله) المنتمية الى الله وحده وان اختلفت الاديان والطوائف ، وينشأ المجتمع المدني بقوة وتماسك الاهالي وارادة الاندماج والتعايش التأريخي الذي معناه صياغة مفهوم المصالح الاجتماعية الموحدة ، ورفض محاولات الوصاية الطائفية او الحزبية ، وتنمية مفهوم الامة الجامعة والقيادة الجامعة ، المصالح بطبيعتها محايدة وبسيطة التعريف وواضحة المعنى وحقوق الانسان واحدة لا تتجزأ ، يجب ان يكون الاعلام منشغلا بهذه المضامين التغييرية لانه ممثل الامة ، لأنه الوسيط بينها وبين السلطة ، لأنه وسيلة الاتصال والحوار والتواصل بين الناس ، لأنه مصدر المعرفة المتاح بلا تمييز . لذا نحلم مثل بقية الشعوب الديمقراطية في الارض ان نؤسس وسيلة اعلام يمولها الشعب بطريقة ما وينتدبها للتحدث باسمه والمناداة بحقوقه .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك