خميس البدر
مع قصر التجربة الديمقراطية في العراق وعمليته السياسية الوليدة والناشئة من عمق معاناة الشعب وهموم المواطن ورغباته وأمانيه وأحلامه وعلى أنقاض أعتى دكتاتورية ونظام شوفيني في العصر الحديث، مرت السنوات التسع بتجارب قاسية ومزالق خطيرة وتعرضت لهزات متتالية تكفي كل واحدة منها ان تزيل نظام ثابت ومستقر فمع تكالب الإرهاب ومؤامرات أذناب البعث وأيتامه وتحالفهما في إدخال العراق وشعبه في أتون الفتنة الطائفية وتدخلات دول الجوار إلى الاحتلال وسياسته الخاطئة وضغوطاته على الحكومات المتعاقبة ومحاولته الهيمنة على القرار العراقي إلى سوء الأداء الحكومي، وتدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، وأخيراً وليس آخراً الخلافات السياسية والتنافس على المغانم والمكاسب وعدم التنازل، كلّ هذه العوامل والأمور وتفاصيل أكثر وأمر و أقسى مرت على الشعب العراقي وعمليته السياسية ومازالت مستمرة، وأجريت جولات متعاقبة من الانتخابات من اجل الحياة والعيش بأمان وسلام حالهم حال الشعوب الأخرى وشارك من شارك وتحفظ من تحفظ وقاطع من قاطع، وصمد العراق وثبت الشعب وتحقق الانجاز اليوم ومع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات واستحقاقات أخرى ومع الخلافات الموجودة والمشاكل المبررة وغير المبررة والأزمات المفتعلة والواقعية تظهر أصوات نشاز بإلغاء الانتخابات او عدم أجرائها او التحايل في التوقيتات، ولعلّ بوادر هذه التوجهات لاحت مع اعتقال واستهداف رئيس المفوضية وبعض شخوصها وازدياد الضغوطات عليها وحتى التمديد لعمل المفوضية لثلاثة أشهر تخفي ورائها نوايا مبيتة وبات الأمر وكأنه مزاج الشخصية الفلانية ورأي الكيان الفلاني وميول الكتلة (س) واجتهاد التحالف (ص) وكأنهم يتعاملون بلعبة أو تراشق إعلامي أو برنامج يظهرون فيه قدراتهم الكلامية وثقافاتهم وبرامجهم السياسية الخفية والتي لم نرَ منها شيء على أرض الواقع، ونسوا ان هذه العملية السياسية صبغت بدماء الأبرياء وإرادة العلماء وجهود المخلصين، وتناسوا حديث المؤسسات الدستورية والمرجعية القانونية والفصل بين السلطات، إنّ الأزمة السياسية الحالية هي أزمة افتراضية وهميّة مبنيّة على أهواء شخصية فلا تنعكس على مصير الأمة وآلام الشعب وان الانتخابات خط احمر لا نقبل ان يتخطاه أيّاً كان ومن أيّ توجه وتحت أيّ ظرف، كلمة قلناها لا عودة إلى الوراء والى حسابات المراحل السابقة، وإذا تناسى الجميع كلّ تلك التضحيات وتناسوا كلّ الدماء والتضحيات فلا اعتقد بأنهم يتجاهلون ذلك الطود الشامخ والحصن الحصين المتمثل بالمرجعية العليا فهي صاحبة الفضل الأكبر وهي وان وقفت على مسافة واحدة من الجميع وان تركت أمور إدارة الدولة والحكومة للسياسيين وكم أوصت ودعت لحل الأزمة السياسية الراهنة لكن دون جدوى فهي قادرة ان تقلب الطاولة على الجميع والشعب ينتظر كلمة او إشارة من المرجعيّة الشريفة والسياسيين قبل غيرهم يعرفون من هي المرجعية وماذا تعني كلمة واجب على المكلف ان يفعل كذا فيا سياسيينا المبجلين لا تقتربوا من الخطوط الحمر، وكرسوا جهودكم لحل خلافاتكم ولا تدخلوا الانتخابات في مهاتراتكم الإعلاميّة وتصريحاتكم النارية وكونوا أوفياء لتلك الدماء والتضحيات والتي قدمت لتكونوا في هذا المقام والمكانة فانتم خائفين من نتائج الانتخابات القادمة لما تسببتم فيه من خيبة أمل للناخب أو لا تدرون ماذا تفعلون بعد ان انتهت كل حججكم وكشفت كلّ أوراقكم وإذا كنتم لا تدركون ولا تفقهون ما تقولون حتى الآن ... فانا لله وأنا إليه راجعون.
https://telegram.me/buratha