الشيخ حسن الراشد
للوهلة الاولى قد يبدوا ان الامر شيئ من المزحة الثقيلة او ان يكون من نسج الخيال في ان يتم تشكيل مثل هذا التكتل "الغريب والعجيب" الذي يجمع الاضداد ولمواجهة دولة واطراف قد تكون للبعض صديقة ولاخرى عدوة ولكن لو عرفنا السبب بطل العجب ! لربما ان الذي يجمع الاصدقاء اليوم هو المصالح وان هذه المصالح هي التي تجمع وتفرق واذا تعرضت مصالح طرف من الاطراف للخطر ولتهديد الزوال وعلموا ان السبب هي تلك الصداقات فان من الامور المسلمة ان تنفرط عقد الصداقات ويلجأ كل طرف الى حماية مصالحه بغض النظر ان كان هذا الصديق وفيا او مقربا او حتى ملائكيا! والقاعدة المعروفة تقول "رب صديق اليوم يكون في الغد عدوا! ورب عدو هو في الغد صديقا"!
لامريكا في المنطقة مصالح جمة وان هذه المصالح لا يمكن الحفاظ عليها باستمرار الصداقة فقط مع اسرائيل ‘ او تكون هذه الاخيرة هي من تحمي مصالح الغرب والولايات المتحدة في المنطقة ‘ بامكان الامريكان والغرب ان يضمنوا مصالحهم في المنطقة دون اسرائيل وهذه الحقيقة قد جربها الغربيون بانفسهم قبل قيام دولة اسرائيل بمئات السنين فاذا رجعنا الى ارشيف التاريخ قبل قيام الدولة العبرية وتصفحنا بعضا من صفحاته لاكتشفنا ان الغربيين وخاصة البريطانيين والبرتغاليين وغيرهم كانوا متواجدين في المنطقة وكانت مصالحهم مضمونة رغم الكثير من الاخطاء التي رافقت ذلك وما ر افقه من تجاوز المواثيق الدولية وخرق سيادة الدول والبلدان الا ان الغربيين استطاعوا من دون اسرائيل وباقل الحروب ان يحافظوا على مصالحهم ولولا نزعتهم الاستعمارية وميلهم للهيمنة والاستحواذ في ذلك الوقت على خيرات الشعوب ورفضهم اشراكها في العملية السياسية وادارة البلاد لكانت المنطقة باسرها في امن وامان واستقرار تام دون وقوع ثورات ولا حروب تحررية‘ رغم كل ذلك الا ان نسبة الحروب و الاضطرابات كانت اقل بكثير مما نشاهده اليوم وما لمسناه بعد قيام دولة اسرائيل حيث ان عوامل النقمة والغضب والكراهية يشجعها وجود الدولة العبرية ونزعتها الفتنوية والعدوانية .
الاعتقاد السائد اليوم ان اسرائيل تشكل االيوم احد ابرز عوامل التوتر واللاستقرار في المنطقة وان اسرائيل هي من تغذي نار الفتن وهي من تمد يد العون والحياة للمتطرفين الاسلاميين عبر سبل عدة وقنوات مختلفة ‘ وان المتطرفين وخاصة اتباع الوهابية والقاعدة يعتمدون بالدرجة الاولى على اسرائيل لاذكاء الفتن ولضرب مصالح الغرب وامريكا كي تبقى المنطقة في توتر واضطراب وكي يبقى الحكام المستبدين يستمتعون بعروشهم وتسلطهم على الشعوب وهذا الامر هو ما يفسر احجام التطرف الوهابي والسلفي عن استهداف دولة اسرائيل ومصالحها فيما مصالح الغرب وامريكا تتعرض باستمرار للتهديد والخطر على ايدي اؤلئك المتطرفين ‘ فهل شاهد العالم يوما ان الوهابيين والسلفيين وحتى اتباع القاعدة الارهابيين قد قاموا بعملية ولو واحدة ضد اسرائيل او انهم استهدفوا جنديا اسرائيليا ؟! فيما المصالح الامريكية والغربية تتعرض باستمرار للخطر والضرب على ايدي هؤلاء‘ وليس ادل على ذلك هو ما حدث في 11 سبتمبر حيث استهدفت امريكا ومواطنيها الابرياء لاكبر عملية ارهابية على ايدي المتطرفين السعوديين وحلفائهم فيما عواصم الغرب مثل مدريد ولندن وباريس واستكهولم قد تعرضت لهجمات دموية ارهابية كبيرة وكان منفذيها هم السلفيون والقاعدة وحملة الفكر الوهابي المتطرف‘ ولم نسمع ان قتل اسرائيليا في كل تلك العمليات الاجرامية والارهابية وقد كان الضحايا كلهم غربيون وامريكيون مسيحيين ومسلمين ‘ وهذا ان دل على شيء فان يدل على ان الغرب وامريكا اصبحا ضحايا التطرف "الوهابي الاسرائيلي" وان المنطقة العربية تحولت الى ساحة تصفية حسابات مع الغرب وامريكا فيما الاسرائيليون والوهابيون وخاصة مملكة ال سعود ليس فقط في مأمن من ذلك بل يساهمون بالمال والسلاح في تغذية التطرف واشعال الحروب والفتن وضرب مصالح الغرب وامريكا اما بشكل مباشر او بشكل غير مباشر .
في الاساس التطرف والارهاب مصدرهما الاساسي هو "المدرسة الوهابية" و "المدرسة الصهيونية" ولذلك لنرى ان من المفيد للعالم غربا وشرقا ان يتم ايجاد تكتل جديد يجمع المعتدلين حقا ومضمونا وليس شكلا ‘ ان من يقول ان ال سعود او حكام الخليج هم معتدلون فهو واهم ‘ ان من يمول التطرف والارهاب هم السعوديون والخليجيون اي انظمتهم المستبدة ولنا وفقة في مقال اخر لهذا الموضوع كي نعرف من هم حقا متطرفون ومن هم المعتدلون ؟
هذا التكتل يمكن ان يكون بديلا عن التكتل اللاعقلاني القائم اليوم والذي يجمع كل المتطرفين وانظمتهم الفاشية والطائفية في حلف غير معلن مع اسرائيل ‘ الاحداث في سوريا اثبتت ان المعتدلين هم المتطرفون وهم من يمولون الارهاب والتطرف في المنطقة وان العقلانية غائبة عن منطقهم وهو ما يفسر بنفسه لماذا دولة مثل السعودية التي تفتقد لابسط قواعد احترام حقوق الانسان وفاقد للديمقراطية تضع يدها بيد المتطرفين واسرائيل من اجل البقاء في الحكم والهيمنة ولا تهمها مصالح امريكا ولا مصالح الشعوب وما يهمها هو فقط البقاء لفترة اطول على عروش التسلط والارهاب والتطرف ..
العقلانية نلمسها بوضوح في قادة العراق وقادة ايران وحتى السوريين اثبتوا في ما يسمى "الربيع العربي" انهم اكثر عقلانية من دول تدعي العقلانية والاعتدال فيما هي تمارس افعال المجانين والمتطرفين وتغذي ظواهر الراديكالية الدينية والارهاب..
من هنا فان على الامريكيين ان يعوا ان بقاء مصالحهم لا يمكن ارتهانه بالتحالف مع اسرائيل والسكوت على ما تفعله هذه الدويلة وشركائها واذنابها من الحكام السعوديين والمتطرفين الوهابيين والظلاميين فهم يعرضون مصالحهم ومستقبل كافة الغرب لخطر ليس الزوال فحسب بل افساح المجال لحكم ديني سلفي عثماني وهابي متطرف يسود كل المنطقة عواقبها وخيمة على الجميع واول المتضررين هم الامريكيون ‘ لذلك نعتقد ان مصالح امريكا باقية مع مصالح الشعوب والتكتل الجديد الذي يجمع دول مثل "ايران والعراق وسوريا" ‘ وزائلة فيما استمر الاعتماد على حلف الاعراب واسرائيل .
https://telegram.me/buratha