حافظ آل بشارة
العراق في أزمة والجميع يبحث عن حل ، لكن معرفة الأزمة نصف العلاج ، لا نمتلك توصيفا موحدا للأزمة ، الفشل في وحدة التوصيف ادى الى ارتباك في ترتيب اولويات الحل ، فما تراه انت اولوية يراه الآخر اقل اهمية ، النقد الذي يوجهه الساسة او الاعلاميون الى الوضع القائم نقد مبعثر ، كل ناقد يملك جزء من الحقيقة ، وكل منهم اسهم في رسم جزء من صورة المأساة ومن يجمع تلك الاجزاء سيخرج بصورة متكاملة واضحة بسيطة المظهر مؤلمة المخبر ، ومن يتولى هذه المهمة عليه تحديد الاطار الخارجي قبل جمع الاجزاء ، اطار افتراضي ملخصه سؤال : هل ان العراق دولة حقيقية ام افتراضية ، يقول التعريف المختصر للدولة أنها تتكون من ( وحدة الارض ، وحدة الشعب ، وحدة السلطة ، وحدة السيادة ) اذا اثبتنا اننا دولة يمكن اعتبار مشاكلنا مشاكل دولة قائمة والدولة تستخدم آلياتها الواضحة لحل مشاكلها ، واذا اكتشفنا اننا نعيش مرحلة ما قبل الدولة فهذا يعني ان لدينا مشكلة واحدة هي اننا لم نؤسس دولة بعد ، اذن فلنستعرض عناصر الدولة المذكورة اعلاه ، هل لدينا ارض موحدة ؟ عندما تكون الوحدة الجغرافية مهددة وكل يوم يظهر طرف ينادي بالانفصال وطرف يريد انفصالا ايضا تحت غطاء فدرالي فهذا يعني ان دولتنا تفتقر لوحدة الارض او ان وحدتها الترابية قلقة ، هل لدينا شعب ؟ الشعب ليس مجموعة أناس يعيشون في مكان واحد بل هي الأمة المتماسكة القادرة على بلورة اهداف موحدة وشخصية حضارية موحدة واندماج تأريخي ووحدة ثقافة ، وعندما يكون الشعب متأثرا بهلوسة بعض اصحاب الطموحات ومستعدا للانقسام الى شعوب كل منها يسير خلف رمز مختلف وتطلعات مختلفة فهذا يعني فقدان وحدة المجتمع . هل لدينا سلطة كأهم عنصر في الدولة ؟ سلطة الدولة يجب ان تكون قادرة على فرض القانون في كل شبر من البلد لكن السلطة التي تحكم في اماكن وتتخاذل وتنتهي سطوتها في اماكن أخرى ليست سلطة دولة ، ثم ان الدولة لديها علم موحد على الاقل ، اما ان تكون للدولة ثلاثة اعلام فهي ليست دولة ، علم بلا نجوم يرفع في مكان ، وعلم بنجوم في مكان آخر ، وعلم ثالت يختلف عن الاثنين ، الدولة تعني وحدة الجيش ووحدة التمثيل الدولي والوحدة الامنية وهذه ايضا مفقودة ، عندما ترتبك عناصر تكوين الدولة تنتهي شخصيتها ويصبح البلد اقواما هائمة وكيانات متناحرة ، ثم تمتد حمى التفتت الى كل مكان ، يقال هناك مؤامرة تريد ان يبقى العراق على هذه الحال من القلق والتناحر والضياع حتى يبلغ به العذاب مرحلة يرى فيها ان التقسيم هو الحل ، فيحدث التقسيم ويعيش كل اهل دويلة في دويلتهم عيشة سعيدة ، بينما يقول آخرون ان العراق ليس بحاجة الى متآمرين ويكفي ان يترك لطموحات بعض مرضاه المحليين لكي ينهار ، يبدو ان خيار الشعب العراقي هو الوحدة ، ودعوات التقسيم والانفصال دعوات يتبناها اشخاص وليست هي برنامجا سياسيا لأي مكون اجتماعي او سياسي ، بينما يقول فريق ثالث ان هذا البلد يحتاج الى سلطة قوية واثقة مقدامة تواجه بالقوة العادلة الدستورية المقننة كل من يريد تمزيق الدولة ومصادرة سيادتها والشاعر يقول : (تعدو الذئاب على من لا كلاب له - وتتقي مربض المستنفر الحامي) ، والله اعلم .
https://telegram.me/buratha