خضير العواد
لعبة المرجعية الدينية أدوار مهمة وحساسة في تاريخ التشيع بشكل عام والعراق بشكل خاص ، فالدور الشرعي الذي خصت به المرجعية من قبل الأمام الحجة بن الحسن (عج) قد أعطاها مساحة واسعة للعمل من أجل حفظ المصلحة العليا للإسلام والمسلمين ،فقد كانت المرجعية الدينية صمام الأمان للمجتمع المسلم وهي التي أخمدت نيران الحقد الطائفي في أغلب الأوقات من بدايات ولادتها وحتى هذه اللحظة ، فهذا هو الشيخ المفيد قد قضى في كثير من الأحيان على المعارك الطائفية التي كانت تحدث في بغداد مدعومة من السلطان السلجوقي ولكن حنكة وذكاء و يقظة الشيخ قد غيّر الأحداث وحفظ الناس وأموالهم من الهتك والدمار ، وهذا العلامة الحلي يخاطر بنفسه ويذهب الى هولاكو قائد المغول من أجل الحفاظ على دماء المسلمين في مناطق الحلة وما حولها ، وهذه المرجعية الدينية التي ضربت أعتى قوة في العالم التي كانت لا تغيب عنها الشمس وجعلتها تنسحب القهقري من إيران بفتوى واحدة من الميرزا حسن الشيرازي وجعلت ملكة بريطانيا في ذلك الوقت فكتوريا تحاول وتسترجي السيد حسن الشيرازي من أجل سحب الفتوى ولكن دون جدوى ، لأن مراجعنا الذي يوجههم هي مخافة الله ومصالح العباد وليس المال أو القوى ، وهذا الدستور الإيراني لم يثبت إلا بوجود هذه المرجعية التي جعلت الشاه يضعف ويجبر على الإستجابة لمطالب الخط المرجعي المتمثل في ذلك الوقت بالشيخ محمد كاظم الخراساني صاحب الأوصول وهذا السيد محمد علي الطبطبائي المعروف بالسيد المجاهد الذي يوقف الزحف الروسي بأتجاه إيران ، وهذا الشيخ محمد تقي الشيرازي قد أفزع القوة العظمى الوحيدة في ذلك الزمان بقيادة ثورة العشرين العظيمة التي جعلت البريطانيين يغيّرون طريقة حكمهم للعراق وأستجابوا لك مطالب الشعب ، ولكن غياب العقول السياسية والثبات على المبادئ هي التي فتحت الباب للإنتهازيين من إستغلال الفرصة وسرقة كل مكاسب ثورة العشرين ،وبسبب مكانتهم الكبيرة عند الحكومات فقد حاولت هذه الحكومات من سلجوقية وبويهية وصفوية وعثمانية الأستفادة من ذكاء وعدالة وتقوى العلماء في حل المشاكل مابين هذه السلطات وبالفعل قام العلماء بدور مهم جداَ في حل الكثير من المشاكل وتصفيت العلاقات ونشر السلام ما بين المسلمين ، وبسبب الدور الفعال والمهم الذي يقوم به العلماء والشعبية الكبيرة التي يحضون بها ، جعل جميع القوى الكبرى في العالم تحترم هذه المرجعية وتقدم لها كل الأمتنان والأحترام على مواقفها العادلة من جميع القضايا الإنسانية ، فهذا السيد محسن الحكيم قد تحدى الحكومات الجائرة التي كانت تضطهد الشعب الكردي من خلال تحريمه مقاتلتهم والأستحواذ على أراضيهم وممتلكاتهم ، وهذا التغير الكبير الذي حدث في العراق عام 2003 وما رافقه من إنجازات عظيمة مثل كتابة الدستور والإنتخابات لم تنفذ وتنجح إلا بوجود السيد السستاني حفظه الله الذي كان بالفعل صمام الأمان للعراق و العراقيين والذي ساعد في كثير من المواقف في إقاف إراقة الدماء ونشر السلام ، حتى أجبر الأعداء على الأشادة بمواقفه العادلة والمتزنة التي تعتبر من أهم الأسباب التي ساعدت على هذه النجاحات والإنجازات في العراق .ولكن الشئ المؤسف في هذه الايام نلاحظ برود العلاقة ما بين المرجعية والطبقة السياسية وخصوصاً الحكومة ، ولكن هذه الإنعطافة في العلاقة مابين الحكومة والمرجعية يتحمل مسؤوليتها بشكل كامل كل من يتصدى ويشترك في الحكومة ، لأن الأداء الخدمي السئ الذي تقدمه الحكومة للشعب أدى بهذا الموقف من المرجعية التي تعتبر نفسها أب رحيم لكل طبقات المجتمع وهي ترى أبناءها يعانون من سوء الخدمات على طول هذه السنين ، وهي التي قدمت النصيحة تلوا النصيحة ولكن لا حياة لمن تنادي وأخر الطرق التي تستعمل في النهي عن المنكر هي الصمت والرفض بالقلب وهذا ما تفعله المرجعية ، وبسبب هذا الموقف وعدم تقدير موقف المرجعية الحساس الذي يعتبر الوسيط والممثل الحقيقي والأبوي مابين الشعب و الحكومة ، جعل بعض السياسين يخرج عن المألوف ويصرح بكلمات ينتقد فيها المرجعية بسبب عدم تدخلها أو أعطاء رأيها في بعض المشاكل بشكل يرضيه ، السؤال الذي يطرح نفسه لماذا أتخذت المرجعية هذا الموقف؟؟؟ ألستم أنتم يا سياسين الذي تأتون اليوم وتنتقدونها على هذا الموقف قد رسمتم وخططتم له ، لكي تتهربوا من رقابة المرجعية العادلة ،فإذا أردتم بالفعل أن تتدخل المرجعية كما كانت في حل المشاكل وجعل الحياة السياسية أكثر أستقراراً وبعيدة عن المفاجئات التي لا يحمد عقباها ، يجب أن تعملوا بتوصياتها التي تهدف جميعها في حفظ المصالح العامة للشعب ، وتقديم الخدمات بشكل يرضى عليه الناس لكي تبتعد المرجعية من إنتقادات المواطنين وهم يشاهدون المرجعية التي تستقبل السياسين الذين لا يهتمون بهموم المواطنين ، بعدها يجب التوجه إليها وتقديم الأعتذار لها بسبب عدم الأكتراث بأغلب أرشاداتها الأبوية التي قدمتها والتي تصب جميعها في مصلحة الجميع من سياسين وشعب بجميع طوائفه وأقلياته ، ومن ثم الجلوس معها وشرح لها كل الإشكالات ومن أجل إطلاعها على حقيقة الأشياء ومن ثم أنتظروا منها الموقف المنقذ والرأي السديد لهذه المشكلة التي أعيّت السياسين ، أما إنتقادها وإساءة العلاقة معها أكثر وأكثر كله يصب في مصلحة الأعداء والذين يتربصون بالعراق كل سوء ، وهل من العقل إدارة الظهر الى قوة كبيرة يهابها الجميع ويحترمها الجميع وتعتبر الزر الذي به تحرك الشارع بأسره ، الجهات الأخرى تفتش لكي تجد بعض العوامل التي تساعدها من أجل الضغط أو الأبتزاز من أجل الحصول على بعض المكاسب ، وبعض سياسينا يريدون ضياع أكبر قوة على الساحة العراقية وأكثر قوة لها تأثير واقعي وقد أثبتتها التجارب العملية التي هزت العراق لولا المرجعية ، لذا من التعقل والحنكة السياسية أن تكسر جميع الحواجز التي بنيت ما بين الحكومة أو الطبقة السياسية والمرجعية لكي يقوى الجميع بالجميع ويحافظ الجميع على المصلحة العليا للشعب ، ومن الجهل وعدم الخبرة السياسية ضرب حصن المرجعية والتقليل من شأنها لأنه يصب جميعه في خانة الأعداء ويضعف جميع الكتل السياسية التي تريد تثبيت الحياة الديمقراطية في العراق مما يجعل جميع المكتسبات في تهديد واقعي من قبل جميع القوى التي لاتريد للعراق إلا الدمار والخراب .
https://telegram.me/buratha