خضير العواد
بعد سقوط الطاغية ظهرت تحديات كثيرة تواجه العراق وشعبه وجميع الوطنين الذين يريدون الخير للعراق والعراقيين :التحدي الخارجي هو عدم تقبل المحيط العربي للحكومة العراقية الجديدة التي نتجة عن صناديق الإنتخابات ، وهذا الرفض من قبل الدول العربية نتيجة ثلاث عوامل:الأول: بسبب تأسيس قواعد الحياة الديمقراطية في العراق وثمرة هذه التجربة خروج هذه الحكومة من خلال صناديق الإنتخابات ، وهذا ما لم تقبله الحكومات العربية المبنية على الانظمة الدكتاتورية البوليسية فوجود مثل هكذا نظام سيأتي بنتائج وخيمة على هذه الأنظمة ويهددها بل يفزعها ، وبالفعل تعتبر التجربة العراقية من العوامل المهمة التي أثرت بالشارع العربي ودفعت الشعوب الى الشوارع مطالبةً حكوماتها بالتغيرات الجذرية وتطبيق أسس الديمقراطية ورفض ألأنظمة الأبدية وقيادتها التاريخية التي أكل الدهر عليها وشرب .الثاني: إمتلاك العراق لكميات كبيرة من النفط بل العراق من أكبر الدول التي تمتلك أحتياط نفطي في العالم ، جعل الدول العربية النفطية وخصوصاً المنافس الكبير والقوي في هذا المجال المملكة العربية السعودية يجن جنونها بسبب عودة العراق بقوة الى هذا المجال مما يؤثر سلباً على صادرات النفط السعودية بل يؤثر حتى على أسعار النفط ، مما دفع هذه المملكة العشائرية أن تفعل المستحيل من أجل عزل العراق عن محيطه العربي وكذلك الدولي وجعله غير مستقر مما يصعب تطور الصناعات النفطية وأستثماراتها.الثالث : العقلية العربية الطائفية التي تغذيها الحكومات وتدعمها من أجل مصالحها ، هذه العقلية رفضت صعود الاغلبية الشيعية الى قيادة البلد من خلال صناديق الأنتخابات بعد أن عانت هذه الأغلبية لمئات السنين من تسلط الأقلية السنية على مقاليد الحكم ، فقد توافقت مصلحة الدكتاتورية العربية مع العقلية الطائفية في ضرب النظام السياسي في العراق ، فالأنظمة العربية تخشى من خروج أتباع أهل البيت عليهم السلام الذين عندهم الى الشوارع للمطالبة بحقوقهم كما هو الحال في البحرين والسعودية ، والعقلية الطائفية تخشى من بروز الشيعة كمذهب الى السطح ويطرح أفكاره ومعتقداته بشكل قوي مما يدفع المواطن العربي الى معرفة الشيعة عن قرب مما يدفعه الى تغير كل نظراته عنهم بسبب الكذب والأختلاقات التي زرعتها العقلية الطائفية بعقول المواطن العربي الذي لا يعرف عن الشيعة فقط أنهم روافض وأولاد المتعة ولكن التغير في العراق مع وجود حرية الإعلام جعل المواطن العربي يطّلع على حقيقة التشيع وأتباعه مما جعل هذه العقلية الطائفية تخسر الكثير من أتباعها لأنها لا تمتلك الدليل العقلي بل سلاحها القوة والمال ليس إلا . وهذه العوامل من أهم العوامل التي دفعت الأنظمة العربية الى مقاطعة الحكومة العراقية ودعمت جميع الأعمال الإرهابية التي حصدت الألأف من أبناء الشعب بجميع طوائفه ، وقد غطت مواقفها العدائية للعراق بغطاء ديني وطائفي تحت عنوان المدافعة عن مصالح السنة في العراق ، علما أن الشعوب العربية ذات الأغلبية السنية قد أذاقتها حكوماتها التي تدعي الطائفية الظلم والإجرام مما دفع الكثير منها الخروج الى الشوارع للمطالبة بحقوقها وأما التي لم تخرج فإنها تتحين الفرصة الملائمة للخروج من أجل إسقاط هذه الأنظمة التي لاتعترف بأبسط حقوق الأنسان فأين هي والدفاع عن أتباع المذاهب الأسلامية .أما التحدي الداخلي : فيتمثل بأتباع النظام البائد الذين كانوا يمتلكون مصالح كبيرة ولكن التغير الذي حدث والحياة الديمقراطية وإجرامهم الذي لم يترك كل شئ متحرك على أرض وادي الرافدين أبعدهم عن الحياة السياسية وأضرت بجميع مصالحهم مما جعلهم يتبنون موقف عدائي للعملية السياسية بل كان دموياً في أغلب الأحيان .وكذلك الطائفيون الذين بنوا كل مكاسبهم وثرواتهم على هذا الحس والذين كانوا يضطهدون الأغلبية الشيعية ويعاملوها معاملة المواطن من الدرحة الثانية ، فوجود نظام يحترم كل أبناء الشعب العراقي وتحدد قيادة العراق من خلال صناديق الأنتخابات ، قد جعل هذه المجموعة تفعل كل ما تستطيع من أجل أرجاع الأقلية الى سدة الحكم ، ونلاحظ الارتباط الخارجي لهذه المجموعة وتنفيذها لأجندات عربية من أجل عرقلة العملية السياسية ومن ثم إفشالها ، وقد تبنت هذه المجموعة لأغلب العمليات الأرهابية في العراق مدعومة من الطائفية العربية وأنظمتها السياسية وقد غطت أعمالها تحت عناوين دينية ومذهبية .أما التوسع والهيمنة الكردية في كل المجالات السياسية والأقتصادية وكذلك الجغرافية فهذه من أكبر التحديات وأخطرها لأنها تؤدي الى تمزيق وحدة العراق وإضعافه ، فهم الذين رسموا خريطة لكردستان وصلت حدودها الى العمارة في الجنوب ، بالإضافة الى كركوك ونصف الموصل وصلاح الدين وكذلك ديالى ، أما النفط فهم يشاركون الشعب العراقي بنفطه المتواجد في كل الأرض العراقية ، أما النفط الموجود في أقليم كردستان فهذا من حصة الكرد فقط وهم الذين يريدون التصرف فيه من ناحية العقود وكذلك الصناعة النفطية ، بالإضافة الى حلم الكرد الكبير وهو اعلان الدولة الكردية وهذا يريدونه يتم من خلال إضعاف بغداد بشكل كبير مما يجعلها توافق على أي مطلب كردي بالإضافة الى إبتزازها بأي ملف يحاولون السيطرة عليه للحصول على أكبر المكاسب .هذه هي التحديات الكبيرة التي تواجه الشعب العراقي وحكومته والتي في كثير من الأحيان تجتمع هذه التحديات مع بعضها البعض لكي توجه ضربة قوية الى بغداد وحكومتها من أجل حصول كل فريق على ما يبغي إليه ، كما هو الحال في التقارب الكردي مع قيادات في القائمة العراقية المتهمين بقتل الشعب العراقي وكذلك تركيا والسعودية وقطر ، ولكن كل هذه المجاميع وأعمالها التي تريد إضعاف العملية السياسية ليس لها أي أمكانية في فعل أي شئ ، والتجربة العملية قد لمسناها من السنين العصيبة التي مضت ، ولكن تعتمد قوة وتأثير هذه المجاميع على قوة وإتحاد التحالف الوطني كلما كان التحالف قوياً ومتحداً كلما كان تأثيرها ضعيفاً بل حتى معدوماً والعكس هو الصحيح ، فتوحد هذا التكتل المهم يغلق الابواب امام جميع هذه التحديات بل يجعل عملها هباءاً منثورا كما أثبته عبور العملية السياسية المواقف الصعبة في أحلك الظروف ،أي إذا أريد للعراق وعمليته السياسية أن يعبروا الى بر الامان فهذا يعتمد بالدرجة الأولى على قوة وأتحاد التحالف الوطني الذي يريد بناء قواعد رصينة للحياة الديمقراطية في العراق والذي يواجه في نفس الوقت كل هذه التحديات التي تريد الشر بالعراق وأهله ، وأي إنشقاق وإن كان صغيرا ً سوف يؤثر على الجميع بدون إستثناء ويجعل الجميع يدفع الثمن غالياً فالتحديات كبيرة ومن يقف خلفها لا يستهان به ، فالطريق الذي يسير فيه العراق يحدده التحالف الوطني فأما الديمقراطية والحياة السعيدة وهذا يتم بالوحدة وتوحيد الخطاب والغايات وأما الدكتاتورية والظلم وهذا يتم من خلال أي إنشقاق في التحالف وبذلك فأن بوصلة العراق يوجهها التحالف الوطني .
https://telegram.me/buratha