السيد حسين السيد هادي الصدر
كلمة " الثالوث " تثير مواجع معظم العراقيين ، ذلك انهم ذاقوا مرارة ثالوث العفالقة ( الوحدة - الحرية - الأشتراكيه ) واصطلوا بنيران الأكاذيب والأحابيل ،حتى وصلوا الى مرحلة النفور التام من كلّ الشعارات الزائفة .ان "الاشتراكيه" في مسارات الطاغيه المقبور ، كانت تعني تشييد القصور الفارهة ،حتى في فترة الحصار الظالم على الشعب العراقي المنكوب ، تلك الفترة التي كان بعضُهم يبيع فيها قسماً من أجزاء بدنه ليقّدم لعائلته ما تحتاجه من ضروريات .ولقد أقدمت احدى السيدات العراقيات على حلاقه شعرها ، والشعر هو جماع محاسن المرأة على ما قيل ، لأنها لم تكن قادرة على توفير الصابون ...!!!أما " الحرّيه " فهي السباحة في مستنقعات القائد الضرورة ..!!فهي الهامش الوحيد المسموح به، للأذلاء الخانعين من ذوي الضمائر الميته والنفوس المهزومة الذين لايكلون ولا يملون من إغداق الأماديح على الصنم الكبير ..!!ولم يكن للأحرار والحرائر من حريّة حقيقيه ،لا في المجال السياسي ولا في غيره من المجالات العلميه والفكريه والأدبيه والثقافيه والفنيه ...لقد كان المواطن العراقي محروماً من مشاهدة القنوات الفضائيه ،خشية تلوثه بما لا يريده الطاغوت ..!!وأما "الوحدة" فلقد سيق العاملون لتحقيقها ،الى حفلات الاعدام بعد التعذيب القاسي ،رغم كونهم من كبار الرفاق ..!!ومع ذلك كله فلا يعدم المتتبع ان يسمع من يدّعي ان هناك حنيناً الى تلك الحقبة الدكتاتوريه المظلمة ، حقيقة المقابر الجماعيه ، عند بعض الحمقى والمجانين .انهم يتناسون ان الانسان ، - وهو محور الاديان والحضارات كلها - كان أرخص السلع في سوق الطغيان والاستبداد .وان اجهزة القمع الدمويه العفلقيه لم تكن تحسب لكرامة الانسان اي حساب انه أهون عليها من الذباب ...!!!ومن حق القارئ الآن ان يسأل :انك تتحدث عن الثالوث المنبوذ مع أنَّ عنوان المقالة (الثالوث الحبيب) فما هو هذا الثالوث ؟انه تحديداً يتمثل : بالقلم والقرطاس والكتاب وليس ثمة من شيء أثمن من هذه الأدوات التي أرست دعائم العلم والحضارة والثقافة والمعرفة ، وهيّأتْ للأنسانيه فرص التقدم والحياة الحرّة الكريمة .ليس غريباً ان تكون أول الأيات القرآنيه النازلة على رسول الرحمة والانسانيه (ص) هي (اقرأ) .(اقرأ) : تعني ان القراءة هي مفتاح الصلاح والنجاح والرقي والتقدم وكان يقال :مصر تكتب وبيروت تطبع والعراق يقرأ ويقال اليوم : لقد قلّ القرّاء في العراق ، وانخفضت نسبة الاقبال على الكتب الى حد بعيد وأنا أفرّق بين المطلبين ان انخفاض نسبة الاقبال على الكتب لا تعني انخفاض نسبة القرّاء ان القرّاء كثيرون ، ولم تتنازل اعدادهم على الاطلاق ، وانما تعددت وسائل قراءاتهم، فالذين يقرأون ما تضمه المواقع الالكترونيه أصبحوا طبقه ملحوظة لاسيما في الاوساط الشبابيه انهم بدل القراءة في الكتاب المطبوع ،يقرأون ما تخرجه لهم المواقع الالكترونيه عبر امتداداتها الواسعه . ولا ضير في ذلك ما دامت قراءاتهم نافعة انني أدعو كلّ الأحبه من أبنائنا واخواننا ،ان يقيموا علاقة صداقه عميقه، مع الكتاب، بأعتباره مصدراً مهماً من مصادر العلم والثقافة والمعرفة ، وان يواصلوا قراءاتهم دون انقطاع ، ففي ذلك ألوان من النفع والسلوة والتواصل مع الحركة العلميه والفكريه والثقافيه والأدبيه..ولا ينبغي ان يكون الاقبال على القراءة ،منفصلاً عن ممارستهم للكتابة، انهم يقرأون مقدمة للكتابة .وعندها يتم تواصل الكُتّاب من هذا الجيل، مع قوافل العلماء والكتّاب والمؤلفين والادباء من الأجيال السابقة .ان العراق بلد واعد، بشبابه وطاقاته، ولا بُدَّ من تفجير هذه الطاقات ، واخراجها من حيّزها النظري الى ميدانها العملي ، من حيّز القوة الى حيّز الفعل ....ومن المفيد هنا التذكير بأهمية احتضان المبدعين من شبابنا في مختلف حقول العلم والفكر والأدب والثقافة والصحافه والفنون ، عبر المهرجانات والمباريات الكتابيه ، ومنحهم الجوائز المهمة وتكثيف الحوافز ، والبرامج المناسبه لهذه الغاية ، فلن يحتل شعبنا ،في الألفيه الثالثه، موقعه العالي تحت الشمس ، الاّ حينما يحمل شبابُنا مشعل العلم والحضارة والاخلاق وتكون له اسهاماتُه وابداعاتُه ومشاركاتُه في تلك المضامير .
https://telegram.me/buratha