المقالات

اِنتفاضة الكادحين

638 21:31:00 2012-04-30

علي محمد البهادلي

أهم عنصر من عناصر التطور وعملية التنمية والاستثمار هو العنصر البشري، إذ بدون توفره لا يمكن التحدث لا عن إعمار ولا تنمية ولا استثمار، فهو العنصر الوحيد الذي يملك صفة الأصالة، ومن هذا تولي الدول المتقدمة أهمية كبيرة لهذا العنصر وتحيطه بمختلف العناية من الجانب الصحي إلى الجانب العلمي والمعرفي، ناهيك عن الحماية والضمان الاجتماعيين. وبما أن العمال والكادحين الذين تقع على عواتقهم مختلف الأعمال الشاقة من أسفل دركة في سلم مؤسسات الدولة إلى أعلاها، دون اتصافهم بالعمل الوظيفي رسمياً في مؤسسات الدولة، يشكلون الغالبية العظمى من العنصر البشري الذي يُعتمَد عليه كما أشرنا في عمليتي التنمية والإعمار، لذا ينبغي للدولة العراقية الحديثة أن تقوم برعاية هذه الشريحة المهمة من شرائح المجتمع العراقي، وأن توفر لها البيئة السليمة للعمل، فهم لم يشملوا برواتب الدولة وكل ما لديهم هو كسب قوت يومهم من كد أيديهم وعرق جبينهم وتعب كواهلهم، وهم يعملون في ظل ظروف مأساوية فلا صحة ولا أمان، والكل يعلم كم مرة فجرت أماكن(مساطر) تجمع العمال والأسواق التجارية ..إلخ فإلى أين يلتجئ هؤلاء الكادحون؟ ويا للأسف الشديد نحن في العراق عندنا نقابات مهنية! كنقابة المحامين ونقابة المعلمين ونقابة الأطباء، وهذا أمر إيجابي، على الرغم من أن أصحاب هذه المهن يمتهنون وظيفتين في آن واحد فترى أحدهم موظفاً (محامي في دائرة أو محكمة، معلم، طبيب) وبعد انتهاء الدوام الرسمي تجده يذهب إلى مكتبه حيث يمتهن المحامون تعقيب المعاملات و المعلمون الدروس الخصوصية ، وبينما يذهب الأطباء لعياداتهم الطبية الخاصة ، ومع ذلك تجد هناك من يطالب بحقوقهم وتحسين معيشتهم وضرورة توفير الحماية لهم، لكننا لم نسمع أن هناك نقابة في هذا البلد الأمين!!!!! تطالب بحقوق العمال ولا تحسين معيشتهم ولا توفير الحماية للأماكن التي يتجمهرون بها منتظرين رحمة الله تنزل عليهم! والكل يسمع أن الرسول الأكرم(ص) يقول: (( خير الكسب كسب يدي العامل)) فيا لها من مفارقة حقاً، بينما تجد في هذا البلد من يسعى لتطبيق مقولة(البس قاطاً شهراً تصبح مديراً) لتتمتع بصلاحيات وتركب أحدث السيارات لمجرد ارتدائك البزة الرسمية، وأنت لم تقدم أي شيء يذكر عدا (جرة القلم) لأنك مدير!! ترى في الجانب الآخر صورة مشرقة، على الرغم من مشاعر الألم التي تستحوذ على شعورك عندما تتصورها، وهي صورة ذلك الإنسان الذي يطبق ما يروى عن داود النبي، إذ مر بإسكاف: ((يا هذا اعمل وكُلْ، فإن الله يحب من يعمل ويأكل، ولا يحب من يأكل ولا يعمل)) فمشاعر الألم التي تستحوذ علينا ناتجة من الظروف المأساوية التي ترافق العمال أثناء عملهم، حيث الشمس المحرقة في الصيف، والبرد القارس في الشتاء والتهديد الأمني لأماكن تجمهرهم وانعدام الضمان الاجتماعي والأجر الزهيد الذي يتقاضونه الذي لا يكفي لسد رمق عوائلهم، فضلاً عن أن يوفر لهم العيش الكريم والبيئة الصحية والمستقبل السعيد لعوائلهم، فهل فكر أعضاء مجلس النواب بمناقشة وضع العمال ووضع عوائلهم، أم أن وضع امتيازات النواب سيكون هو المقدم في كل بدء ومختوم به الكلم! فإلى كل المسؤولين الشرفاء نناشدكم باسم الإسلام العظيم وباسم النبي الكريم وباسم علي أبي الفقراء والمعدمين، نناشدكم بتحسين أوضاع العمال الكادحين، وتوفير الضمان الاجتماعي لهم، وتخصيص رواتب تقاعدية لعوائل الشهداء الذين ذهبت أرواحهم إلى بارئها مفارقة الأحباب ومخلفة عشرات الأيتام، وإلا تفعلوا فاحذروا صولة الحليم إذا غضب، فصبر العراقيين قد بلغ الزبى، وانتظروا ثورة كثورة صاحب الزنج، تطيح بكل الذين رفعهم هؤلاء المساكين إلى المناصب العليا في البلد، وحينها يدرك المسؤولون أن لات ساعة مندم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك