سلام محمد
لعب المجلس الأعلى الإسلامي العراقي دوراً محورياً في الوضع السياسي العراقي وكان تأثيره واضحاً في التوازنات التي تحكم البلاد, فعملية تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة لم تتم لولا قبول المجلس الأعلى بتولي رئيس الوزراء نوري المالكي لدورة ثانية بعد الضغط الذي تعرض له داخليا وإقليما, ولم يجد السيد نوري المالكي بدا من اعادة مياه علاقة حزبه مع الملجس الأعلى الى مجاريها لأنها المفتاح لأيجاد الحلول للخروج من ازمة الخلافات التي بينه وبين شركائه السياسيين، وهو يعرف جيداً مدى تأثير المجلس الأعلى على طرفي النزاع الأساسيين الكورد والقائمة العراقية.السيّد نوري المالكي توهم ولو لحين أنّ بإمكانه قيادة البلاد لوحده والأستئثار بالسلطة وتهميش الآخرين وشراء الذمم بما يمتلكه من سطوة على المال العام بحكم موقعه التنفيذي الأول في العراق، وتعدت عنجهيته لتشمل تماديه على اعضاء حزبه ومقربيه وكان يعتقد انه إذا جعل المجلس وراء ظهره وتجريده من كلّ مواقعه في السلطة التنفيذية يكون سبباً في أفول نجمه وتضعيفه ويكون هو من يتزعم الحالة الوطنية بالإضافة الى الحالة السياسية الشيعية، إلاّ انّه اكتشف ان المجلس الأعلى هو المحور الأساس في حل الأزمات ولا يمكن تجاهل دوره في بناء العملية السياسيّة وكذلك تأثيره وعلاقته المتوازنه مع الجميع وحجم جمهوره ومؤيديه وايقن انه لايمكن جعل المجلس الأعلى نداً ومنافساً له لانه اصبح يعي جيداً ان للمجلس الأعلى دورا محورياً في بناء العميلة السياسية وفي اعاده المياه الى مجاريها وحل الأزمات واستقرار الأوضاع، ولا يمكن لأي حزب او جهة ان تقوم بهذه المهمة الا المجلس الأعلى لما يمتلكه من علاقة استراتيجية مع الأكراد وعلاقة توافق بثقة مع القائمة العراقية، وهنا يجدر بنا القول ان سياسة المجلس الأعلى نجحت في بقائه في الواجهه دوماً لأن تخلفه عن الواجهه يحدث إرباك في أجواء التفاهمات السياسية بين الفرقاء فهو يمثل الملح في الطعام, والسؤال المطروح هل القاءات التي جرت بين المجلس الأعلى وحزب الدعوة جاءت على خلفية شعور المالكي بالخطر بعد موقف التيار الصدر في اجتماع اربيل؟، أم انها محاولة لذر الرماد في عيون قيادة المجلس الأعلى لعبور هذه الأزمة التي أصبح يواجهها لوحده وبعدها ينقلب على عقبيه ويجعل المجلس الأعلى هدفاً له ونداً يعامله كما يعامل منافسيه الآخرين .. وأيّا كانت نوايا المالكي فان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بقيادة السيّد عمّار الحكيم يشق طريقه بثقة الى قلوب الناخبين لأنه اثبت مصداقيته وشعوره بالمسؤولية الوطنية مما جعل الجميع يلجأ إليه عندما تحتدم الازمات فالأجدر بالمالكي ان يكون صادقا هذه المرّة لأنه اذا كانت نواياه سلطوية مرحلية فانها رصاصة الرحمة التي ستؤدي به الى الهاوية وتقذفه في يم النسيان، لأن العراق سوف لن تحكمة المعادلة الظالمة مرة أخرى وسوف لن يحكمه دكتاتور آخر وستبقى صناديق الأقتراع وحرية التعبير عن الرأي هي كلمة الفصل في مستقبل العراق السياسي.
https://telegram.me/buratha