المقالات

عندما تهون عليك نفسك

1826 21:09:00 2012-05-06

كثيرا ما يمر الانسان بمواقف مبهمة في الصغر لايجد لها تفسرا الا بعد سنوات ومن باب الاستشهاد استحضرت ذاكرتي موقف عشته في أيام المتوسطة فكما معلوم ان الانسان في هذه المرحلة يبدأ بتكوين علاقات اجتماعية متمثلة بالاصدقاء وهذه العلاقات تمر عليها مناسبات لابد فيها من التهادي ومعلوم ان التهادي يحبب الناس ببعضهم ولما كان طالب المتوسطة مسؤول من اهله صار الزاما على الاخير دفع التكاليف .

كنت حين تحضر المناسبة كعيد ميلاد او تخرج وغيرها اذهب الى والدتي طالبة منها هدية لاهديها فتسأل عن الموعد ثم تغيب عني لترجع بعدها حاملة قطع قماش وخيوط ومستلزمات فنية وافكار وتقول اصنعي لها هدية كمنديل مطرز أو أنية من لؤلؤ صناعي وغيرها وكنت استجيب ويمنعني الخجل من سؤالها عن فلسفة الامر خاصة مع ادراكي ان هذه الوسائل تكلف اكثر من مبلغ هدية جاهزة ! فلماذا هذا العناء وفسرت الامر على انه تمييز في الهدية وكان الامر يتطلب مني ساعات وربما أيام اتأوه فيها على الوقت الضائع .

مرت السنوات وكنت على ثقة من انني سأركن الى شهادة دراسية للحصول على ما يؤمن حياتي ولكن سرعان ما انهارت الموازين وما اكثر الانهيارات في بلدنا ووجدت نفسي لفترة زمنية محددة بحاجة الى النقود وشهادتي لاتنفع ! فما كان مني الا ان استذكرت تلك الفنون وبدأت يدي تنتج ما يقيني الذلة وسؤال الناس وهنا فقط عرفت لماذا اصرت امي على ان اتعلم كل شيء وعرفت لماذا كانت تكرر الدراسة ليست كل شيء .

التجربة لم تقيني الفاقة ولا الذلة فحسب بل وقتني شيء اكبر من ذلك بعضه في الماضي حيث ان انشغال مراهقة بهكذا اعمال تقيها شر صحبة السوء او التفكير بما ليس لمراهقة ان يسرح به خيالها النقي وماشاكل وبعضها يخص الحاضر ويطرق باب المستقبل فالامر قد وقاني الذلة لعمل معين فتنوع المعرفة لا يجعلك اسير عمل واحد ولاجل الحرص عليه تخسر الكثير من القناعات فببساطة لو تمتعت بمهارات متنوعة تفكر بالانتقال لها فيما لو قاطعت الاولى مبادئك .

اليوم واه من هذه الايام نرى الشباب شيوخا من حيث الهموم والاحباط والحزن واليأس رغم ان بعض مفاتيح السعادة في ايديهم , ومن واقع متابعة لليافعات اتلمس بوضوح غياب اي نوع من انواع اكتساب المهارات الا ما ندر وليست فقط مهارات فنية وعملية بل حتى ادبية فها هي الحسينيات تضج باليافعات وقد استعمل الكثير من الاخوات المؤمنات فنون رفع المعنويات من خلال اكتسابهم للمهارات وبجدوى قليلة جدا فحتى ان ساهمت لا تكون مبدعة وعندما تسأل عن السبب لن يكون الجواب الانشغال بما هو نافع اكثر بل مجرد التحسر والملل ومشاهدة التلفاز .

واما عن الفتيان فأجدهم اكثر ضياعا من الفتيات ولي ملاحظة من ان مستوى كلام الشاب مستوى مبكي فهو لايمتلك ادنى حد من الكلمات اللائقة في تعابيره !! فكيف سيكون اب لاسرة ؟!.

الكل يطالب بالنقود اصرفوا نقودا للمعوقين من التفجير وللطلبة الجامعات وحتى التلاميذ واهل المهجر يعترضون لماذا نحن منسيون واهل الداخل يتقاتلون على صفة تمنحهم امتياز ونواب يصوتون وعلى مبالغ يتصارعون بينما ارى كل هذا غير مجدي وان كان حقهم وكل فئة ذكرتها مستحقة ولكن هناك حلول لو فُعلت فقل العراق سيشفى من علله .

ولنأخذ قرار دفع مبالغ لطلبة الجامعات والتلاميذ كرواتب والدولة غنية بحسب منظور الاغلبية ولكني ارى ان تلك الحلول ليس لها افق بعيد وكان الافضل ان توجد حلول اخرى مثلا طالب الجامعة مشكلته النقل والاستنساخ والمصادر فما الضير من ان المبلغ يحول للجامعة لجعل النسخ مجانا للاوراق العلمية وتوفير باصات لكل المناطق لنقل الطلبة بدل السيارات الخاصة التي انهكت العوائل علما ان نظام الباصات معمول به من ايام الطاغية وكنت من المستفيدين منه لانه مجاني والكثير الكثير من الحلول .

فالمدارس يمكن ان تتحول بالصيف الى ورش عمل لصناعة ملابس للطلبة او تعليم اي حرفة مع توفير مولدة للمدرسة وقبلها اعداد مدرسة بمعنى بناية وليست صريفة أو بناء مكتبة عامة متطورة لكل مركز محافظة ليجد الطالب مأوى حتى تُحل مشكلة الكهرباء الازلية .

العمل العمل يرفع من ثقة الانسان بنفسه ويجعله ايجابي فالشاب الذي لا يتعلم في المدراس ولا يحترف صنعة سيكون من (هبيشة ) الزمان أو ( متسول من النوع المبهذل او الكشخة ) وسلبيته ستطالنا جميعا البيع والشراء في الشوارع ليست عملا للكثير من الشباب فهذا خطر جدا بالنسبة للاحداث والحلول سهلة ولكن .

لا ارجوك لا تتأفف وتلعن الحكومة وان كانت تستحق !! نريد ان نوقد شمعة في الظلام فمثلما حثنا معلمنا وابونا وامنا فنحن مطالبون بمثل هذا مع الجيل الجديد كلنا منهكون من تعب الحياة نعم ولكن لو كل شخص تكفل بحدث فتاة او شاب من محيط اسرته يراقبه ويفكر معه ويعطيه خبرته فسيكون شمعة منيرة فلا تدري كم من جملة او عمل غيرت مسار انسان .

لاتهن عليك نفسك فان هانت حقرها الناس ولبست لباس الذلة ولا تمد يدك فحياء وجهك سيغيب ان استمريت ولا تميت يدك فبصماتك جميلة والوطن بحاجة لها وقبلها محبيك

نسأل الله التوفيق للجميع ونساله ان لا نرى الذله ترهق وجوه العراقيين وان لايركنوا الى الكسل وان ينتظروا كل ماهو جاهز حركوا اناملكم من اجل وطن نابض وليكون الاخلاص في نوايانا والتوفيق من الله الرحيم القدير

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين واله وسلم تسليما كثيرا

اختكم بغداد

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد
2012-05-07
بعد السقوط سافرت للعراق عده مرات وشاهدت ان كثيرا من العراقيين (الرجال طبعا) مع الاسف الشديد باقين علي كسلهم وحبهم للبطن والفـ... بل ازدادوا علي ذلك بثقافه الخشونه وعدم الاحترام المتقابل - الرجال عليهم العمل والكد وصناعه مستقبل وطنهم بيدهم كالدول المتقدمه الحديثه- اليابان وكوريا وماليزيا... بدل كل هذا الكسل والعطل والبطل - نعم الحكومه مقصره ولكن الاصل ان تعمل انت وتنتقد الحكومه لا انك عطال بطال وتستنكف عن اي عمل حتي تنظيف باب منزلك وتريد كل شي يجي الك وانت نايم في بيتك - ماكو هيجي شي بالعالم-
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك