السيد حسين السيد محمد هادي الصدر
لماذا لانعيد مجلس الأعيان ؟فتحتُ عيني في أواخر النصف الاول من القرن الماضي وفي العراق مجلسان :الاول منتخب من قبل الشعب يسمى مجلس النوّاب .والثاني مُعيّن من قبل (الملك) يسمى مجلس الأعيان .وهو يضم نخبه من كبار رجال العراق شهرة وخبرة ومكانة اجتماعيه ...وكان يعتبر (صمّام الأمان) في عملية التوازن المطلوبه في الحقل السياسي عموماً ،وفي المجال التشريعي خصوصاً .ولم يكن بمقدور الوزير البقاء في الوزارة أكثر من ستة أشهر اذا لم يكن قد نال عضوية أحد المجلسينومع التسليم بانّ معظم عمليات الاقتراع لاختيار النواب ،كانت بعيدة عن النزاهة ،لتدخل السلطة المباشر في تزوير نتائج الانتخابات ،وترشيح من ترغب بفوزه ،عن مدن ومناطق عراقيه لا تربطها اية علاقة بمرشح السلطة ...!!!ورغم أنَّ المواخذات على العمليه الانتخابيه كانت كثيرة وكبيره ، الا ان المحصلة النهائيه ،تشير الى ان وجود برلمان منتخب في البلاد خيرٌ من عدمه .ولقد كان بعض النواب الوطنيين، يؤدون خدمات جلّى للمواطنين، العراقيين حين يفزعون اليهم لحل مشاكلهم في مختلف أجهزه الدولة.وبعد الرابع عشر من تموز /1958 حُرم العراق من مجلس نيابي منتخب على الاطلاق ،نزيهةً كانت الانتخابات ام مزورة ،وظلت الحياة البرلمانيه معطلة حتى اختار (القائد الضرورة) ان ينشئ مجلساً يطلق عليه اسم (المجلس الوطني) يتم اختيار اعضائه على عين (الحزب) و(الثورة) .وكان هذا المجلس ،كباقي المؤسسات والأجهزة في الدولة لايملك من الأمر شيئاً ،بعد ان استحوذ (القائد الضرورة) على كل شيء ، واختزل العراق بذاته وآرائه ..!!واتيح للعراق الجديد ، بعد زوال كابوس الدكتاتوريه عن كاهله ، ان يذوق طعم الانتخابات النيابيه ،فجرت انتخابات الجمعيه الوطنيه في نهاية كانون الثاني عام 2005، ثم جرى انتخاب مجلس النواب في نهاية عام 2005،حتى اذا ما انتهت ولايته ، جرت الانتخابات العامة في 7/3/2010 واختير مجلس النواب الحالي المكون من 325 نائباً ، اعتاد (100) من اعضائه على سبيل البَدَل ان يكون غائِبين ..!!وأكبر المواخذات على قانون الانتخابات الحالي ،هو أنه قانون شرعته الكتل السياسية على مقاساتها ، وليس على مقاسات المصالح العليا للعراق ..!! ويكفي ان تعلم أنَّ الفائزين الحقيقيين لم يبلغوا العشرين !!وأنَّ من لم يحصل الا على أصوات ضئيله ،انتخب رئيساً لأحد أهمّ لجان مجلس النواب ..!!ولا أحد يستطيع ان ينكر ما لعبته الأجندات الخارجيه ، والمال السياسي ، من أدوار فاعله ،في وصول العديد من العناصر الى هذا المجلس ، بعيداً عن المعايير الموضوعيه المطلوبه ..!!ان الناخبين العراقيين خابت آمالهم حين رأوا أنَّ ممثليهم انغمسوا الى الأذقان ، في تثبيت المكاسب والأمتيازات على حسابهم ،واصرارهم على اطالة أمد الصراعات فيما بينهم ،الأمر الذي انعكس سلبياً على البلاد والعباد ، ولم تهدأ حتى الأن أصوات المفخخات والمفرقعات مع تراكم التقصير في أداء الخدمات الضروريه في معظم الحقول والميادين .ان هناك اصوات تعلو بالدعوة الى الانتخابات النيابيه المبكره ولكّن السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو :اذا جرت الانتخابات وفق قانون الانتخابات الحالي فهل ستؤدي الى نقلة نوعيه في أوضاعنا السياسية ؟ أم انها ستفرز نتائج لا تختلف كثيراً عن النتائج السابقه ؟ ونحن لا ننفي ان يحصل شيءٌ من التغيير في الانتخابات القادمة ولكننا نستبعد حدوث انعطاف كبير تغيب معه كل الحسابات والمعادلات الخاطئة !!ان " الطائفيه " لا " الوطنيه " ما زالت العامل الأساس في العمليه الانتخابيه ،ومعنى ذلك أننا ما زلنا في حفرة عميقه موحشة ..!!ان مجلس الأعيان المقترح ، يمكن له ان يتلافي الثغرات التي تحملها العمليه الانتخابيه ،ليضم ابرز الوجوه الوطنيه العراقيه ذات الخبرة والكفاءة والنزاهة والقدرة على تشخيص مصالح البلاد .وأهم ما يجب ان يراعى في هذا الباب، تحديد الضوابط والمعايير التي يتم على أساسها تعيين أعضاء مجلس الاعيان .وهذا ما يقتضينا تسمية الجهة التي تتولى التعيين ،والشروط المطلوبه في الأعضاء والعدد الكلي للأعضاء وهو ما نحدده الآن :الجهة التي تتولى التعيين قوام الجهة التي تتولى التعيين ،الرئاسات الثلاث -رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس الوزراء ،ورئاسة مجلس النواب ويتم اتخاذ القرار باتفاق الآراء اما الشروط المطلوبه في أعضاء المجلس المحلي فهي :1- الشهادات الجامعيه -كحد ادنى-2- ان لايقل العمر عن 40 عاماً3- ان يكون من ذوي المواقف الوطنيه المعروفة واصحاب السيرة الحسنة والماضي المجيد 4- ان يكون مستقلاً بعيداً عن الانحياز لغير المصالح العليا للعراق عدد الاعضاء لايزيد العدد الكلي عن (100) عضو، يعكسون التعددية العراقيه بكل مكوناتها وتلاوينها ولا يقل عن (60) عضواً وتحال القوانين التي يصادق عليها مجلس النواب الى مجلس الأعيان للمصادقه عليها ،على ان لاتتأخر عن مدة شهر واحد كحد أقصى .ان لمجلس الاعيان اهميه استثنائيه تنبع من كونه الجهة المحايدة العليا التي تستطيع ان تلعب أكبر الأدوار في تسوية المشكلات العالقه بين مختلف الاطراف وتحظى باحترامها ان كل الأفكار والمقترحات الواردة في هذه المقالة ،لاتخرج عن كونها الصيغة البدائيه القابله للمناقشه والتطوير،بما يخدم أهداف التوازن المطلوب ،ويسعى الى تفادي المضاعفات وتنفيس الاحتقانات .
https://telegram.me/buratha