سعيد البدري
لعلّ واحدة من اهم الانتكاسات التي تعرض لها التعليم الاولي والابتدائي في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى الآن هو تسلط البعض وعملهم على اعتماد آراءهم الشخصية بدفع متبنياتهم الخاصة الى الواجهة والعمل على تكريسها لتكون أساساً في نظام تعليم من المفترض ان يكون علمياً يدفع بأتجاه تطورهم لا ان يسهم في بقاءهم اسارى منظومة بعينها يراد لها الرواج وللمثال لابد ان نستطلع ونقرأ عن الدور الذي لعبه ساطع الحصري منذ الدفع به من قبل الملك فيصل الأول لوضع سياسة تعليمية في المدارس العراقية الابتدائية تحديداً لازالت قائمة حتى الآن رغم تجاهر الحصري برفض الدين ونشره مفاهيم القومية والعنصرية ولانعلم السبب في بقاء هذه السياسة وتطبيقاتها الخاطئة الهدامة حتى يومنا هذا رغم مرور ما يقارب التسعين عاماً على انطلاقتها، وللاسف فالمشكلة في بلادنا أعمق من خلدونية الحصري وبعض ما تبقى من تراثه الذي عفى عليه الزمن، لأن المسألة برمتها في خانة عدم وجود سياسة واضحة ليس في ترتيب ووضع المناهج بل تعدتها الى عدم رصانة التعليم الابتدائي وما قبله والدليل إننا نجد الكثيرين اليوم من التلاميذ والطلبة وفي صفوف الرابع والخامس والسادس وحتى بعض مراحل الدراسة المتوسطة لايقرءون ولايكتبون ولانعلم لماذا يصلون حتى هذه المراحل دون ان تستوقفهم ادارات المدارس وأسرهم وتسألهم عن سبب تأخرهم وعدم وصولهم الى المستويات المطلوبة أسوة بأقرانهم. لقد درج النظام التعليمي الابتدائي في العراق في العقدين الاخيرين على تمرير أعداد كثيرة من الطلبة والتلاميذ وإيصالهم الى مراحل تعليمية ليس من المفترض أنّ يصلوا اليها إلاّ باستحقاق لأنهم سيعانون ويفشلون لاحقاً لذا لابُدّ من التشديد وتفعيل نظم الرقابة ومحاسبة التدريسيين وإدارات المدارس بشكل مستمر لنضمن نجاح أجيالنا القادمة، كما لابُدّ من استثمار الدعوات التي تنطلق هنا وهناك ومنها الاهتمام بالتعليم المبكر وهو التعليم دون الابتدائية الذي يمثل أساساً مهما يبنى عليه الدراسة الابتدائية والإعدادية والجامعية وإذا كان الأساس رصيناً فستكون الدراسة في المراحل اللاحقة قوية ومتينة وإذا كان الأساس ضعيفا فستكون النتائج ضعيفة ومتلكئة حتماً حيث ان هناك 41 % في المعدلات العالمية من الاطفال دون الابتدائية بحسب الاحصاءات المعتمدة ممن يدخلون الى الروضات ويتعلمون في سن مبكر وفي المنطقة النسبة لمن يتعلم 18 % ولكننا في العراق تنخفض نسبة التعليم المبكر الى 7% فقط و 10 % من هذا الرقم المتواضع يشمل المناطق الريفية و90% داخل المدن مما يعني ان هناك نقص كبير في مسألة التعليم المبكر تحتاج الى معالجات حقيقة كل ذلك حسب إحصائيات اليونسكو واليونسيف هاتين المنظمتين الدولتين اللتان تتعاملان مع وزارة التربية بتطوير هذا الواقع، من هنا لابد من الاحاطة باهمية هذا الامر لاننا بحاجة الى وعي وثقافة جماهيرية واسعة لدفع أطفالنا الى التعليم المبكر كذلك لابد ان تسهم المؤسسة التربوية عبر برامج التثقيف والتعريف وتطوير خططها لتحسين الواقع التربوي و الاهتمام بهذه الشريحة الواسعة والكبيرة وهذا يتطلب استحداث مديرية في وزارة التربية تختص بشؤون التعليم المبكر تأخذ على عاتقها وضع الخطط والتفاصيل للنهوض بهذه المهمة التي يعتبرها الكثيرون مهمة وطنية ينبغي التعامل معها بمسؤولية كبيرة لنضمن نجاح وتفوق أجيالنا القادمة, إنّها دعوة للعمل أطلقها السيّد الحكيم حرصاً منه على مستقبل شعب وحياة أمة جديرة بالحياة عبر بوابة العلم والتعليم فهل من مجيب؟.
https://telegram.me/buratha