حمودي جمال الدين
من وجهة نظر مواطن متفرج على المشهد السياسي الآني والذي يحبكُ أدواره الاخوه الأعداء , ثمة ثلاث احتمالات لما يسمى بالمؤتمر الوطني المزمع عقده للإطراف والكتل المشاركة في العملية السياسية العراقية الحالية, منوها من خلال طرحها, إلى إن الساسة والقادة العراقيون هم من افتعل ألازمه وأضرم نارها ,وهم من كان وراء تأجيجها وتغذيتها حطبا ,وهم من يقفوا ألان مكتوفي الأيدي خائرين يبحثون عن مخرج آمن من عنق الزجاجة التي حُشروا فيها وباقل الخسائر.
الاحتمال الأول: انه لن يلح في الأفق المنظور أو القريب أي مؤتمر وطني يضم تحت لوائه الفرقاء والأحزاب السياسية المشتركة في العملية السياسية الحالية ,مهما شكلوا من لجان تحضيريه وأشبعوها نقاشا وحوارا, فلن تفضي إلى أي نتيجة تذكر للوصول إلى عقد هذا المؤتمر المزعوم , ما لم تتدخل به جهة أجنبيه تتمتع بموج اعلى كعب وأنجع زخما وقوة وفعلا مؤثرا يمتد إلى قلب الأحزاب والتكتلات العراقية المتخاصمة فيلوي عنقها للرضوخ إلى مشيئتها بعقد هذا المؤتمر دون زيغ وتهرّب .قد يستغرب البعض من هذا الطرح التشاؤمي والمثبط للعزيمة والرغبة الوطنية العراقية, ويشكك بقدرة العراقيين على الحوار والإصغاء والتفاهم, من اجل حلحلة و تحقيق ما يصبوا إليه الساسة العراقيون ,من التقارب والانسجام والتوحد تحت يافطة وخيمة هذا المؤتمر .لكنني امتلك من المبررات ما يجعلني انطلق بهذا التفسير, من خلال معايشتي للمعارضة العراقية ومؤتمراتها السابقة للنظام البائد. والمتمثلة ألان بأغلب رموزها وشخوصها ,ممن يتصدرون المسرح السياسي والقيادي الحالي ,وهم من يلعب بإدارة هذه ألازمه الخانقة التي تعصف بعمليتنا السياسية ,ولهذا ارجوا ان يستميحوا لي العذر لو رجعت بهم إلى الوراء أيام المعارضة ومؤتمراتها ,ومن كان يحركها ويديرها من خلف الكواليس.وانا لا ابغي الطعن بمدى استقلاليتها ومكانتها واخلاص توججها , لكن مجرد تذكير هؤلاء الساسة والقادة, من انه لم ينعقد أي مؤتمر سابق للمعارضة العراقية منبثقا من إرادة عراقية خالصة متمخضة من صلب المعارضة العراقية ومن فصائلها العاملة في الخارج , إلا بفعل حراك وتحفيز دوائر المخابرات الاقليميه التي كانت تحتضن المعارضات العراقية العاملة على أراضيها ,أو بفعل الأدوار التي كانت تلعبها الدول الكبرى صاحبة القرار, و التي تبنت القضية العراقية مباشرة بعد احتلال الكويت من قبل النظام ألصدامي, علما ان معظم مقررات وبنود والبيانات الختامية لهذه المؤتمرات تقع تحت املاآت وايحاآت هذه الدول ومخابراتها .هذه الحالة كانت فاقعة ساطعة لا يداخلها الشك والظنون في المعارضة العراقية , وكانت بعض الأحزاب تأخذهم ألعزه بالنفس, فيمتنعوا عن حضور هذه المؤتمرات خشية تلطيخ تاريخها النضالي والجهادي بالعمالة والعار .فكيف ألان وقد انضوى الجميع ممانعين ومنسجمين في السلطة وما تعنيه هذه السلطة من منافع وحكم وجاه وامتيازات ونفوذ وثروة طائلة , فلا بد ان يحتدم الصراع ويشتد ضراوة وشراسة للتكالب على اقتسام كعكته .
اما الاحتمال الثاني : لو قدر لهذا المؤتمر الانعقاد بفعل القوى الخارجية المؤثرة 'فلن تكن حصيلته إلا عبارة عن خطب ومناظرات ومهاترات جوفاء,قد تخرج ببيان ختامي صوري فضفاض اجرد من جوهر و لب المواضيع والقضايا الرئيسة المتصارع عليها, وإذا ما أشير لها فعلى استحياء وخجل, أو من باب ذر الرماد في العيون ,أو من اجل المجاملة والترضية لبقية الاطراف التي تشعر بالغبن والتهميش على رصيف السلطة وقيادتها .وستعود نفس الاسطوانة المشروخة, تتلكأ من جديد بعد انتهاء فصول المؤتمر مباشرة ,وستغدو هذه الفصائل والتكتلات أكثر نفورا وتشرذما وانقساما, وستتفاقم حدة الصراع إلى اعتى مما نحن عليه ألان, ثم تليها موجة كيل الاتهامات والتنصل من الوعود وتطبيق بنود ومقررات المؤتمر, ويظل العراق وشعبه يدور بحلقة مفرغه خاوية الوفاض قد تمتد عروقها إلى الدورة الانتخابية القادمة.هذا ان استطاع العراق تجاوز محنته وتعافى, دون ان تعصف به رياح الجنوح والتوتر السياسي المزاجي, والذي سيقضي لا سامح الله ,على البقية الباقية من هامش الديمقراطية وبناء ألدوله العصرية .ففشل المؤتمر وإخفاقه في تحقيق مآرب ومطالب بعض التيارات والأحزاب, يعني تحولها وحسب تصورها إلى رفع سقف مطالبها ,والذي ينصب بسحب الثقة عن الحكومة وقيادتها ,وهي محور القضية المركزية التي يدور حولها الحراك السياسي ألان .وموضوع سحب الثقة عن الحكومة ليس بالأمر الهين والسهل المنال, لعدة اعتبارات تتخلله , منها ما يخص قوة الحكومة وهيلمانها التي تفانت ببنائه وتحشيده كل هذه السنين, يقابله من الجانب المضاد ركاكة وهزال وضعف القوى المناهضة والمخاصمة لها, والتي يتعسر عليها لم شعثها المبعثر والمشتت في توحيد كلمتها ومواقفها . اما الاحتمال الثالث : هو الذهاب إلى حل مجلس النواب الحالي, وإجراء انتخابات مبكرة , وهو ما صرح به بعض أعضاء دولة القانون مؤخرا, ويبدو انه بالون اختبار مبطن بالتهديد لكافة الإطراف السياسية المشتركة بالعملية السياسية, وهذا لم يتأتى من فراغ ما لم يكن ورائه قوة متنفذة داعمة ومحفزه له, وهو بالتالي يعني لكل الشركاء ,ان دولة القانون هي المستفيد الأول من إعادة الانتخابات وان لها القدح المعلى في الفوز والصدارة وحصد الأصوات, حيث ستكتسح الساحة البرلمانية بعدد مقاعدها ,لكون زمام الأمور بيدها وتهيمن على كل مفاصل وأوراق أللعبه البرلمانية والدعائية ,من دولة وسلطة ومال وتستطيع تسخير كل هذه الإمكانيات لصالحها, وبذلك ستستميل اليها معظم الشعب العراقي في محيطها الاقليمي , وواهم من يتصور عكس ذلك ويراهن على شعبنا الذي تستهويه السلطة والقوه والمال .ولكن يبقى الافتراض الأهم, الذي يجب ان يعيه الفرقاء السياسيون والمسئولون العراقيين, أين هو موقع الشعب العراقي من كل خلافاتهم وصراعاتهم ومنابذاتهم ؟؟, وأين هو من هذا الصراخ والعويل والضجيج الاعلاميى؟؟ , الذي أعيا صدور هذا الشعب وصدع رؤوسهم وانعكست تداعياته على الواقع الخدمي والحياتي ,حيث انشغل الساسة بمصالحهم وإشباع رغباتهم وأحزابهم وذويهم وملئ جيوبهم وأرصدتهم. فالقادة والساسة في واد هائمين يترنحون من نشوة السحت الحرام التي تدخل إلى أجوافهم. من رزق وعيش هذا الشعب المستضام الذي يتلضى كمدا وجوعا وحسره, ينظر إلى قادته بعين حاسدة ضامرة, لا يعنيه أو يرتجي من صخب وغبار مؤتمرهم المزعوم سواء ألتأم شمله أو اخفق, أي خير ,أو إنقاذ من محنته, طالما ظلت نفس هذه الأحزاب و الشخوص والرموز تدير دفة هذا البلد وتتلاعب بمقدراته.
https://telegram.me/buratha