حافظ آل بشارة
كثير من العامة والخاصة يفكرون حاليا بأيجاد حل للأزمة القائمة ، ودعاة الاصلاح حريصون على معرفة اطراف الصراع بدقة فمن هي وماذا تريد ، هناك اكتشافات مثيرة لولا الصراع ماظهرت ، اتضح ان احزاب البلد ليس بينها صراع اديولوجي على المقدسات ، بل هو صراع من نوع آخر لا يستحق التقدير ! صراع المصالح التافهة ، الاموال والترف والكشخة ومواقع القوة لا اكثر ولا اقل ، الدليل انك اذا اخذت لائحة اهداف كل حزب عراقي على حدة وقرأتها فسوف تخرج بورقة اهداف موحدة يتشابه فيها الاسلامي والقومي والشيوعي واللبرالي الى حد النقطة والفارزة اذن على ماذا يختلفون ؟ لا بأس ، ولكن لننظر الى الصراع من زاوية ثانية ، الم يكن النواب ورجال الحكومة منتخبين ؟ الم يخترهم الناس ؟ فهل هم داخلون في هذا الصراع نيابة عن ناخبيهم ام نيابة عن انفسهم ؟ قائمة المشاكل الحالية بين الكتل ليس بينها مشكلة واحدة تخص الناخب ، يغضبون ، يهددون بالخروج من الحكومة ، يهددون بسحب الثقة عن الحكومة ، يلوحون بالانفصال والاقتتال ، ولكن اعلموا ايها الناس ان اغلب هؤلاء ليسوا غاضبين لأجل شعبهم ، ليسوا غاضبين لأن البلد بلا كهرباء ، او بلا أمن ، او لأن 30% من الشعب تحت خط الفقر ، او لأن البلد بحاجة الى 3 ملايين وحدة سكنية ، او لأن الزراعة تتراجع ، والصناعة متوقفة ، والتجارة يبتلعها الفساد ، او لأن التنمية متوقفة ، بل يغضب اغلبهم لأنه غير راض عن حصته في مثلث المال والقوة والهيمنة ، الزعيم المخلص ينادي يا شعبي ، والزعيم الفاسد ينادي يا حصتي ، كثير من الاسماء والرموز يضمرون في اعماقهم احتقارا للانسان ، استعلاء يبتلى به عشاق السلطة وطلاب المواقع ، لكن الاسلاميين اشد الناس حسابا ان فرطوا ، وبين ايديهم القرآن والسنة وسيرة امامهم علي (ع) وهو يخاطب مالك الاشتر في عهد توليته على مصر: (وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ) ويذم الحواشي الانتهازية المحيطة بالزعماء فيقول : (ليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء ، وأقل معونة له في البلاء ، وأكره للإنصاف ، وأسأل بالإلحاف ، وأقل شكراً عند الإعطاء ، وأبطأ عذراً عند المنع ، وأضعف صبراً عند ملمات الدهر من أهل الخاصّة ) وأول من مارس اجتثاث المجرمين السابقين هو علي (ع) اذ يقول : (إنّ شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شركهم في الآثام ، فلا يكونن لك بطانة ، فإنّهم أعوان الأثمة ، وإخوان الظلمة ، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم ) ويوصيه بمكافئة المبدعين ورعاية المخلصين فيقول : (ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء ، فإنّ في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان ، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة ) هذا منهج علي ، والحجة قائمة على من ادعى حبه . لا سبيل لبناء الدولة العصرية الناجحة الا باسترجاع السلطة من اصحاب المصالح والانتهازيين والفاشلين وتسليمها الى المخلصين ، الذين همهم خدمة الناس ورضا الله .
https://telegram.me/buratha