المقالات

من المؤمنين ... نساء

1074 18:19:00 2012-05-09

اكرام حسن

كثيرا مانسمع وفي كل مناسبة الحديث عما فعله المجاهدون من الرجال نصرة لدين الله وسندا لائمتنا عليهم السلام , ولكن قلّما يعرج بنا المحاضرون الى دور النساء في هذا المجال بل يندر تقريبا . ولو بحثنا في طيات الكتب لرأينا المواقف الجريئة والمشاهد الصعبة التي لا تقل اهمية عن تضحيات الرجال بل ربما هي التي دفعت بعض الرجال الى نصرة دين الله , ولكون اغلب جهاد النساء باللسان لا بالسيف , هذا لا يقلل من اهمية الدور الذي يلعبه التحريض والنصرة في تقوية النفوس وشحذ الهمم , ولا يعطي الحق لبعض الاراء بان تصف مواقف النساء بالانفعالية والعاطفية فلو حللنا كلام النساء وخطبهن لعرفنا ان ماقلنه لا يقل اهمية عن استخدام السيف ابدا . ولناخذ بعض الامثلة لمواقف نسائية من خارج البيت النبوي :نساء مع الحسين ع في كربلاء1. طوعة : زوجة الاسيد الحضرمي , هذه المراة على كبر سنها آوت رسول الحسين مسلم بن عقيل بعد ان هجره عشرات الالاف من انصاره من الرجال , وجازفت بحياتها ( لان من يجير انصار الحسين مقتولا لامحالة على يد عبيد الله بن زياد لع) خصوصا انها تاوي في بيتها احد جنود عبيد الله وهو ابنها , ولنا ان نتصور مدى خوفها في تلك اللحظات وقلقها من عيون عبيد الله - ومنا من مرَّ بمثل هذا الموقف عند مقارعة الظالمين وحينما بلغت القلوب الحناجر من شدة الخوف على الضيف اولا ومن بطش الظالمين ثانيا - .لكن جرأة وصلابة وايمان هذه المراة وعلمها بوجوب طاعة ال محمد ص جعلتها تتحدى جنود عبيد الله وتنصر رسول الحسين ع اذ عجز الرجال عن نصرته خوفا .2.دلهم بنت عمرو زوجة زهير بن القين الذي كان يبغض ان يساير الحسين ع في سفره, وعندما بعث الحسين ع في طلبه رفض زهير الذهاب ولكن زوجته كانت تعرف مكانة الحسين ع وتعلم ان زوجها لو قابله سيغير الكثير من تصوراته الخاطئة لانه ذو نباهه ويستطيع التمييز بين الحق والباطل فالحَّت عليه بطريقة ذكية بالذهاب للحسين ع والاستماع لما يريد .وما ان قابل زهير الحسين ع حتى عاد لزوجته ناويا الالتحاق بالحسين وعرض عليها الطلاق لكي لا يصيبها سوء بعد مقتله فقالت له -والله لا اتركك بل اكون معك مع الحسين ع - ولم تقل بل اكن معك ( فقط ) انما قالت مع الحسين ع , فهي لم تذهب مع زوجها مواساة له وحبا انما اختارت طريق الحسين لانها تعلم انه طريق الحق وعلى من يسلكه ان يتوقع القتل اوالسبي وهذا ما اشار اليه زوجها زهير حين عرض عليها الطلاق .3. ام عبيد الله الكلبي وموقفها البطولي عندما عاد ابنها من ساحة القتال وقال لها : اماه هل رضيتي عني (وقوله هذا لا لانه اراد التوقف عن القتال ولكنه اراد ان يتاكد من ان امه فرحة فخورة بذهابه للموت ) قالت لا والله حتى اراك شهيدا مضرجا بدمك دون الحسين, لانها تعلم ان الحسين امام مفروض الطاعة وعليها ان تلبي نداءه بالنصرة وليس اعظم من ان تضحي بولدها دونه , وعندما استشهد ابو وهب رُمي براسه الى خيمة امه فاخذت عمودا وخرجت للقتال وخروجها لم يكن انفعالا او حزنا على ولدها بدليل ان الروايات تقول انها مسحت الدم عن راسه وقبلته وربما تكلمت معه او شكرته , الا ان خروجها كان عن يقين انها في حالة جهاد وعندما يقتل الرجال فالنساء مخيرات بين الخروج والبقاء وهي اختارت الخروج للقتال وهي ترتجز بالابيات المعروفه ( انا عجوز في النسا ضعيفة ,,, خاوية بالية نحيفة ,,, اضربكم بضربة عنيفة ,,, دون بني فاطمة الشريفة ) ولو تنبهنا قليلا الى الكلمات التي استعملنها النسوة لراينا انها قيلت بدقة شديدة وليست جزافا , فوصف ام عبيد الله للسيدة الزهراء بالشريفة تعني شريفة المكانه لان الله شرفها من حيث ان اباها نبي وزوجها وصي وهي سيدة النساء , وشريفة الاخلاق نكاية بابن زياد الذي كان جده غير معرَّف .4.ام وهب وهي زوجة عبيد الله الكلبي الملقب بابي وهب التي واجهت حب الدنيا اولا بعد ان عارضت خروج زوجها للقتال لكنها عادت وخرجت بنفسها لساحة القتال وهي تنادي مخاطبة زوجها : فداك ابي وامي قاتل دون الطيبين , ذرية محمد ص , تصف الحسين واهل بيته , بمرأى ومسمع من الجيش , بهذا الوصف القراني لاهل الجنه -الطيبين - وهي بهذا تقول ان اعداء الحسين هم من اهل النار ,كما انها ذكَّرت جنود عبيد الله - الذين اعمى الله بصيرتهم - بان الحسين هو من ذرية محمد ص ولا ياتي من محمد الا الطيب والحَسَن . ورفضت الرجوع الى خيمتها عندما طلب منها زوجها ذلك لانها علمت ان الاسلام في خطر وانها في حالة جهاد والمرأة غير ملزمة باطاعة زوجها عند اعلان الجهاد لهذا طلب زوجها من الحسين ع ان يردها الى خيمتها لانه امام واجب الطاعة ,فرجعت امتثالا لامر امامها وقيل انها استشهدت في المعركة وهي اول شهيدة في كربلاء .5.وتلك التي البست ابنها لامة حربه وقلَّدته سيف ابيه الذي استشهد في المعركة وعندما رفض الحسين ع ان يخرج الصبي للمعركة رأفة بامه قالت له المرأة : أتثكل بك امك الزهراء ولا اثكل بولدي , وهي بقولها تذكر الناس بان الحسين ابن الزهراء وتربية الزهراء ع التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها -لان رضاها وغضبها ليس لامر دنيوي انما لله وفي الله - وهكذا يكون رضا الحسين وغضبه .كما ان قولها ( اتُثكل بك امك الزهراء ) يعني انها عارفة ان الحسين ع مقتول حتما فلِمَ ترسل ابنها للقتل الا لتقف يوم القيامة مرفوعة الراس كونها لم تركن لظلم ولم تهن عن نصرة الحسين ع .بهذه المرأة وامثالها امتلأت قلوب الرجال شجاعة وثباتا لدرجة ان ابنها خرج للقتال وهو ينادي بفخر- اميري حسين ونعم الاميرسرور فؤادي البشير النذيرعلي وفاطمة والداه, فهل تعلمون له من نظير ,وقوله هذا يحاكي قول امه لانه وعى قصد امه حينما ذكرت الزهراء ع , مذكرا جيش عبيد الله , ان الحسين هو ابن علي الذي يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله وليس له نظير على وجه الارض من حيث النسب ومن حيث المدرسة التي استقى منها حب الله والعلم بدين الله وانه مع الحق والحق معه لايفترقان .هذا غيض من فيض عما قامت به نساء الانصار في كربلاء , وهناك من سبقتهن بالجهاد مع علي ع ووقفن الى جانبه يجاهدن بلسانهن ويحضرن معه واقعة صفين يحرّضن الرجال على القتال بشعر أو نثر . وبعد استشهاده ـ عليه السلام ـ واغتصاب معاوية الخلافة نراه يبعث وراءهن قاصداً إذلالهنّ وإظهار نفسه أمام الناس بأنه يتحلى بالعفو عند المقدرة إذ يعفو عنهن ويُكرمُ بعضهن، إلا أنهن يقفن موقفاً بطولياً ويسمعن معاوية ومن معه كلاماً قارصاً يدل على ثبات عقيدتهن ورسوخها .

منهن اروى بنت الحارث وهي من ربات الفصاحة والبلاغة، كانت أغلظ الوافدات على معاوية بن أبي سفيان، حيث أسمعته ومن معه كلاماً قارصاً وأظهرت مظلومية علي ع يوم اُدخلت على معاوية بالموسم وهي عجوز كبيرة امر لها بستة الاف دينار ثم قال لها أما والله لو كان علي ما أمر لك بها, قالت: صدقت إن علياً أدى الأمانة ، وعمل بأمر الله ، وأخذ به ، وأنت ضيعت أمانتك ، وخنت الله في ماله ، فأعطيت مال الله من لا يستحقه، وقد فرض الله في كتابه الحقوق لأهلها وبيئها ، فلم تأخذ بها , أتذكر عليّاً فض الله فاك وأجهد بلاءك، ثم علا بكاؤها وقالت: ألا يـا عـين ويحك أسعدينا *** ألا وابكي أمير المؤمنـيـنارزينا خير من ركب المطايا *** وفارسها ومن ركب السفـيناومن لبَـسَ النعالَ أو احتذاها *** ومن قرأ المثاني والمئــيناإذا استقبـلت وجه أبي حسن *** رأيت البدر راعَ النـاظـريناولا والله لا أنـســى علياً *** وحُـسن صلاته في الراكعيناأفي الشهر الحرام فجعتمونا *** بخير الناس طُرّاً أجـمــعينا

ومنهن ايضا الزرقاء بنت عدي بن غالب الهمدانية لما دخلت على معاوية قال أتدرين فيما بعثت إليك قالت‏:‏ أنى لي بعلم ما لم أعلم قال‏:‏ ألست الراكبة الجمل الأحمر والوقفة بين الصفين يوم الصفين تحرضين على القتال‏ وتوقدين الحرب , حين تقولين‏:‏ أيها الناس ...ألا وإن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء ولهذا اليوم ما بعده, والصبر خير في الأمور عواقبا , أيهاً في الحرب قدماً غير ناكصين ولا متشاكسين‏ ‏.‏‏ثم قال لها‏:‏ والله يا زرقاء لقد شاركت علياً في كل دم سفكه , فاستبشرت خيرا بذلك , فقال لها معاوية : أَوَ يسرك ذلك ؟ قالت‏:‏ نعم والله‏.‏فضحك معاوية وقال‏:‏ والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته , اذكري حاجتك ؟ قالت‏:‏ آليت على نفسي أن لا أسأل أميراً أعنت عليه أبداً , فهذه المرأة الى اخر ايام حياتها تقف موقفا بطوليا مشرفا وتمتنع عن كل المغريات التي يعرضها عليها معاوية محاولة منه لحرفها عن نصرة الحق لكنه يبوء بالفشل .وليومنا هذا مازالت النساء - الفاطميات - تتحدى جبروت الظلمة وتقف جنبا الى جنب مع الابن والاخ والزوج نصرة لدين الله

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو رضا السماوي
2012-05-11
اجدتي صياغته ومحتواه....دمتي موفقه....فعلا ان التاريخ لاينسى فضل الكثير من اللواتي وقفن بوجه الطغاة فصرن شعلة مضيئة ودرسا للرجال والنساء...............احسنتم
حسن
2012-05-10
بارك الله جهودك وان سبب ماذكرتيه هو يعودلسببين الاول:تخلف يسود المجتمع العربي ولحد الان وغطرسه لدى بعض الرجال ومبدأ التسيد ( ناسين انهم خلقوا بنفس الروح ومن نفس الطين) وثانيا-بعض النساءاللواتي يخرجن عن الاخلاق بشكل غير طبيعي ممايشكل انطباع وسوء فهم وتعميم عن الغالبيه وعن شخصية المرأه بشكل عام بعيدا عن التفكير بخلقة الله وحقوق هذه المخلوقه...وهنالك امور ثانويه منها عفة المرأة وخجلها لايدعها تقتحم عالم الرجال الامر الذي يسهم باهدار حقوقها وكذلك ضعفها قياسالقوة رجل حالت دون ذلك-
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك