حرية التعبير واشياء اخرى
د. سلام سميسم
سأل صحفي الجنرال الديكتاتور الأسباني فرانكو "ما هي الديكتاتورية ؟" فأجابه فرانكو " أن تجعل المثقفين و المفكرين يصمتون! "
لا يهم الاسم و لا يهم الشخص ولكن المهم ما تعنيه الحالة التي نشخصها ، فما زال يقيني ان التشخيص يمثل 90% من العلاج.
ليس المهم من تكون سلام سميسم ، وليس ضروريا ان نعرف لاي طائفة تنتمي ، وكذلك ليس مهما كم يكون عمرها وماهو شكلها وهل هي محجبة ام لا ؟؟؟ ولكن ماذا يمثل الفعل الموجه ضد شخص وضد هذا الشخص تحديدا !!!!!!
اخيرا تمت الموافقة على احالتي الى التقاعد !!!! وكانت هذه الخطوة لحفظ " ناكوط الحب " كما يسميه اهلنا في العراق ، وناكوط الحب هذا هو التقاعد الذي يمثل النزر اليسير الدائم و هو قوت لايسد من أود ولكنه يمنع عن الموت جوعا !!!
اما لماذا التقاعد ؟؟؟ فذلك لانه اهون الشرين .... ، نعم .... في يوم بينما اتجول في طوابق البناية التي اعمل فيها اذا باحدهم يبادرني : لماذا انتقلت دكتورة الى وزارة الشباب؟؟؟
تفاجأت .... الا ان ذلك لم يعف الجميع واولهم " انا" ، من التساؤل ، هل صحيح هذا الخبر؟؟؟؟
ذهبت للادارية وسألت طبعا لم يجيبوني!!! لكم ان تتصوروا كيف يكون التشفي عندما ترى موظفين اصغر عمرا واوطأ درجة وظيفية و و و و وهو يختص بمعلومة يحدد فيها مستقبلك وحياتك الوظيفية ... سكتت وسلمت امري الى الله ....
أنكر كل من معي امر النقل فادركت ان الامر مصيبة جديدة ترتبها لي ادارة ال.... التي انتمي اليها اداريا ......
لم يقف الامر عند هذا الحد ، اذ فاجأني كتاب من الادارية بطلب المثول امام اللجنة التحقيقية الدائمة في الدائرة القانونية للامانة العامة لمجلس الوزراء !!!! ؟؟؟ ووسط دهشتي وتساؤلي وتشفي اولي الامر ومن يتصنع الولاء لهم ، ذهبت للمثول امام هذه اللجنة اذ ليس لي ما أخشاه ، فلقد قلتها واقولها دائما :
لم اتورط في صفقة مالية
ولم أختلس المال العام
ولم ولن استلم رشوة من اي طرف
ولم اخذ عمولة نتيجة ال......
ولم أزور شهاداتي ولم تأتني بالمحاباة او الوساطة او المحسوبية او النفوذ ايا كان شكله
المهم..... ذهبت للاستجواب
فسألت اول شيء: سيدي ايها المحقق قبل ان تبدأ اريد ان اعرف ماهو حجم التهم الموجهة الي ؟؟؟
ضحك الرجل على استيحاء وقال: لدينا قرص مدمج ( CD) لاحدى تصريحاتك في فضائية عراقية وفيه تتحدثين عن الموازنة العامة لعام 2012 وتتحدثين عن رواتب المسؤولين والدرجات الخاصة وتهددين الحكومة ..... هنا انتفضت قلت له : ماذا؟؟؟ اهدد الحكومة؟؟ لم يبق الا ان اتهم بالمادة 4 ارهاب ؟؟؟؟ اخي العزيز هل تدرك معنى هذا الاتهام ؟؟؟
اجابني " مشكورا على صبره "، سيدتي لست انا الذي اقول وانما هذا هو الاتهام الموجه لك.....
استعذت بالله واستعنت به وصليت على النبي الخاتم وآله ، وقلت له : سيدي اعتذر ولكنها المفاجأة.......
عندها بدأ يقرأ علي التصريح الذي أغضب الجميع على مايبدو ؟؟؟!!!!
ومفاده :
ارتفاع نسبة الموازنة التشغيلية وارتفاع قيمتها مقارنة بالموازنة الاستثمارية ؟؟
ارتفاع قيمة فقرة الرواتب من مجموع النفقات التشغيلية ؟؟؟
ارتفاع رواتب الدرجات الخاصة ؟؟؟
زيادة اعداد مايسمى بالمستشارين والدرجات الخاصة والخرق الدستوري في ذلك ؟؟ ( وكأنني قادمة من المريخ واتحدث عن كوكب عطارد ) ؟؟؟؟ !!!
هنا اعطيته اسماء لكذا شخصية يستلم راتب وزير او وكيل وزير وهو اصلا غير معين رسميا وفي ظل الخرق القانوني ال ......
الدافع السياسي في توجيه سياسات الرواتب وتخفيضها :
قلت له وهل ينكر ذلك احد ؟؟؟ لقد صدر امر تخفيض الرواتب الا ان من شمل به هو موظفي رئاسة الوزراء ( مجلس الوزراء والامانة العامة) فقط ، الا ان الدوائر الرئاسية الاخرى لم تلتزم به لحين كتابة هذه الاسطر !!!!!
اما عن المنافع الاجتماعية فانني اتكلم في ضوء تكليفي الشرعي الذي امرني به ديني وسنة نبيي ومراجعي الكرام حفظهم الله وابقاهم لنا ذخرا وذخيرة !!!
سكت المحقق وكان هنالك احدى القانونيات التي تدون افادتي .....
ولم أعلم بنتيجة هذا التحقيق للساعة.......
الا انني فوجئت في اليوم التالي بكتاب موقع من السيد مدير عام الادارية في مجلس الوزراء يعلمني فيه بموافقة وزارة المالية على حذف درجتي الوظيفية " خبير- درجة اولى / م. مدير عام " واستحداث درجة لي في وزارة الرياضة والشباب ، هههه تصوروا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في 1921 ولحد الان لم تحذف درجة وظيفية من اية دائرة حكومية ولاسيما درجة من النوع الاول ، فهل لكم ان تتصوروا حجم الكره الموجه ضد شخص سلام سميسم الى الحد الذي يجعل المصلحة الخاصة تطغى على المصلحة العامة فتلغى درجتها اصلا وتنقل " لكي تتأدب" كما نقلها لي احدهم عن احد المسؤولين ...... !!!
بعدها اتت موافقة معالي السيد وزير الشباب على نقلي الى ملاك وزارتهم ، ههههه، اية كوميديا سوداء هذه ؟؟؟
استرجعت سنوات الاقالة السابقة في عهد النظام المذكور ، والوجوه الكالحة التي شاركت في اغتيالي علميا واقتصاديا والتي مازالت وبحمد من الله وحفظه تتربع على مقاليد الامور في التعليم العالي ، وكيف رفضوا تزويدي بشهادة براءة ذمة من الاموال العامة ، لكي لا اتمكن من العمل في اي مكان آخر ، اضافة الى رفض تعييني في اية دائرة اخرى لاعتبارات عرقية وطائفية ، الا يكفي هذا؟؟ فهل كتب على الانسان العراقي ان يقمع ويطرد ويهدد في لقمة العيش ؟؟؟
المهم .....
عندما وجدت الامر هكذا وبعد ان بعث الي يطلب حضوري اذ نبهني مشكورا: الا تخافين على نفسك؟؟ الا تخشين ان تتعرضي لحادث؟؟؟ !!! الا تخشين على اولادك ؟؟؟ ابتسمت من ثقل وهول ما اسمع .... رجعت الى مكتبي .. وكتبت طلبا للاحالة على التقاعد !!!
وباستغراب من زملائي ورئيسي المباشر قدمته وقدموا لي كل التسهيلات
واخيرا قدمت الموافقة العليا على احالتي على التقاعد ، بعد ان حاولت بعض الاطراف العرقلة لكي اطرد من الخدمة بدل التقاعد " تصوروا الى اي حد يبلغ الامر في المرافق الحكومية ونح من المفترض ان نكون في ظل الديمقراطية ؟؟؟ " ،
وما هي الا ايام واسجل انفكاكي من الوظيفة بعد ان ابتهج المعنيون بقص لساني ومحاربتي في رزقي ، كعادة كل متسلط يمتلك زمام الرقاب و رزق العباد ....
الا انني في نهاية اسطري هذه ادرج للقارىء اخر ما ورد عن الموازنة وبرأي مختص وليس من قبل سلام سميسم :
" اكد مختصون ماليون ان الموازنة العامة للدولة شهدت تراجعاً ملحوظاً في الجانب الاستثماري لصالح الزيادة في حجم النفقات التشغيلية.وقال مدير عام دائرة الشؤون الفنية والدراسات في ديوان الرقابة المالية صلاح نوري خلف :ان هناك اختلالات واضحة في الموازنة العامة لسنة 2012 ، من المهم الاشارة لها وهي ازدياد حصة النفقات التشغيلية بنسبة 68% على حساب النفقات الاستثمارية بنسبة 32% ، مما يحمل معاني تراجع مستويات التنمية لرؤوس الاموال وتوجيهها نحو الاستثمارات ، وهو مؤشر لوجود قصور واضح في التنفيذ وليس التخطيط .واضاف ان حصة الرواتب ضمن الموازنة كبيرة جداً بنسبة 40% وهي الاعلى فيها بين الحصص الاخرى، والتي من المفروض ان تتأتى منها عوائد او موارد مالية ، لأن الموظف الذي يتقاضى راتبا من الحكومة عليه ان ينتج ويقدم موردا إنتاجيا للحكومة بصورة عملية ، والذي نرى خلافه على ارض الواقع ، حيث ان اعدادا كبيرة من الموظفين يتسلمون رواتب لاغراض اجتماعية وغيرها كالفصل السياسي وما شابه وتسلمهم لراتبين احدهما تقاعدي والاخر تشغيلي لكونه لا يزال يعمل موظفاً لدى الدولة ، وهي نسب في تصاعد مستمر مع السنوات المقبلة ، اذ تشير التوقعات الى ارتفاعها بشكل سلبي بنحو 45% من مجمل الموازنة المالية المقبلة .ولفت الى ان البيئة الاستثمارية في العراق لا تزال دون المستوى المطلوب ، اذ لا يتم توجيهها نحو اوجه استثمارية جديدة كالاستثمار في صندوق تقاعد الموظفين لاستثمار الاموال المستقطعة من رواتب الموظفين المخصصة للتقاعد واستثمارها في اوجه استثمارية مختلفة تحقق نسبا كبيرة من الارباح في تلك الاموال، وكذلك استخدامها وتوظيفها لصرفها كزيادات في الرواتب التقاعدية ورواتب الموظفين في حالات حدوث تضخم من دون تحميل الموازنة المالية العامة زيادة في التخصيصات لرواتب الموظفين والمتقاعدين "
http://www.alestiqama.com/news.php?cat=business&id=676
في كل هذه المفارقات المبكيات المضحكات ، اذكر ان لا أحد من علية القوم فكر ان يسند امرأة عراقية اسمها سلام سميسم ، و كأنني اخترت قدرا ان احارب وحدي وان يظل المتمترسون بمناصبهم وقراباتهم من هذا وذاك امامي يضربون كلا من جهته على امل قتل الحرية وخنق الديمقراطية من خلال استهداف نماذج الرأي العلمي الموضوعي الذي يهدف الى بناء العراق الديمقراطي في ظل اجواء من احترام الرأي والرأي الاخر وقبول الاخر ، ولا تعليق !!!!
في خضم ذلك نشهد تأليف المفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان ونحتفل باليوم العالمي لحرية التعبير.....
ختامي لايمكن ان يكون الا بدعاء مستقى من مقولة شاعر الهند الاعظم طاغور اذ يقول :
" يا رب ساعدني على أن أرى الناحيه الأخرى من الصورة و لا تتركني أتهم خصومي بإنهم خونة لأنهم اختلفوا معي في الرأي " .
https://telegram.me/buratha