عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية السابق
مهم جداً اختيار العراق لمفاوضات الملف النووي الايراني.. فلقد عرضت دول كثيرة استضافة اللقاء لاهميته العالمية.. والتغطية الواسعة التي سيحضى بها.. والاثار الكبيرة التي سيسفر عنها. ورغم غياب العراق عن الاجتماعات، لكنه سيكون اول الحاضرين في النتائج.
فنجاح اللقاء -شكلاً- سيجعل من بغداد مكاناً للقاءات لاحقة ستساهم -مع عوامل اخرى- في احداث نقلة نوعية لرؤية الاخرين للعراق ولدوره.. ولرؤية العراقيين لاوضاعهم وخارجهم. ويبقى الجانب الاهم ما يمثله اللقاء -موضوعاً- من تطورات اقليمية ودولية.. كانت مسؤولة مباشرة لوصول العراق لحالته الكارثية اليوم. فالحرب العراقية الايرانية، لم تكن اطلاقاً حرباً وطنية، بل حرباً بابعاد عالمية، دفع البلدان كلفها المادية والبشرية. فخسر العراق حوالي ترليون دولار باسعار الصرف وقتذاك، ناهيك عن ديون وكلف بشرية وبيئية لا تقدر بثمن. ومن رحم الحرب الاولى ولدت حرب الكويت بكلفها وتضحياتها، ناهيك عن الحصار والعقوبات واجتياح العراق في 2003 بالاثار المضاعفة المدمرة الماثلة امامنا. فحل المشكلات وطابع العلاقات بين ايران واطراف المجتمع الدولي، اضافة للعلاقات بين العراق وايران، من شأنها صياغة ظرفنا التاريخي، سلباً او ايجاباً. فكما كانت للعلاقات العدائية والحربية منذ اوائل الثمانينات اثاراً مدمرة اعادت البلاد عقوداً للوراء، كذلك يمكن لنجاح اللقاء وعودة العلاقات الايجابية بين كل تلك الاطراف ما يصحح اساساً من الظرف لتقلب مسارات العنف والتدهور والتراجع الى التقدم والاعمار والسلام.
هذه مصلحة تاريخية واساسية للعراق.. ونرى ان من واجب الحكومة والقوى السياسية والاعلام توفير افضل الاجواء سواء عبر الاتصال بمختلف الاطراف، او عبر الخطاب واستخدام الكلمة الطيبة والفكرة الايجابية للمساهمة وبكل الوسائل لانجاح هذا اللقاء. ويبقى الشرط الاهم هو وضعنا الداخلي.. وتوفير الاجواء المناسبة للتهدئة، عبر تقديم الحلول الجذرية.. وليس تكرار الازمات.. او المجاملات والاتفاقات الهشة. وهنا تقع مسؤولية كبيرة على اطراف في "التحالف" للمبادرة ايجاباً، ليكون للشركاء في "التحالف" وبقية الكيانات المقابلة بالمثل. فقبل قمة بغداد بذلت الجهود للتطمين وارسال الرسائل الايجابية.. بل والقيام بزيارات سريعة كزيارة رئيس الوزراء للكويت.. والتي ساعدت بنجاح المؤتمر. والمطلوب، لمن يهمه مصلحة العراق القيام بعمل مماثل لنموضع قضايا الخلاف الداخلي ونعالجها بالطرق الدستورية المتفق عليها، تحت سقف المصالح العليا وليس خارجها. فالاثار الايجابية للملف النووي اهم بكثير من قمة بغداد.
https://telegram.me/buratha