خضير العواد
لقد عانا الشعب العراقي لمئات السنين من التسلط الظالم للحكام الجائرين الذين حكموا العراق تحت مختلف العنوان منها الديني والقومي والإممي ، ولكنهم جميعاً فشلوا في إدارة العراق وأذاقوا أهله مختلف العذابات التي يعاني من أثارها الشعب الى هذه الأيام ، وبعد التغير عام 2003 وتأسيس بلد ديمقراطي جديد يحتكم الى صناديق الأنتخابات في قيادة البلد والى القضاء في المسائل القضائية والى الدستور في المشاكل السياسية ، ولكن هذا البناء يريد من يحميه ويسقيه حتى يشتد عوده ويتعود الشعب عليه ، لأن الذين تتعارض مصالحهم معه سوف يحاولون عرقلة هذا المشروع ويضعون أمامه كل العقبات التي يراد منها إفشال العمل الديمقراطي في العراق ، وهذا العمل له مريديه ومشجعيه من العالم العربي ودول الجوار الذين يرفضون بل يحاولون منع هذا المشروع من الأستمرار ، وكل دولة ومجموعة لها أسبابها ومصالحها في ضرب شجرة الديمقراطية في العراق ، ولكن التدخل الخارجي يقل تأثيره إذا كان الداخل العراقي متماسك ومؤمن وقوي في إستمرار السير في هذا الطريق الذي عُبّدَ بدماء الألأف من خيرة شباب العراق ، ولمعرفة الطرق الصحيحة التي يمكن بها علاج الأمراض يجب علينا أن نشخص المرض أولاً ، عندها سوف نتعامل معه بالشكل الصحيح أما إذا كنا نجامل المريض ونعطيه علاجات بسيطة وليس لها أي علاقة بحقيقة العلّة عندها ستسوء الحالة وقد ينتهي الأمر الى نتائج وخيمة لا يحمد عقباها ولا يتمناها الجميع ، لذا يجب علينا أن نضع النقاط على الحروف ولا نضيع بالعناوين الفضفاضة التي لا تغني من جوع كالمشاركة الحقيقية في الحكم والمصالحة الوطنية والمصلحة الوطنية والطائفية والعنصرية القومية وغيرها من العناوين التي جعلت المشاكل في العراق أصعب حلاً، لذا إن شجرة الديمقراطية التي ضحينا من أجل زراعتها في أرض العراق تتطلب منا تشخيص كل العناصر التي تساعد على نموها وبقاءها شامخة يستظل بها جميع أفراد هذا الشعب المكافح المظلوم ، تتركز الحياة السياسية في العراق على ثلاث لاعبين الكرد والعراقية التي تمثل أهل السنة والقوميين والتحالف الوطني الذي يمثل الأغلبية الشيعية والوطنيين من العراقيين ، إذا أتفق هؤلاء الثلاث وعملوا وفق النظام الديمقراطية فأن الحياة السياسية سوف تنتعش وتصبح قواعد وأساسات الديمقراطية أكثر عمقاً وقوة في العراق ، ولكن المؤسف إن هؤلاء الثلاث قد أبعدهم عن الوفاق التأثير الدولي الذي لا يريد للعراق والعراقيين الخير بالإضافة للمصالح الضيقة للشخص أو التنظيم ، فالكرد يحاولون جمع كل الأدوات التي بأمكانهم أن يضغطوا بها على بغداد وبالتالي إضعاف الحكومة المركزية لكي يحققوا بالنهاية حلمهم الكبير وهو الدولة الكردية في شمال العراق ، لذا وجود نظام ديمقرطي في بلد مستقر يحترم حقوق الإنسان ويعيش الجميع فيه بالتساوي يضر بأحلام الكرد بل يفقدون بذلك أهم الأعذار لخلق الأسباب الواقعية لتأسيس دولتهم الموعودة ، لهذا فأنهم يرحبون بأي مشكلة تحدث في بغداد أو يدعمون أي إبتزار للحكومة المركزية ويحاولون تضخيم أصغر الإشكالات التي تعاني منها أغلب دول العالم لكي يعطوا صورة للعالم بعدم إلتزام حكومة بغداد بإسس الديمقراطية ومن ثم يصبح لهم عذر واقعي للإنفصال وبناء الدولة الكردية .أما الكتلة العراقية ومن ينضوي تحتها يحاولون بشتى الطرق للوصول الى الحكم وهذا لا يمكن أن يصبح سهلاً إلا على أنقاض الديمقراطية والتجارب العملية واليومية التي يعاني منها الشعب العراقي أكبر شاهد ، فهذه العمليات الإرهابية التي قتلت الكثير من شعبنا المسالم كان يقف وراءها قيادات في هذه الكتلة وآخرهم نائب رئيس الجمهورية الهاشمي الذي يقف وراء أكثر من 300 عملية إرهابية ، وهذه القضايا السياسية التي يثيرها بين فترة وأخرى معظم قيادات هذه الكتلة والتي في أغلبها تناقض الدستور العراقي ويصرون على تنفيذها كرئاسة السياسات الإستراتيجية بكامل الصلاحيات وتفريطهم بأرض العراق بكل سهولة من أجل مكاسب رخيصة وقد ظهر ذلك جلياً من خلال الإتفاقية المبرمة ما بين علاوي والبرزاني التي نشرتها جريد أبسرفر اللندنية، بالإضافة الى علاقاتهم مع أغلب الدول التي تريد تدمير العملية السياسية في العراق وتصرح علناً بذلك كالسعودية وقطر وتركيا ، فالعملية الديمقراطية تضر بكل مصالح قيادات هذه الكتلة لأنها تعتبر من أكبر العقبات لوصولهم الى حلمهم الكبير وهو قيادة العراق من جديد لهذا يعملون بكل جهدهم من أجل تهديم هذه العملية أو إضعافها على أقل تقدير لكي يحققوا حلمهم الكبير وهي عودة قيادة العراق الى أحضانهم من جديد .أما التحالف الوطني الذي ناضل من أجل هذا التغير لمئات السنين وقد قدم القرابين من أجل تحقيق العدالة العامة في الحكم ، وبعد التغير شمّر عن ذراعيه هذا التحالف الكبير الذي يمثل الأغلبية في العراق ومعهم الوطنيين الذين وجدوا فيه مآوى لهم لأنه الوحيد الذي يمثل طموحهم وأمانيهم فكان السني والشيعي والتركماني والعربي والكردي الفيلي والمسلم والمسيحي ، وقد طرح هذا التكتل الكثير من المشاريع التي تضمن التعددية وأحترام حقوق الأخرين كالتوافق والمشاركة في الحكم بالإضافة للمصالحة الوطنية وقد رعى الحياة الديمقراطية وأسس لها مع القيادات الوطنية التي تريد الخير للعراق والعراقيين ، وقد ناضل هذه التكتل من أجل بناء الحياة السعيد لكل الشعب العراقي وهذا ينتج من خلال التبادل السلمي للسلطة وأفضل وسيلة لتحقيق هذا المطلب هو تطبيق النظام الديمقراطي بكل مؤوسساته حتى لا تعود الدكتاتورية من جديد الى أرض العراق ، لهذا أصبح النظام الديمقراطي من أولويات التحالف بكل مكوناته وخصوصاً المجاميع الثلاث الكبيرة وهي دولة القانون والتيار الصدري والمجلس الأعلى ، فخروج أي مجموعة من هذه المجاميع الثلاث من التحالف الوطني سيجعل العملية السياسية برمتها في خطر لهذا نلاحظ كل المجاميع الدولية أو الداخلية تريد تمزيق هذه الكتلة الكبيرة من أجل وصول كل دولة أو تكتل داخلي الى غاياته ومصالحه ، لهذا فأن المثلث الشيعي المتمثل بالمجاميع الثالث هو الخيمة التي تحمي الحياة الديمقراطية من كل التهديدات بخروج أي ضلع من هذا المثلث فأن المثلث سينهدم وبتهدمه يتهدم النظام الديمقراطي الجديد في العراق .
https://telegram.me/buratha