بقلم نبيل ياسين
انها البلوى. بلوى ان يغيب القانون في العراق وفيه اكثر من مؤسسة قضائية. وبلوى ان يبقى الحاكم فوق القانون فيما نقول دولة القانون وسيادة القانون. وبلوى ان تكون هناك قوانين فردية وقوانين عصبوية وقوانين شوارع وساحات وقوانين عوائل وقوانين ابناء مسؤولين فوق القانون وفوق مجلس القضاء الاعلى. اعرف انكم في بلوى ايضا اذ يقفز فوق صلاحياتكم ضابط كبير او وزير اومحافظ او ابن مسؤول او ابن عم رئيس او وزير وكل منهم له قوته التي تشرع قوانينها فوق القانون.لذا فالبلوى مشتركة وكلنا في هذه البلية التي كلها شر ولكنها لاتضحك.
اريد، واعتقد ان ملايين العراقيين يريدون مثلي، ان اعيش في بلد يكون فيه جلال الطالباني رئيس الجمهورية تحت القانون. ونوري المالكي رئيس الوزراء تحت القانون، وجميع الاحزاب التي تشكل الحكومة تحت القانون ، ولايكون ابن ضابط كبير في مكتب رئيس الوزراء فوق القانون فيعتقل مفرزة مرورية في الجادرية لانها اوقفته حسب واجبها. لست عراقيا بعد. فالقوة فوق العراق.ولست مواطنا بعد، فالحكومة فوق القانون. ولست مثقفا ولا شاعرا ولا مفكرا ولا كاتبا ولا اكاديميا ولا مناضلا ولا انسانا لان القانون ليس معي فيستطيع اي شرطي في اي حاجز تفتيش ان ينتهك كرامتي ويصادر حريتي ويهين اعتباري واتحول الى هدف للضرب والركل والشتائم والاوامر الكيفية، او اختلف مع مسؤول في الرأي فيرسل قوة لاغتيالي او اعتقالي بطريقة وحشية لاتتناسب مع حقوق البشر واعتبارهم الانساني.
الحق لايبطله شئ
يقول هيغل في فلسفة الحق (فقرة 211)الحق بوصفه قانونا: يصبح الحق قانونا في وجوده الموضوعي. ويقول علي بن ابي طالب (الحق لايبطله شئ). وهو يلغي حتى التقادم باعتباره الغاء للحق في بعض الحالات. فالحق لايسقط حتى بالتقادم.
القانون ليس معطى للعدالة . وانما العدالة معطى لسيادة القانون. مالذي يعنيه وجود القانون اذا كان كل عنصر من عناصر الاكراه مثل الشرطة والامن والجيش(وهي في النظام القانوني عناصر اكراه شرعية بيد الدولة) يستطيع انتهاك حرية وكرامة وخصوصية وحقوق المواطن بدون ان يكون هذا المواطن قد انتهك القانون؟ يوجد القانون لحماية اموال وحياة وكرامة وحقوق المواطنين. هذا هو العقد الاجتماعي،الذي رأى فيه المفكر الحقوقي مونتسكيو تعاقدا لتحقيق العدالة داخل اي نظام سياسي في الدولة الحديثة القائمة على فصل السلطلت واستقلال القضاء،حيث يكون جهاز القضاء جهازا للسلامة العامة يمارس سلطة ذات امتياز يطالب بها المجتمع وتتعلق بحماية الثروة والشرف والحرية وحياة الافراد، كما يقول منظر الدولة الفرنسي جاك دوفابر.ان التنظيم القضائي يتجه نحو اقصاء ممارسة العدالة عن المنافسات السياسية والصراع الاجتماعي والنفوذ الحكومي.
القانون جهاز حماية
وقبل العقد الاجتماعي كان العقد الديني ( الذي مايزال يحل محل العقد الاجتماعي في الصراع حول الديمقراطية واستقلال القضاء )الذي يحمي مقاصد الشريعة ومنها حياة واموال واعراض المسلمين. فماذا يحدث لو ان من اؤتمن على اموال المواطنين يسرق هذه الاموال؟ ومن اؤتمن على حياة المواطنين يسلب هذه الحياة؟ ومن اؤتمن على اعراض المواطنين ينتهك هذه الاعراض؟
القانون هو الضمانة الوحيده لتحقيق مقاصد الشريعه كما ان القانون هو الضمانة الوحيدة التي يطبق بواسطته الدستور. هكذا ترون معي ان القانون اكثر فعالية من الدستور لانه حامي الدستور.
عبرة من التاريخ: الحكم العضوض ومنصب القاضي
انتم اكثر مني دراية بالقوانين وامور القضاء. قال الفقيه المعروف عامر الشعبي: من تولى القضاء فقد ذبح بدون سكين. وانتم بالتاكيد تذبحون كل يوم وانتم تمارسون اخطر واهم مهنة في تاريخ الانسان: العدالة.
امتنع مثقفو الاسلام الحقوقيون مثل الحسن البصري وابن سيرين واياس بن معاوية وعامر الشعبي وسفيان الثوري وغيرهم من تولي مهنة القضاء للسلطة الاموية لانها سلطة غاشمة ووصفها هؤلاء المثقفون بالملك العضوض. وكان بعض الفقهاء يلبسون ثيابا ملونة ومرقطة لكي تسقط عنهم هيبة القاضي فيتحججون بعدم اهليتهم للقضاء تهربا من انتهاك المسؤولية الدينية والاخلاقية ومسؤولية الضمير.
دستورية القوانين يعني عدم خرقها للدستور
ينص الدستور ، باعتباره القانون الاساسي، وتنص المادة 13 اولا ،منه في باب المبادئ الأساسية، على (يعد هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق ويكون ملزما في انحائه كافة وبدون استثناء.كما تنص الفقرة ثانيا من نفس المادة على (لايجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويعد باطلا كل نص في دساتير الاقاليم او اي نص قانوني اخر يتعارض معه).
ساكتفي بهذا النص لانكم المسؤولون مسؤولية مباشرة عن احترام القوانين وتطبيقها خاصة هذا النص الذي يعطي للقوانين الصادرة شرعيتها قبل ان تقرر المحكمة الاتحادية دستوريتها او عدم دستوريتها. فالمرحلة الاولى هي سيادة القانون، الذي يطبق الدستور بواسطته. فسيادة الدستور تستمد سيادتها من سيادة القانون . فالخرق الدستوري يدينه القانون.
قانون الدولة وليس قانون الاغلبية
لايهم معظم الناس من يحكم ولكن يهمهم كيف يحكم.ان الانتخابات ليسن كل الشرعية التي تتمتع بها الحكومات المشكلة وفق نتائخ الانتخابات ، لان الشرعية القطعية، مثل الحكم القطعي بلغتكم القانونية، تتحصل من خلال اداء الحكومة وتحقيقها لمطالب مواطني الدولة.
ان الاغلبية الحاكمه لاتملك ، دستوريا، وضمن مبادئ وتقاليد الديمقراطية، الحق في نكران حق الاقليه. ولذلك لاتسن القوانين وفق الاغلبية السياسية وحدها وانما ضمن مصالح الاغلبيات الاجتماعية. ان المنتخبين يشكلون الشكل القادم للدولة الضعيفة التي تنوء تحت ثقل الهيمنة الحكومية، اي يشكلون وفق ايديولوجياتهم ومصالح احزابهم شكل دولة الاجيال وهم لايمتلكون هذا الحق. فما يهمنا ليس حسدهم على مصالحهم ومناصبهم وان مايهمنا هو شكل دولتنا القادم وهل فيها مكان للشباب وهم اغلبية المجتمع العراق حيث تبلغ نسبة الشباب دون سن السادسة والثلاثين قرابة 65% من المجتمع، وهل تسن القوانين لصالح الفقراء فهم يشكلون نسبة اكثر من 70%من المجتمع بمن فيهم الارامل والايتام والاطفال الذين يضطرون للعمل الفقير مثل بيع المناديل الورقية وعثوق الموز وقناني المياه على الطرقات بما فيها من تعريض حياتهم وكرامتهم للاخطار
نحن ابناء هذه الدولة كما تنص ديباجة الدستور. فالدولة ، حتى ضمن الديباجة المغرقة بالصوفية، هي دولة ابناء الرافدين، فضلا عن الحقوق المنصوص عليها في مواد الدستور، لذلك لاتملك اية اغلبية برلمانية الحق في تشكيل الدولة ضمن مطامعها وضمن لأيديولوجياتها ، فالدولة مؤسسة وطنية للامة.
نحن بحاجة الى جدل حقيقي حول تشكيل الدولة الذي يتسارع خلال الصراع بين دولة الجميع وبين دولة الحزب الواحد.
اعمق وابسط تعريف للدكتاتورية هي انها حكم اشخاص ، كما ان ابسط تعريف للديمقراطية هي انها حكم قوانين. فهل تقوم في العراق اليوم او مستقبلا حكومة اشخاص او حكومة قوانين. هذا هو السؤال كما يقول شكسبير على لسان هاملت: تكون او لاتكون، تلك هي المسألة.
يؤكدالمؤرخ السياسي لتاريخ الحكم في الولايات المتحدة اوستن رني في كتابه اسس الحكم وهو يتناول في الفصل العشرين موضوع( القانون والهيئة القضائية ) :لاريب ان الامل المنشود الذي كان يصبو اليه دستور(ماساشوشيتس) في اقامة (حكومة قوانين لا حكومة اشخاص) يكشف عن تلهف معظمنا الى ان تكون مصائرنا معلقة لابالنزوات العارضة لدكتاتور او لطبقة حاكمة او لاغلبية شعبية، بل باسس ومبادئ جوهرية ثابتة تقوم على حكم العقل والقانون)
. وهذا ما يحذر منه ارسطو، اذ يعتبر اسوأ انواع الديمقراطيات ديمقراطية الاغلبية الغوغائية التي لاتلتزم بالقانون .ويتفق معظم الحقوقيين والمفكرين السياسيين والسياسيين الديمقراطيين(لان هناك كثير من السياسيين غير ديمقراطيين) بان فرص الانسان في العيش المثمر في مجتمع من المجتمعات تتوقف الى حد بعيد على قدرته على العيش وفقا لاحكام القانون.
من هو فوق القانون في العراق؟
اذا كانت فرص عيش الانسان العراقي معدومة في ظل القانون فاننا والحالة هذه نبرر لكثير من العراقيين (الترحم ) على نظام صدام رغم انهم ضحايا لذلك النظام المنهار.لستم وعاظ سلاطين. واعرف كيف يترصدكم الارهاب. لكن لن يكون للدستور مبرر إذا لم يكن حكم القانون هو من يرعى الدستور ويسهر على تطبيقه. الدستور يطبق بواسطة سيادة القانون. لست انا من يوقل ذلك ولكنه احد مبدأي الدستور البريطاني. وساقتبس من اي ، في . ديسيDicey في كتابه( مدخل لدراسة القانون الدستوري)الصادر عام 1959في نيويورك ولندن، نقلا عن كتاب الديمقراطية البرلمانية البريطانيةBritish Parliamentary Democracy للمؤرخ سيدني بايلي الذي اشتريت نسخة اصلية من طبعته الثانية عام 1962; من موقع الامازون العالمي للكتب فوصلتني بالبريد وفرحت برائحة الكتاب القديمة وبمعلوماته العميقة. لكن لا ننسى الاقتباس الذي يشرح معنى(المبدأ الاول للدستور هو حكم القانون( ونعني بذلك اولا انه لايعاقب احد او يمكن ان يضار قانونا في جسده او ماله الا نتيجة لخرق واضح للقانون بالاسلوب القضائي العادي امام المحاكم العادية في البلاد.. ونعني بذلك في المقام الثاني، انه لايوجد بيننا شخص فوق القانون فحسب ، ولكن الامر عكس ذلك، وهو ان كل شخص مهما تكن رتبته او ظروفه يخضع للقانون العادي للمملكة ويسأل امام المحاكم العادية.. وربما يمكن القول ان الدستور يعمم بواسطة حكم القانون على اساس ان المبادئ العامة للدستور تكون معنا نتيجة للقرارات القضائية التي تقرر حقوق الافراد في قضايا معينة تعرض امام المحاكم.
هذا يعني ان رئيس الوزراء البريطاني تحت القانون ، وان رئيس الولايات المتحدة الامريكية تحت القانون ، ولذلك تم التحقيق معه في عهد بيل كلينتون في قضية مونيكا لوينسكي، وان القانون فوق رئيس الجمهورية الفرنسية ولذلك تم الحكم عليه في قضية تسهيلات مالية واستخدام نفوذ. وسؤالي المشروع هو: هل القانون العراقي فوق رئيس الوزراء نوري المالكي وفوق رئيس الجمهورية جلال الطالباني وفوق الشرطي الذي يهين المواطن وفوق الضابط الذي يتعسف فيضرب المواطن؟ إذا كان هذا يحدث فان حكم القانون ساري المفعول في العراق واذا لم يحدث هذا فعلينا العمل على ان يحدث وان نبدأ المرحلة الانتقالية لحكم القانون بخضوعنا جميعا وبدون استنثاء للقانون ، والهدف من هذا الخضوع هو حفظ الدولة العراقية وحفظ منصب رئيس الوزراء وحفظ منصب رئيس الجمهورية لان حفظ حقوق المواطنين سيقود الى احترام جميع المناصب وتغزيزها بالقانون.
انا جاد في سؤالي ، وسأضل جادا في طرح اسئلتي رغم استنكار بعض الناس لها وتعقيبهم : هل تعتقد حقا أن القانون سيكون فوق رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية في يوم ما؟ فاقول نعم ، سيكون فوقهم اذا اردنا ذلك وعملنا من اجله.
اليوم يتفوق نفوذ الاحزاب على القانون في العراق. يقول منظر الديمقراطية الفرنسي آلان تورين ان اخطر مايواجه الديمقراطية خطران، الاول هو نفوذ الاحزاب السياسي والثاني هو نفوذها المالي. وهذان النفوذان موجودان لسوء الحظ ويحكمان العملية السياسية في العراق ويتسببان في شيوع الفساد وتعميق الازمات السياسية ونفي الدستور او جعله انتقائيا. وتورين يعرف بشكل عميق الثقافة الديمقراطية بانهاالشعور بعدن امكانية عودة الدكتاتورية. وهذه الثقافة تكون اول ماتكون لدى الجهاز القضائي.
ليست المحكمة الدستورية او الفدرالية هي المعنية فقط بالدستور. انها معنية بالخلاف على تطبيق الدستور ولكن مجلس القضاء الاعلى معني بتطبيق الدستور.
انا اقتبس من البشر الذين عاشوا من قبل مثلما نعيش اليوم ولكنهم تغيروا واصبحت تجاربهم معروضة امامنا (مجانا) اذا امكن القول. فلكي نستفيد من تجارب الامم فاننا لن نخسر مليارات الدولارات كما نخسرها في الفساد والعمل الوهمي.
امام البرلمان الآن حزمة قوانين. لكني سآخذ ، مثلا، قانونين هما قانون الاحزاب وقانون جرائم الانترنيت ،اضافة الى قانون حرية التعبير، لانه من الواضح ان مبدأ (كلمة حق يراد بها باطل) يتبع في وضع قوانين فيها حد للحقوق وتضييق على الحريات وتهيئة لحكم غير ديمقراطي.
لدينا الدستور وهو المرآة التي تعكس دستورية القوانين التي يصدرها البرلمان.قد يقول احد ان المحكمة الاتحادية هي المعنية واقول نعم. ولكن السياسة العراقية اليوم تحتاج الى سلطة القانون قبل كل شئ وليس من الحكمة ان نخالف الدستور في قوانينا لنرفع كل قانون الى المحكمة الاتحادية .مالذي تفعله الدولة؟ انها تكرس لدى الناس الوعي الحقوقي لكي تستطيع ان تحكم.يعني انها تعلمهم ان الدولة شرعية تحتاج الى اسنادهم بقدر ماهي امينة على اموالهم وحياتهم وحريتهم ورأيهم وتعليمهم وصحتهم .
قانون الاحزاب وقانون جرائم الانترنيت وقانون حرية التعبير
لناخذ مسودة قانون الاحزاب المزمع قراءتها. انها تصادر حريات واستقلال وخصوصية الاحزاب حين تخضعها لدائرة مختصة لها الحق في استخدام وسائل القمع لتفتيش المقرات والاستيلاء على السجلات التي يفرض القانون تواجدها في كل مقر محتوية على اسماء وعناوين وهواتف الأعضاء.بمعنى ان عدم توفير قوة ضغط شعبية قوية يستطيع أي حزب حاكم أن يراقب ويعتقل أي حزب بجميع أعضائه خلال ساعة. انني اسأل : إذا كان القانون موجودا فلماذا ننشئ دوائر ومؤسسات مرادفة للقانون او تؤثر سلبيا على عمل القانون؟ لماذا ننشئ دائرة في وزارة العدل هي دائرة شؤؤن الاحزاب تكون طرفا سياسيا على الاكثر
هذا مثل واحد فقط يجعلنا نفكر باهمية تحول الاحزاب الى قوى ضغط قانونية وحقوقية وسياسية في نفس الوقت بحيث تعيق تحول النظام الى نظام مستبد علي يد اي حزب حاكم ، وتعضد مساعي القضاء للاستقلال الفعلي وتكريس سيادة القانون. لان القانون مهمة الجميع وليس مهمة القضاة فقط.
ان قوانين الاحزاب وجرائم الانترنيت وحرية التعبير قوانين يختلط فيها العمومي المصاغ بشكل مبهم والذي يمكن استخدامه وتفسيره من وجهة نظر السلطات مثل المواد التي تذكر بشكل عام :
1. تهديد وحدة الدولة
2. الاشتراك والمشاركة والتفاوض والدعم او عقد صفقة مع العدو من اجل زعزعة النظام العام وتعريض البلاد للخطر.
وبموجب المادة الرابعة والخامسة من القانون الجديد فان عقوبة السجن مدى الحياة تتضمن ايضا الذين يقومون بانشاء او ادارة موقع الكتروني على الانترنت بنية متعمدة للقيام بما يلي :
1. نشر الافكار المعطلة للنظام العام في البلاد.
فمن يحدد كيفية تهديد وحدة الدولة وكيف يمكن تحديد نشر الافكار المعطلة للنظام العام؟ ومن هو العدو وكيف يمكن تحديده ؟ انها ليست مشكلة صياغة ولكن مشكلة مبادئ.
اريد ان اقول ان العراق ليس ملكا لشخص او مسؤول ، والا كان ملكا صرفا لصدام الذي لايريد احد من مسؤولينا ان يتعظ من مصيره وما آل اليه. وهذا ليس تهديدا وانما تذكير من الواجب علينا ان نحمي اصدقاءنا ومناضلينا السابقين بتذكيرهم خاصة وانهم يقرأون القرآن ويقرأون ( وذكر ان نفعت الذكرى )
وهي الذكرى نفسها التي تدفعنا للقول ان صدام لم يستطع ان يمنع صحف حزب الدعوة والحزب الشيوعي والمجلس الاعلى ومقالاتنا في صحف المعارضة او في الصحف العربية والاذاعات والتلفزيونات، من الدخول الى العراق واطلاع العراقيين عليها في زمن قمعي دكتاتوري لم تكن فيه مواقع الكترونية ولا فضائيات ولا عولمة ثقافية واعلامية موجودة في كل مكان في العالم ولايمكن قمعها بهذه الطريقة الفضفاضة.
وحدة القانون ووحدة الدستور
اذا كان الحكام يفعلون مايريدون وفق مصالحهم واهوائهم فان هذا النظام نظام دكتاتوري. واذا كانت الديمقراطية قائمة فان اي نقص في الدستور يمكن ان يعالج من اجل مصالح البلاد. من قال ان الدستور لايتضمن تحديد ولاية رئيس الوزراء بدورتين؟
اذا كنا قد فسرنا المادة 67 الخاصة بتكليف مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا، بتشكيل مجلس الوزراء واهملنا معنى الاكثر عددا الذي يعني الكتلة الفائزة باكبر عدد من الاصوات اي الكتلة الفائزة في الانتخابات وليس الكتل التي تتحالف بعد الانتخابات لتشكل كتلة اكثر عددا فيمكن ان يفسر البعض المادة 77اولا بنفس الطريقة وهي (يشترط في رئيس مجلس الوزراء مايشرط في رئيس الجمهورية. اي تحديد ولاية رئيس الوزراء بدورتين انتخابيتين فقط. لان المادة الخاصة بتحديد ولاية الرئي هي المادة 72 اولا ( تحدد ولاية رئيس الجمهورية باربع سنوات ويجوز اعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب). وبما ان المادة 72 تشترط في رئيس الوزراء مايشترط برئيس الجمهورية اطلاقا فلا حاجة لقرار من البرلمان او تعديل الدستور من اجل تحديد ولاية رئيس الوزراء بدورتين. فضلا عن ذلك فان الديمقراطية تشترط من خلال العرف والعادة والمفهوم تجنب الدكتاتورية والاحتكار باستمرار شخص واحد في المنصب لمده طويلة.
كل حكومة، وليست الحكومة العراقية استثناء، تسعى للسيطرة والهيمنة من خلال تمرير مشاريع قوانين تضّيق على الحريات وتضعف خصومها السياسيين. ولكن القانون دائما مايمنع تلك الحكومات من تحقيق طموحاتها والتحول الى حكومات ديكتاتورية. من الموسف ان تكون سمعة القضاء وقوة القانون قد ضعفتا الى حد ان يعمد عضو برلمان، اي مشرّع، لاحتقار القانون فيأتي بمجرم محكوم عليه بالسجن، لكي يصدر له براءات خلال ساعات يتبجح بها المحكوم بجنايات كبرى. لو كانت سمعة القضاء مصانة وقوة القانون فاعلة لاصبح هذا المشروع في المزبلة ومتهما بتهمة خرق القانون واحتقار القضاء وتضليل العدالة واغفال حقوق الضحايا والاساءة الى سمعة الدولة والتدخل في عمل المحاكم وغير ذلك من تهم تبعث به الى السجن.
انتم مسؤولون عن جميع الحريات، حرية المواطن وحرية الصحافة وحرية التفكيروحرية السياسيين . وانتم مسؤولون عن جميع الحقوق، حق الحياة وحق الملكية وحق الرأي وحق التعبير وحق الحرية. وانتم مسؤولن عن هيبة الدولة وسيادتها.
ان حرية التعبير هي رمز الديمقراطية فاذا انعدمت هذه الحرية انعدمت الديمقراطية. لكن مع الاسف يحتل العراق بانتظام مرتبة متدنية في التصنيف العالمي لحرية التعبير، اذ حل في المرتبة 152 من اصل 179 بلدا في العالم.
ولابد للامثال ان تكون حاضرةلتدل على خبرة البشرية:
مثل صيني:البيت الذي تزاول فيه الدجاجة عمل الديك يصير الى الخراب
مثل هندي:شر الحكام من خافه البرئ وامنه المجرم
المسيح:ليس من خفي الا وسيظهر، ولامكتوم الا وسيعلن
مثل بابلي: الفقراء هم وحدهم الصامتون في سومر
صحيح ان اغلبية العراقيين فقراء ولكن صمتهم يزيد فقرهم ويسلب حريتهم ويبقون فقراء. هذه هي دلالة المثل الذي ازدهر من خلاله العصر البابلي الذي شهد اول اهم قوانين البشرية.
https://telegram.me/buratha