حسين جميل الركابي
في ثمانينيات القرن الماضي وبينما كنت معتقلا في مديرية الأمن العامة بغداد في شارع النضال, بتهمة توزيع منشورات ضد النظام البائد...اتخذت قرارا قطعيا بمغادرة العراق ان كتبت لي الحياة بعدما تعرضت الى تعذيب اعجز عن وصفه ,هكذا اتفقت مع رفيقي في السجن سماحة الشيخ عباس التركماني خطيب وإمام مسجد في منطقة(تسعين) في كركوك,وهو من تلاميذ السيد الشهيد محمد باقر الصدر(رض) ,وقد علمت فيما بعد انه نال شرف الشهادة, كان مثال في الأخلاق وفي الالتزام الديني,وقد تعرض إلى اشد صنوف التعذيب النفسي والجسدي...عام 1982 تشرفت باول لقاء مع السيد الشهيد محمد باقر الحكيم(قدس) وكان ذلك أثناء زيارة قام بها (قدس) الى تجمع للاخوة العراقيين في المهجر وقد اعددنا برنامج استقبال لسماحته وكانت فقرات البرنامج تتضمن,تلاوة عطرة من الذكر الحكيم,وكلمة ترحيبية,وقصيدة شعرية,القصيدة الشعرية كتبتها وألقيتها وكانت أول واخر قصيدة لي في حياتي..ثم ألقى شهيد المحراب محاضرة أزال خيبة الأمل ومرارة الألم التي كانت تعتصرنا من تشتت وتشظي القوى المعارضة,وعدم انسجامها وتمزق صفها,اخذ الكلام يسري بنا مسرى الدم في عروقنا,رأينا في شهيد المحراب شدة العزم وصلابة اليقين وهو يقول( أيها الأخوة الأعزاء ان صدام والاستكبار العالمي يريدون بث الفرقة والفتن لتمزيق شملنا ليدب اليأس بيننا لكننا سنبقى ندافع عن الإسلام وعن العراق حتى إسقاط نظام صدام وإقامة حكومة عادلة, وسنبقى ندافع عن العراق مابقيت ارض وسماء, وان هي إلا إحدى الحسنين,النصر او الشهادة))وتجمعت الثلة المخلصة حول شهيد المحراب وامتشق المجاهدون سلاحهم ,,وأرواحهم فوق الأكف,باعوها لله وعدا لهم منه بان لهم عنده الجنة.. وسقطوا على ثرى العراق أنصار ومحبي شهيد المحراب الواحد تلو الآخر من أمثال الشهيد حسين علي لياج,والشهيد علي كاظم تمن,والشهيد عبد الأمير عبد الكريم,والشهيد باسم محمد مناحي,والشهيد رحيم حنون,والشهيد حجي عبد الحسن,والشهيد سيد كريم,والشهيد ضيف ساجت,و,و,و..فتحية لهم حين رفعوا رأس الإسلام والعراق,باستعذابهم الشهادة واستطيابهم الموت..اما في الجانب الاخر, واقصد بذلك الكثير من الأحزاب فكنا لانعرف عنها شيئا لان الأسماء مستعارة,ووهمية ,او تعمل تحت مظلة الكنية!, كانوا يخشون الظهور للعلن في حين ان التصدي يحتاج جراءة وشجاعة...في حين كنا نكتب بااسماءنا الصريحة في معظم صحف المعارضة,وعقدنا لقاءات تلفزيونية وإذاعية...في حين السيد شهيد المحراب صنع ثورة وتحدي وكان رجل المنازلة,وكانت كلماته سياط لاذعة ضد الظلم والطغيان...كان محمد باقر الحكيم,حكيم التفكير,متزن العقل,صقلته تجارب الأيام وعلمته صروف الزمن,فشاعت الحكمة في افكاره,كان من اشد المدافعين عن خط المرجعية,والمتمسكين بها قولا وعملا..كان مدرسة في التواضع والأخلاق,وكان عالما كبيرا ومتبحرا في علوم القران,وكان قائدا متميزا وكان قلبا رءوفا مستوعبا لكل المخلصين فسلام الله عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا..
https://telegram.me/buratha