حسن البحريني
من المفارقات البارزة في السياسة الامريكية انها غير قادرة على وضع قاعدة ثابتة وموحدة في تعاطيها مع ملفات حقوق الانسان وتطلعات شعوب المنطقة في تقرير مصيرها وتحقيق حلم اقامة النظام الديمقراطي يتساوى في ظلها المواطنون في الحقوق والواجبات وتحقيق العدالة للجميع دون فرق او تمييز ..ففي الوقت الذي يصدر المسؤولون في البيت الابيض بيانا اثر بيان فيما يخص الازمة السورية ينحازون فيه بشكل واضح وقوي لمواقف اطراف المعارضة السورية المتورطة حتى اخمص قدميها في العنف المسلح والتفجيرات الدامية ودخول تنظيم القاعدة على خط الازمة عبر العمليات الانتحارية وتهديد الطوائف والاقليات الدينية والمذهبية بعمليات القتل والتصفية وفي الوقت الذي يسعى فيه الامريكيون وباستمرار للضغط على النظام في سوريا من اجل ما يسمونه وقف عنف النظام والتغيير الجذري باتجاه الاصلاحات الحقيقية ويعملون مع حلفائهم في المنطقة لدعم المعارضة بمختلف الوسائل وتسليحها وتخصيص اموال طائلة بهدف اسقاط النظام رغم تحفظاتنا على مثل هذ التوجه لاعتبارات سياسية ومناطقية خاصة والانظمة المشاركة في دعم المعارضة السورية ليست فقط متهمة في انتهاكات حقوق الانسان في بلدانها وافتقادها للاصلاحات والنظام الديمقراطي وانما متورطة بشكل كبير في دعم عمليات الارهاب والقتل وتمويل الجماعات المتطرفة مثل القاعدة والسلفيين وغيرهم ..في الوقت نفسه تستنكف الادارة الامريكية من اتخاذ اي موقف واضح وصريح ازاء الاحداث في البحرين و التنديد بالانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان التي يرتكبها النظام الخليفي وترفض حتى اصدار بيان تستنكر فيه اعمال القتل واستهداف الناس بكميات هائلة وضخمة من الغازات السامة واعتقال النشطاء السياسيين والحقوقيين ..وفي الوقت الذي تسخر فيه الادارة الامريكية من اجراء الانتخابات البرلمانية في سوريا ومن قبلها الاستفتاء الشعبي على الدستور واعتبار ذلك استخفاف بالعقول ومثير للسخرية وما اشبه ولا تصدق بجدية نظام الاسد في اجراء الاصلاحات السياسة رغم ان المراقبين يعتقدون ان نظام الاسد قد قدم تنازلات كبيرة للمعارضة السورية والغى نظام الحزب الواحد وحدد حتى رئاسة بشار للدولة في دورتين فقط ‘ نجد في الوقت نفسه ان الادراة الامريكية تثني على نظام حمد و((اصلاحاته )) الشكلية وتصدق كل ما يروج له حمد وولي عهده من اكاذيب وامور لا اساس لها من الصحة فيما يخص التغيير في البحرين .المفارقة الاخرى ان الادارة الامريكية ومعها حلفاءها في الغرب قد فرضوا رزمة من العقوبات الاقتصادية على نظام بشار ورفعوا توصيات الى الدول لفرض حظر على تصدير السلاح الى الحكومة السورية بسبب ما اسموه انتهاك النظام السوري لحقوق الانسان وتماديه في عمليات القتل وهم في ذات الوقت ليسوا فقط التزموا الصمت على جرائم ال خليفة ونظام حمد الذي ينتهك يوميا حقوق الانسان ويضيق الخناق على النشطاء السياسيين والحقوقيين ويقتل الامنين ويعتقل المحتجين السلميين ويزج بالمئات في السجون وقد وثقت المنظمات الدولية الحقوقية بكل تلك الانتهاكات وهي تصدر بيانات يومية في هذا الصدد قد تفوق ما اصدرته ازاء الوضع السوري ‘ وانما قاموا باستقبال القتلة و الكذابين كولي العهد المنافق واتخاذ قرار باستئناف مبيعات الاسلحة لنظام القمع والقتل في البحرين وهم في عواصمهم بصدد استقبال اكثر ملوك العالم كذبا وعنفا وناكثا للعهود والمواثيق .هذه المفارقات في مواقف الادارة الامريكية افرزت اشكالات اخلاقية ليس من السهولة بمكان ان تستطيع الاجابة عليها والتخلص من تبعاتها امام شعبها وشعوب العالم والمدافعين عن حقوق الانسان خاصة وان امريكا التي تقود اليوم حملة عالمية من اجل التغيير في بعض البلدان التي لم يتفق المجتمع الدولي كاملا على اليات التغيير فيها وعلى ما يجري فيها من احداث ‘ هي امريكا نفسها تستنكف من ان تتحمل اي مسؤولية اخلاقية ازاء مظلومية شعب البحرين وايقاف حملات القمع التي يقودها شخص حمد الكذاب وسلمان ولي عهده المنافق ضد الابرياء والمتظاهرين المسالمين ..كيف يمكن لادارة سياسية لدولة عظمى في العالم ان ان تقبل لنفسها سياسة المجاراة والتماشي مع ملك كذاب لا يصلح حتى لادارة قطيع من الاغنام فكيف بشعب متحضر ومسالم وديمقراطي كشعب البحرين هذا الحاكم الذي يكذّب على المجتمع الدولي باستمرار ويمارس الخداع والمكر في تعاطيه مع اوضاع حقوق الانسان والديمقراطية في البلاد ‘ فيما ولي عهده ليس فقط ينافق مع المسؤولين الامريكيين ويحاول اظهار نفسه بمظهر المتعاون والمتفهم لاوضاع البحرين وانما يمارس ذات سياسة ابيه في الكذب وتسويق نفسه كاحد المعتدلين في النظام من خلال بعض التصريحات غير الواقعية والمنافية للحقيقة والتي لا تتضمن سوى التسويف والوعود واخفاء النوايا المبيتة ضد الشعب حيث في لقاءه الاخير مع نائب الرئيس الامريكي جون بايد قال ان التغيير عملية تستغرق الوقت! والحال ان شعب البحرين قد امتحن النظام ومنحه من الوقت ما يكفي ليس فقط لايجاد التغيير وانما لبناء اوطان وايصالها الى مصاف الدول الديمقراطية الحقيقية حيث طال انتظار الناس لاكثر من عقدين من الزمان بل اذا اردتم الحقيقة فان شعب البحرين تحمل هذه العائلة المستبدة والمجرمة لاكثر من 250 عاما ولم يلمس منها لا تغييرا ولا نية في التغيير وقد يأس منها ومن نظامها واليوم قد قال كلمته الاخيرة في تلك المسيرات الضخمة التي خرجت لمرات عديدة قدرها المراقبون بانها بلغت نسبة المشاركة فيها اكثر من 60% من شعب البحرين وكانت كلمته هي على ال خليفة ان يرحلوا ! وكفى !
https://telegram.me/buratha