عون الربيعي
رُبّما كانت سياسة الحكومة المحلية في النجف الأشرف ممثلة بمحافظها عدنان الزرفي الذي تعامل مع مشروع النجف عاصمة الثقافة الإسلاميّة بنوع من اللامبالاة وعدم المعرفة، حيث أصطدم الزرفي وجزء من أركان سلطته ومستشاريه بالكثير من العقبات والمواقف وأثبت في كلّ موقف وعقبة فشله في قيادة الأمور بشكل جيّد وعملي، ولعلّ أبرز المؤاخذات التي سجلت على خطوات القائمين على هذا المشروع الحضاري العملاق الذي أُريد له أنّ ينقل المحافظة نقلة نوعية هو عدم إلمامه بتاريخ مدينته وطبيعة الأجواء والبيئة التي ينبغي أنّ يُركز عليها لتكون النجف بخصوصيتها العلمية والتأريخية حاضرة وشاخصة للعيان بعمقها وبعدها المعروف عنها،فهذه المدينة التي يمتد تاريخها بعيداً تم التعامل معها من قبل الزرفي و(ربعه) على انها مزهرية ولوحة رسام مبتدى ففي كل يوم كانت التحضيرات تقام وتصرف المبالغ من أجل ماذا هكذا يسأل أهل العلم والمعرفة والنخب الصادقة المخلصة في وقت تقوم آلة الزرفي الحديدية بهدم معلم نجفي له دلالاته التاريخية و استبداله ببناء كونكريتي أو قطع مرمرية أو أقواس عثمانية بعيدة كلّ البعد عن روح وتراث النجف العمراني وطرازها المعروف، حتّى باتت المدينة وكأنها متحف عثماني يُحاكي حداثة العصر ودعاية مجانية للعمارة التركية وهذا الكلام ليس من (جيب الصفحة) بتعبيرنا الدارج، بقدر ماهو كلام واقعي عبرت عنه نخب النجف الاشرف العلمية ومؤرخيها والمهتمين بتراثها لتهدر فرصة كبيرة للحفاظ على أماكن كثيرة انتهت واندثرت بفعل هذه السياسة الجاهلة المتخلفة التي لا تفقه شيئاً عن النجف وتراثها وخصوصيتها وكأن الزرفي ليس أبناً للنجف أو انه سخص قادم من كوكب آخر هذا جانب مهم من مأساة المحافظة التي أبتليت بأبنائها من قليلي الخبرة في تنظيم المهرجانات والملتقيات لنبقى ندور في فلك الأشخاص بدل المشاريع واليوم ومع الإعلان عن تأجيل مشروع النجف عاصمة للثقافة الإسلاميّة من هذا العام كما كان مقرراً الى العام 2020, وهو خبر مؤسف قطعاً حيث حرمت المدينة من فرصة مهمة للتعريف بواقعها وتاريخها وحضارتها وانجازاتها واسهاماتها الفكرية في خدمة الإنسان وفي خدمة الواقع الإسلامي على مدار قرون فوت فرصة للتعريف بعلماء النجف ومجتهديها ممن خدموا الاسلام ودافعوا عنه ببسالة وشجاعة دون خوف او وجل من نظام او مستعمر غاصب وفاتت امور اخرى منها ضياع فرصة التعريف بالفكر العميق الذي انطلق من هنا ليشمل مناطق واسعة من العالم, وبالرغم من التخصيصات الكبيرة التي خصصت لتكون النجف بالحلة الملائمة لأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية، إلاّ ان الإجراءات يبدوا انها لم تستكمل ولم تتهيأ لتكون النجف قادرة على استضافة هذا الحدث الكبير، وهذا ما يؤسف له فلمن نحمل المسؤولية للزرفي وأفكاره العبقرية أم للبرلمان وقرارته التعسفية ام للحكومة التي لم تضع أناساً قادرين على ادارة الاوضاع بالشكل الذي يحقق المراد انها امور بحاجة الى دراسة ونتمنى ان تدرس الأسباب التي تحرم البلاد وأهلها ومناطق العراق من ان تعرف بنفسها وتاريخها وحضارتها الى العالم كله فمتى يعرفنا العالم مالم ننظم مثل هذه الفعاليات التي ستكون مناسبة للانطلاق الى أفق أرحب.
https://telegram.me/buratha