سعيد البدري
شاعت في العراق بعد التغيير وسقوط نظام البعث الفاشي المجرم نظريات وتخريجات تقف خلفها أجندات مغرضة كان الهدف منها بطبيعة الحال حتى وقتنا الحالي إيقاف عجلة التقدم والعمل على ألامساك بالدولة بقبضة حديدية ,عمل عليها من يتوهم انه سيعود في يوم من الأيام للتسلط ووراثة كرسي البلاد بطريقة او بأخرى, فجاءت محاولات إقصاء أي نظام أداري جديد وأن كان ناجحاً ,ومما يؤسف له هو ذلك التناغم العجيب الذي أبدته أطراف عراقية كتبت الدستور وشاركت في وضعه وما ان وصلت وتحقق المراد حتى أنقلبت وباتت ترى النظام اللامركزي خطراً يتهدد مصالحها فنظرت وجيشت آلتها الإعلامية لتجهض أي جهد أو عمل أو صلاحية يمكن ان تكون متنفساً للمحافظات في ممارسة دورها وتوفير الخدمات لأبنائها ومواطنيها .وهذا هو واقع الحال دون خوض في جزئيات أخرى واختصاراً فأن نظام اللامركزية الإدارية بكل بساطة هو نظام ادارة لايحمل في طياته أي دعوة أو بادرة تؤكد وتسير بأتجاه التفكيك والتقسيم, ومع انه النظام الأصلح والأنسب لتوحيدة البلاد لمن يريد الوحدة الحقيقية فيما أن الفهم المعاكس الذي يستهزئ بعقول ووعي المواطنين بقي على حاله من وجهة نظر الحكومة وبعض المستفيدين من تخلف النظم الإدارية في العراق ,ليحرم السواد الأعظم من أبناء هذا الشعب صلاحيات واسعة لمحافظاتهم وحكوماتهم المحلية التي أنتخبوها ومنحوها ثقتهم رغم وجود الضمانات الكافية في الوقت الحاضر , وأولها أن اللون الغالب على تركيبة هذه الحكومات يتبع وينتمي لتيار الحزب الحاكم ورئيس الحكومة ولو ناقشنا الأمر بجدية أكثر وموضوعية لوجدنا أن هذه الحكومات المحلية قادرة على ان تنهض بالمشاكل الكبيرة التي تعاني منها مناطقها والمواطنين في هذه المحافظات ,كما أن منحها الصلاحيات حسب القوانين سيساعد في تقليل الضغوط على الحكومة الاتحادية نفسها كما انه سيجنبها تبعات التلكؤ والفشل في تنفيذ المشاريع الخدمية , كما ان هناك فوائد أكثر, حيث ستبقى الحكومة الاتحادية في المركز بمنأى عن الصراعات وعن الاخفاقات المحلية مما يعزز دورها المحوري ويقوي رؤيتها في توحيد البلد ويعزز هيبتها في المحافظات ، لكن حينما تكون الحكومة الاتحادية طرفا في هذه المشاكل ستفقد هذه الفرصة , ان المستغرب ان تبقى حكومة المركز وصية على المحافظات وحكوماتها المحلية مما يجعلها ناقصة الأهلية وهذا يتعارض مع مبدأ التفويض الشعبي بموجب الانتخابات وهو خلل ينبغي معالجته فسلطة منتخبة لا عمل لها منقوصة الشرعية تقوم بدور بسيط جداً يتعارض مع ما يخصص لها من إمكانيات مالية لتسيير أمور مناطقها ,ولو سارت الأمور بهذا النحو فأنها فضلا عن عدم قيامها بما هو مفترض لها أن تقوم به فإنها ستثقل كاهل الدولة بعد أن يتزايد أعداد أعضائها في نهاية كل دورة انتخابية ,وهذا ما لايريده المواطن كما أنه أمر يجب معالجته وإنهائه عبر تفعيل هذه الحكومات والاستعانة بها ، من هنا ياتي التشديد على ضرورة منح الصلاحيات الواسعة لمجالس المحافظات وللحكومات المحلية كما اقرها الدستور دون مصادرة لحقها ,والسؤال الذي يطرح عادة هو لماذا لا يسمح للمحافظات أن تتحرك وتبني وتتنافس فيما بينها ووزارات حكومة المركز مع أنها أثبتت نجاحات كبيرة حيث تقوم بالرصد والتقيّيم وتتابع الأداء, بينما تقف وزارات الدولة المترهلة عاجزة عن تمشية أمور المواطنين بسهولة ويسر كما أنها تعاني الترهل وتفشي الروتين . أن اللامركزية ليست خياراً يقبل أو يرفض وإنما هي حقيقة دستورية وحل وحيد لإحداث ثورة على صعيد التنمية الشاملة وهذا ما لايحتاج الى إثبات !! ودعوتنا أيها السادة.. ((اتركوا أبناء المحافظات يعملون لتقطفوا انتم ثمار هذا العمل وأثاره أن كنتم صادقين في دعواكم خدمة ابناء هذا الشعب الصابر )).
https://telegram.me/buratha