خميس البدر
ونحنُ نتطلع إلى أنّ نشاهد العراق يعود لممارسة دوره الريادي، فالعراق الذي يمتد تأريخه إلى بداية البشرية وانطلقت منه الحضارة وبنيت لبناتها الأولى على ترابه وروت مياه الرافدين كلّ عطش ونهل من مشارب فكره وعلمه وثقافته طلاب العلوم فلم يقتصر على شعب أو قومية أو دين بذاته بل كان لجميع الإنسانيّة، نعم فالعراق الذي يعد اثرا انسانيا اختصر في وقت من الاوقات في شخص وحزب وشرذمة من الشذاذ والجهال وعصابة من القتلة والمجرمين ابان حكم العسكر لينغلق على نفسة في فترة البعث الكافر وتسلط المقبور صدام والذي حوله الى ضيعة وملك صرف لعصابة قرية العوجة فيما تحول تراب العراق الى مقابر جماعية لابناءه الشرفاء، وها نحن وبعد تسع سنوات من انقشاع ذلك الكابوس لازلنا نراوح في مكاننا ونفقد الفرصة تلو الاخرى والمنجز بعد الآخر لوضع الامور في مسارها الصحيح ولعودة ان يكون العراق مركز التقاءالحضارات والشعوب وعلى كافة المستويات الثقافي والعلمي والرياضي والفني والأدبي والسياسي وعلى الرغم من كلّ الامكانيات المتاحة والاموال التي تصرف وحسن النوايا ونبل الهدف، الا ان الاحلام تتبخر والامال تستحيل الى سراب وعند اقتراب قطف الثمار مما يؤسف ويضع اكثر من علامة استفهام والف من علامات التعجب فعدا اجتماع القمة العربية فلا اعتقد بان العراق استطاع ان يفي بمستحقات لقاءات اعدت بان يكون هو ميدان لها فكان من المفروض ان ينظم العراق بطولة كأس الخليج الكروية الغيت بحجة عدم اكتمال المدينة الرياضية ولم نلمس اي دفاع عن هذا الاستحقاق فالبطولة وان كانت غير عالمية الا انها كانت ستساهم بامور كثيرة وتختصر كثير من المسافات بين العراق محيطه وعودته للمحافل الرياضية ولربّما رفع الحظر الرياضي عن العراق بسببها لكنّ مرت مرور الكرام، وبقت الجماهير الرياضية بين ناقم على بلدان الخليج ومشكك في أهلية العراق لاستضافة مثل هكذا محافل، وأخيرا وليس آخراً هو تأجيل مشروع النجف عاصمة للثقافة الاسلاميّة بحجة عدم اكتمال مستلزمات هكذا محفل النجف تاريخ وعراقة وعلم وثقافة وعلماء ثورات وانجازات حرية وإباء مواقف شعر وادب فن وتعاقب اجيال نجف أمير المؤمنين علي أبن ابي طالب عليه السلام، وكفى الا تستحق أنّ تكون اكثر من هذا المشروع وان سلمنا به ورغم كل ما وفر لانجاحه، الا أننا نستغرب ومع اقتراب موعد انطلاقة يؤجل وبكل بساطة خطأ كبير وخسارة لاتقدر وهدر في الاموال وتمييع وتضييع لجهود مئات الآلاف من أبناء العراق، وكما فعل مع بطولة الخليج لا صدى لهكذا مآسي وتتكرر بالغاء معارض الكتب واقامة معارض الاسلحة فماذا نريد ان نعلن للعالم وأيّ هوية نريد ان نعرف بها العراق ألا يكفينا تراث البعث الكافرالنتن الا يكفي مافعله الارهاب بشخصيتنا ألا يكفي الفساد المستشري وتصدرنا المعدلات العالمية بالبطالة والفقر والفساد الاداري والمالي وتبديد الثروات الا يكفي كل هذا التقاعس في تقديم الخدمات والى متى يبقى العراق في هذه الدوامة والدوران في هذه الحلقة المفرغة والمصفوفة من الاسئلة والاستفهامات المتتالية وبدون جواب شاف ومقنع ومن المسؤول عن كل هذه الاخفاقات والتلكؤات، أهي الحكومة ومؤسسات الدولة الاخرى أم ان هنالك ارادات واصابع خفية لا تريد للعراق أنّ يعيش ولشعبه أنّ يزدهر وحتّى لو كان كذلك فأين جهود الحكومة والدّولة العراقية في مواجهة هذه القوة الخفية واجتثاثها أيّ كانت وأنى تكون وحماية العراق وشعبه ومتى تتوفر مثل هكذا فرص للنهوض بالعراق وعودته الى وضعه الطبيعي المفقود منذ عقود.
https://telegram.me/buratha