أحمد مختار
قد يتناسى البعض المسار الطويل الذي قطعت الحكومة من الانتخابات وحتى تشكيل الحكومة حيث تصاعدت الخلافات بين الفرقاء السياسيين من أجل تلك القضية، ولم يتم تشكيل الحكومة إلاّ بشق الأنفس وإلا بعد أنّ بادر الأكراد لعقد مؤتمر أربيل، ومن مما لا ينسى موقف العراقية حين انسحبت من مجلس النواب رغم الجهد الطويل على أمل أن تفرض وجودها القوي من خلال تسمية الرئيس جلال طالباني رئيساً للجمهورية، وكما يبدو أنها أخطأت في التكتيك إذ سرعان ما تم التصويت عليه وسارت الأمور على غير ما يشتهون،مجريات الساحة السياسية العراقية تثبت بما لا يقبل الشك هذه الحقيقة بحيث وضعت الاتفاقات ليصل كل طرف من خلالها إلى ما يريده من الخصوم وليس إلى ماتضمنته متون الاتفاقية، بالفعل وليس بخافٍ على احد ما حصل من الشد والجذب بين القوى السياسية منذ تشكيل الحكومة وحتى الآن، فكما هو واضح أن بعض الفرقاء يجدون إن كل الأسلحة مباحة وان الكل يستطيعون أن يستخدمون ما يتمكنون من استخدامه من اجل إسقاط الآخرين ولا يوجد محذور ولا ممنوع ما دام يحقق الهدف.هذه المقدمة التي أوردناها تعكس الصورة التي تجسد حقيقة العملية السياسية بعض النظر عن مؤتمر أربيل أو الاجتماعات الثنائية أو المؤتمر الوطني فالكل يريد أن يربح والكلّ يريد الذرائع التي تبرر سلوكه السياسي وهذا طبعاً لا يوصل لحل وما دامت هذه الحالة سائدة فلا يمكن الخروج بنتائج سواء عن طريق المؤتمر الوطني أو عن طريق إسقاط الحومة وحتّى الانتخابات المبكرة لا الاختلاف وتشبث الفرقاء بمواقفهم واللجوء إلى المراوغة وتخطئة الآخرين واللجوء إلى الإعلام وتحريك الشارع يثبت سذاجة بعض السياسيين وارتباط البعض الآخر بأجندات خارجية وهؤلاء يلجئون إلى الاستقراء بالخارج وتجنيد بعض المحافل الإقليمية والدّولية لحسم الملفات الداخلية.وقد يغيب عن أذهان هؤلاء إن مسعاهم لو نجح فإنهم سيكونون بنفس موقف الخصم الذي تغلبوا عليه وان جميع الفرقاء الآخرين سيعملون من جديد على إرباكهم بنفس الطريقة التي مارسوها ضد الآخرين لتستمر اللعبة هذا إذا لم تخرج الأمور عن السيطرة وتسقط البلاد في دوامة خصوصا أن كثير ممن يحيطون بالعراق لا يريدون للعراق إن يستقر لان استقراره يعني تحوله إلى قوة إقليمية وهذا سوف لان يسهل عليهم أهدفهم التي لا تخفى على احدولهذا ليس من الصواب الدخول في دهاليز ليس من السهل الخروج منها وان أي سياسي عليه أن يفكر مرات قبل اللجوء إلى تغليب فكرة إسقاط الحكومة، وعليه أن يتذكر الأحداث التي حصلت مع بداية تشكيل الحكومة لان القوى هي نفسها وان المواقف لا تزال كما كانت كما أن خيار اللجوء إلى انتخابات مبكرة كخيار لا يختلف عن سابقه بل أنها تعيدنا إلى المربع الأول بل أن بعض الكتل التي كانت تصول وتجول بدت أكثر ضعفاً وتشتتاً منها في السابق،ومن الواضح أن هذا ناشئ عن نضج التجربة وتراكم الخبرة عند عدد من السياسيين وهذا يجب أن يستثمر في الخيار الصحيح وهو إنضاج الحالة العملية التي بين أيدينا مهما انطوت على سلبيات ومهما كان فيها ما يروق للبعض وان تفكير خارج على هذا الإطار يعنى المراهنة على المجهول.
https://telegram.me/buratha