أسعد الناصر
كثيرا مانسمع بالحديث (خذ الحكمة من أفواه المجانين) ولعل هذا الحديث يعطي إنطباعا تصوريا عند الآخرين الذين يحملون الثقافة السطحية وأصحاب الأفق الضيق بأنه إجحاف بحق العقلاء والحكماء.أغلب المواقع السياسية والثقافية والفنية تجد في أعلى صفحتها الأولى أو أسفلها هذه العبارة أو لنسمها سيمفونية الترغيب (هذه المقالة تعبر عن رأي صاحبها أو كاتبها ولاتعبر عن رأي .....) أو بألفاظ أخرى وبنفس المضمون .مايشهده الميدان السياسي في العراق مابعد سقوط نظام البعث الفاشي حري بنا أن نقف عليه لعظمة الحدث وهو أن الحرية فتحت أبوابها وبكل أشكالها مما أسهم بفتح القنوات الفضائبة والصحف والمنتديات التابعة للأحزاب أو المستقلة ليحدث قفزة كبيرة في الميدان التثقيفي كلٌ لمتبنياته وإختيار المنهج والسياق الذي يُرّغب القراء والكتاب لكسب الكثير من متابعيه وأنصارهم وهذا جعل الحافزعند السياسيين أنفسهم أن يجتهدوا بالتصريحات وإطلاق المفردات والمصطلحات التي كانت غائبة في تلك الحقبة المظلمة والترويج لها من خلال النوافذ المرئية والسمعية والمقروءة لتحدد مصير التوجه والنهج الذي يتبنوه.اليوم ومن خلال تطور الأحداث السياسية والصراع على تثبيت أحقية كل من يراها مطابقة للدستور الذي ترك بعض الجوانب منه مبهمة وتفسر بآراء مختلفة نجد الكثير من الكتاب يحاولون المساهمة قي طرح المواضيع التي تتناسب مع حجم الحدث والتفسير إضافة إلى النقد البناء أوسلب صيغة النقد وتحويلها إلى تهجم وتسقيط للآخر وهذا الأسلوب منافي لأدبيات الكتابة .كثير من الكتاب عندما يحاولون النشر في بعض زوايا المواقع الإلكترونية للأحزاب السياسية أو المستقلة يجد أن مقاله قد حجب عن النشر وركن في الأرشيف أو في سلة المهملات بالرغم من صدقيته في التعامل مع الأحداث وبروح وطنية غير قابلة للخدش أو الطعن للآخر .الثقافة التي كانت في زمن النظام البعثي ثقافة تحديدية لها أطر خاصة تمنع من تسلل كل السياقات لحرية الكتاب وتراهم يكتبون في حلقة خاوية لاتمت إلى أي صلة للقلم ومداده وتجد كتاباتهم لاتصب ألا في إتجاه واحد وهو الرفع من شأنية النظام .من هذا المنطلق وبعد إستعادة العراق عافيته والإنفتاح على الآخر وتوجه الأقلام والكتاب لملأ الفراغ الذي طالما بقي ينتظر من يطرزه ظهرت حالة الرفض للآخر بالمعنى الإفتراضي وهو عدم ذكر الجهة أو الشخص في المنجز والقبول في الإخفاق وهذا يحجّم معالجة العطاء في الإستفادة من مشاركات الآخرين .قد نقول أن حالة البلوغ لم تنضج عند كثيرين من إخواننا في هضم النقد ممن لم ينتهجوا مسيرتهم وعليهم أن يبلغوا الحلم بفتح الحوار الأكثر نضوجا وإنفتاحا وتقبل ثقافة الخصوم ليس كمنهج بل للأكثر إستيعابا ونقاشا لتصبح لدينا رؤية واضحة لسياسات الآخرين .ختاما لما أريد قوله على المتخاصمين ولو بأقل الدرجات قبول الرأي الأخر للخصم ويكون التعليق للجهة المُنتقدة أختيار مايحلو لها لتكون إنطلاقة لقبول الرأي الأخر وبداية لمرحلة البلوغ والنضوج توسيع قاعدة الأقلام الحرة والإستفادة من طاقاتها وتشخيص مواطن الخلل.
https://telegram.me/buratha