جواد العطار
من استعراض بسيط لمجموعة الحلول والمبادرات التي طرحت في الاشهر الماضية لحل الازمة السياسية الراهنة .. او المطروحة على الساحة حاليا ، من قبيل مبادرة رئيس اقليم كردستان في دعوة كافة القيادات والكتل لاجتماع في اربيل او مبادرة رئيس الجمهورية في اللقاء الوطني او مبادرة المجلس الاعلى في تصفير الازمات او العراقية في الالتزام بالاتفاقيات او الاجتماع الخماسي وما انبثق عنه من مهلة الخمسة عشر يوما وضرورة الالتزام بالبنود التي وقعها القادة او ما يسمى باتفاقية اربيل 2 او استكمال الاجتماعات الذي جرى في النجف الاشرف ، نجد ان المبادرات جاءت من جميع الاطراف باستثناء التحالف الوطني المعني بالامر اصلا؛ صاحب الشأن؛ ومن شكل الحكومة وفقا لاتفاقية اربيل 1 ويقودها حاليا .هذه الاشكالية تحمل في طياتها خللا ينبغي معالجته وعلى عجل ، فالتحالف الوطني الكتلة الاكبر يتشكل من مجموعة من الاحزاب والتيارات السياسية .. وما شهدناه من الحضور اللافت للسيد مقتدى الصدر لاجتماع اربيل واستضافة اجتماع النجف الاشرف او دعوة كتلة الاحرار الى احداث تغيير في هيكلة التحالف الوطني او تقديم مرشح بديل لرئيس الوزراء لا يعني ان التحالف يعاني من تفكك او تشققات بقدر ما يعني ان الخلل اصبح على جانب كبير من الخطورة والاهمية التي تستدعي الوقوف على اسبابه ومراجعة مرحلة السنتين الماضيتين بشكل موضوعي يبتعد عن الاداء الشكلي .ان ما يحتاجه التحالف الوطني ليس ترتيب اوراقه الداخلية وهيكلة بناه المؤسسية فحسب؛ بل التوجه الى الكتل الاخرى بالمبادرة القادرة على ايجاد اجواء الانفراج التي تسحب زمام الازمة السياسية الى الحلول الجذرية لا الطروحات او المتبنيات الجزئية ، وما نشهده من نضوج للازمة السياسية الحالية يعود السبب الاساس فيه الى دخول متغير جديد من داخل التحالف الوطني الى جانب الكتل السياسية الاخرى ، فما بالك لو كان كامل التحالف الوطني هو من طرح الحل وبادر منذ البداية .. لكن نضوج الازمة قد لا يعني انفراجها؛ بل قد تأتي ثمار المخاض السياسي من خلال :1. الرجوع الى الدستور في مفاصل الخلاف الرئيسية المتعلقة بصلاحيات رئيس الوزراء او النظام الداخلي لمجلس الوزراء .. وضمانات استمرار العملية السياسية والآليات الديمقراطية التي تحول دون العودة الى الديكتاتورية ، وابعاد اية مطالب تتعدى او تتعارض مع المواد والبنود الدستورية حتى وان كان بعضها مختلف عليه الا ان الدستور ما زال ساري المفعول شئنا ام ابينا .. بقبول الشعب وتصويته .2. الركون الى القوانين التي اقرها مجلس النواب في دوراته المتعددة بدءا من الجمعية الوطنية الى الدورة النيابية الحالية ، في مواضيع صلاحيات المحافظات غير المنتظمة باقليم او العلاقة بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية ، والعمل على تفعيل دور البرلمان في الرقابة واصدار القوانين المؤجلة مثل قانون الاحزاب والانتخابات والنفط والغاز .3. الاتفاق على القضايا الخلافية التي لم يحسمها الدستور او القوانين المرعية ، وذلك يتم عن طريقين :الاول : اعتماد الاتفاقات السياسية السابقة التي ابرمت بين الكتل او الشخصيات القيادية منفردة او مجتمعة من قبيل اتفاقية اربيل 1 او اربيل 2 ، وان كانت مورد خلاف جذري في مواضيع ادارة الدولة وسياسة الحكم ..وعلى ذلك يتم استبعاد المفاصل الخلافية والعودة بها الى اروقة مجلس النواب لاقرار صيغتها النهائية والتصويت عليها ، وفي الامر تقوية لدور مجلس النواب وتفعيل لآلياته وابعاد حقيقي لشبح الديكتاتورية .. لان واحدة من الاسباب التي دعت الى الخوف من عودة الديكتاتورية هو ضعف الاداء البرلماني وانشغال مجلسه بالقضايا الجزئية بدلا من الحيوية؛ واستجابة النواب الى آراء وتوجيهات كتلهم .. ادى الى تقوية الرئاسات الثلاث على حسابه ، وهو ما ينذر بكارثة قد تحل بالنظام البرلماني برمته الذي قد يتحول وفقا لهذه الرؤية الى النظام المختلط او الرئاسي؟؟ اذا ما اعتبرنا ان تعريف الازمة : هي نتيجة نهائية لتراكم مجموعة من التأثيرات او حدث مفاجيء يؤثر على المقومات الرئيسية للنظام ويشكل تهديد صريح واضح لبقاء المنظومة او النظام نفسه .الثاني : اللجوء الى الصيغ البديلة عن ما طرح او مطروح حاليا من آراء وتوجهات ، والامر يحتكم هنا الى ارادة القادة السياسية الخلاقة؛ والجادة التي تنظر الى مصلحة المجموع قبل مصلحة الفرد؛ والى مصلحة الوطن قبل مصلحة الكتلة؛ او الاقليم .والاخيرة بدون ادنى شك .. سبيلنا الاسرع والانجح لانهاء الازمة السياسية والخروج بها من عنق الزجاجة والخلاف الى ساحة الشراكة والانفراج .
https://telegram.me/buratha