سعيد البدري
لأنه أبنٌ بار للعراق، يرى في العراقيين جميعاً أخوة في المصير فلم تكن توجهاتهم تمنعه من مبادلتهم الرؤى والعمل معهم بشكل مشترك وان اختلفوا في التوجه والنظرة، لأن الأوضاع التي كانت تحكم البلاد أوضاع شاذة فهكذا كان شهيد المحراب يتعامل مع الجميع فكان يتحد معهم جميعاً في نظرتهم لضرورة الإطاحة بالدكتاتور وكان يؤكد على ان الخيار في النهاية وبعد سقوط الديكتاتورية متروك للشعب وهو من يختار نظامه والقوى التي يريد ان تمثله دون ان يثير حفيظة احد او يغلق الباب بوجه احد، فكل له رأيه وكل له جمهوره وقواعده وعن هذه العلاقة يقول القيادي في الحزب الشيوعي العراقي مفيد الجزائري أنّ أبناء الشعب العراقي اليوم يفتخرون بدماء شهدائهم الابطال الذين قارعوا النظام المقبور كشهيد المحرب السيد محمّد باقر الحكيم (قدس سره)، مؤكداً بأنه من شهداء العراق الذين ناضلوا من أجل الحفاظ على وحدة العراق وحاربوا النظام البائد بكلّ شجاعة لهذا يعتبر من الأبطال الذين قدموا انفسهم فداءً لهذا البلد. وليس غريباً أنّ يتحدث الشيوعيون عن شهيد المحراب كما تحدث غيرهم من التشكيلات السياسيّة والحزبية، فلقد كان سماحته قائداً من طراز خاص لم يكن يدرك حدود نظرته وعمقها إلاّ من عاشره وفهم مبتغاه فالعراق لكلّ العراقيين والآليّة التي ينبغي أنّ يحكم فيها لابُدَّ أنّ تكون متفق عليها, ان نظرته لطبيعة النظام السياسي القائم على المؤسساتية ومرجعية الدستور الذي شدد قبيل رحيله على ضرورة أنّ يكتب بأيدي عراقية كانت له مدلالوته وهو مستقى من دراسة معمقة لطبيعة البلاد وحد فاصل يقطع الطريق على من تضررت مصالحهم بسقوط النظام كما انه وضع حداً لاعتراضات دول المنطقة التي انطلقت من خلفيات طائفية في محاولاتها منع الاغلبية من تسلم زمام الحكم في العراق والتي عبر عنها شهيد المحراب بالمعادلة الظالمة التي حكمت العراق بتغليب زمر الانقلابات السوداء على الجماهير الواسعة بدعم من هذه الانظمة التي شجعت أعمال الإبادة الواسعة النطاق التي قام بها العفالقة عبر المقابر الجماعية, لقد كانت الشعارات التي نادت بحقوق الاغلبية المضطهدة والتي أكد عليها الشهيد الحكيم تمثل باباً من أبواب المقاومة السلمية التي رفعها، فكان يرى إنّها ستسهم في استرداد الحقوق المسلوبة دون إراقة نقطة دم واحدة فهو يجد ان الحقوق التي ينبغي أنّ تسترد يجب ان ترسخ بعيداً عن العنف فجاءت رؤيته هذه مطابقة لرؤية المرجعيّة الرشيدة ومن هنا كان التأكيد على أهميّة تنظيم انتخابات نزيهة حرة تضمن المشاركة الواسعة للشعب واختيار من يريد تمثيله والتعبير عن همومه مع التأكيد على الشراكة في الوطن ووحدة المصير والتأريخ بين أبناء الشعب العراقي، ولم يكن هذا إقصاءاً أو تهميشاً كما حاول البعض تصويره عبر العزف على وتر ضياع حقوق المكونات الأخرى والتي قاده بعض أيتام النظام ودعاة الطائفية من داخل العراق وخارجه، ان العلاقات التأريخية التي جمعت شهيد المحراب بالكثير من القيادات السياسية العراقية أثناء وبعد مرحلة الجهاد ضد نظام البعث المجرم أثبتت بما لايقبل الشك مدى قدرته على إيصال خطاب الأغلبية الوطني الذي طالما صودر وصور على انه مناداة بحكم الطائفة في العراق، ففي الوقت الذي ذبحوا فيه ودمرت مناطقهم في حروب ونزوات الطاغية المقبور صدام قبل واثناء وبعد انتفاضة شعبان فهم يهانون ويفرض عليهم القبول بحكم القومجية والإلحاديين من زبانية البعث بمباركة وقبول أنظمة العرب التي كانت تحاربه من جهة وتقبل ببقائه على سدة الحكم بغضاً بالجماهير الواسعة من المكون الشيعي وهذا ما لم يكن مقبولاً عند شهيد المحراب الذي أوصل مظلوميتهم الى أقصى حد خلال جولاته الدّولية والإقليميّة ومباحثاته فكان يبدد المخاوف الداخلية والخارجية ويجمع شتات آراء القوى العراقيّة ويوحد الجهود من اجل تحقيق الهدف الاسمى بخلاص العراق والعراقيين من حكم زمرة البعث الفاسدة فأستحق رضوان الله عليه في نهاية المطاف ونهاية عمره الشريف لقب شهيد العراق ولهذا كان يوم استشهاده يوماً للشهيد العراقي.
https://telegram.me/buratha