حيدر عباس النداوي
يمثل عنصر الشباب في العراق غالبية أبناء هذا البلد العريق بحسب إحصاءات وزارة التخطيط ووزارة التجارة ليس بمقدار ما يتقاضونه من مواد غذائية بحسب البطاقة التموينية ولكن بحسب الإحصاءات السكانية المطلوبة وهي نسبة تزيد على الـ(60) بالمائة وهو رقم عالي جداً ويحسد عليه أيّ شعبٍ لأنه عنوان النشاط والعنفوان والإرادة والقوة.وما يسجل على ولاة الأمر في العراق ان هذه الطاقة والقوة والإرادة مغيبة عن الواجهة وبعيدة عن تمثيلها الحقيقي وإمكانية حصولها على فرصة حقيقية للمشاركة في القرار والمساهمة بفعالية مع مكونات الشعب العراقي الأخرى برسم مستقبل البلاد والعباد.وللأسف فإن هذه الطاقة وهذا الرقم الكبير من الشباب العراقي الغيور بقي خلال السنوات الماضيّة من عمر التغيير معطلاً في جزء كبير منه ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة بوجوه معروفة من إدراك حقيقة هذه القوة والاستفادة منها في تحديث مؤسسات الدّولة والنهوض بها نحو الأفضل بما معروف عن الشباب من قدرة على العطاء والابتكار والاندفاع والإبداع والتعلم والإصرار ومواجهة التحديات والتضحية والتفاني في سبيل الشعب العراقي وبناء العراق.وكان الأولى أنّ تتعانق ولادة الدّولة العراقية مع عنفوان الشباب في تمكينهم من إدارة معظم ملفات النهوض بالواقع المتردي الذي خلفه النظام البائد، إلاّ أنّ قوانين الدولة وإجراءاتها مع كل الأسف لم تخرج بعيداً عن سياقات العمل المقيدة بقوانين النظام السابق في تعاطيها مع هذه الطاقة الهائلة معطلة ومركونة على جانب بانتظار من يفعلها ويفجرها لصالح مستقبل البلاد.ويمكن للدولة أنّ تستفاد من هذه الطاقات الشابة المعطلة من خلال فسح المجال لهم للمشاركة في صنع القرار السياسي بتخفيض سن الترشيح لمجالس المحافظات ومجلس النواب وكذلك يمكن الاستفادة منهم في صناعة مستقبل العراق الصناعي والاقتصادي والزراعي بتوفير فرص العمل وكذلك توفير فرص بديلة من خلال تسهيل القروض المناسبة للمساهمة في خلق استثمار وطني في مجالات الزراعة والصناعة وتحسين البيئة.ومن المؤكد ان كثير من دول العالم التي تمر بمرحلة الكهولة والكبر تتمنى لو ان لديها جيل واعد كما للعراق حتى تواصل تألقها وتقدمها في سلم الرقي وتمنحه الفرصة الكاملة غير منقوصة ولجنبت شيوخها وعجائزها معاناة آخر العمر من ترهل وتعب ودوار ولمنحتهم حق حياة آخر السنين بالتنزه والسفر والمشورة وهو على عكس ما لدينها فمؤسسات الدولة تعج بالكهول والشيوخ والعجائز والعوانس "المعقدات" مع احترامي لكلّ هذه المسميات ولكلّ لحظة قضوها في خدمة العراق والعراقيين، ولكنّ للعمر استحقاقات واستحقاقهم في هذه المرحلة هو الاستقرار والتأمل وجني محصول الجد والتعب والكفاح الذي قدموه طوال تاريخ جهدهم وجهادهم وغير ذلك ان العراق مهرة أصيلة جامحة ومثل هكذا مهرة لا يلجمها ويروضها غير الشباب وهم كثر فامنحوهم فرصة امتطاء صهوة مجد بناء العراق وخدمة أبناءه.
https://telegram.me/buratha