بقلم حمودي جمال الدين
صاحوا بالوطن فرهود ...وذبوله الوطنية بالإذن من الأستاذ حسن العلوي حين استعير وأتصرف بتعبيره الرائع ,الذي كان ينعت به شيعة العراق سابقا عندما كانوا يعيشون على هامش السلطة والدولة ,ويكتفون بالوطنية التي تمثل الجريدة واللافتة والمظاهرة والمنشور والمقال وغيرها, من الفتات التي يرتضون بها ويتركون مرغمين الوطن لإخوانهم ألسنه ينعمون بكل ما فيه من خيرات ومال وثروة وجاه وسلطه.انا لا اريد من مداخلتي هذه ان استخدم هذا المصطلح لأسقطه على واقعنا السياسي الحالي, الذي يجمع في وعائه صوريا ما يسمى بحكومة الشراكة الوطنية, والتي تمثل كما يدعون اغلب الطيف العراقي بطوائفه وأعراقه وأحزابه وأقلياته, والذي لو صح فعلا كما يزعمون, لما آلت إلى هذا الشحن والفرز المأزوم بحفيفه المتشنج في الصراع والتكالب على اقتسام السلطة و ارث هذا البلد ونهب ثرواته .لكن هزني من الأعماق مقال نشر من على هذه المواقع, لأخ وصديق عاصرته من نعومة اضفاره إلى ألان , حيث كان مثالا للمناضل المبدئي والوطني الشريف في سخاء عطائه لوطنه, بتضحياته دون ان يرتجي من ورائه أي مقابل ,عرفته سجون العراق وأقبيتها ودهاليزها الحالكة, زبونا مترددا يفترش أرضها ويتلذذ بوسائل تعذيبها , فكان قصر النهاية سيئ الصيت, وسجن الفضيليه التي تركت بصماتها الشاخصة على جسده, وسام شرف يعتز به ويذكره بمظالم ووحشية الجلادين من جلاوزة النظام البائد .وشخصته اهوار الجنوب, رمحا صلدا وفارسا لا يشق له غبار, توجها بمشاركته الفاعلة بانتفاضة شعبه يوم ثار على الطغيان والجبروت, وحين ارتدت جحافل الظلام المهزومة من جحورها, أحرقت بيته ونهبت ممتلكاته ولم تترك له من متاع الدنيا وكدها شروى نقير,.هام على وجهه مستصحبا عياله فارا بارواحوهم, خشية بطش النظام وأزلامه, وكان قعر الصحراء مستقرا لهم, إلا انه لم يستكن ولم يداخله اليأس والقعود عن مواصلة رسالته في إنقاذ شعبه من براثن القهر والظلم, فكانت إذاعة صوت الشعب العراقي, التي احتضنت صوته الملعلع الجهور ,بأسلوبه الأدبي والشعري والحماسي الأخاذ, والمطعم بنكهته الشفيفة والظريفه ,التي كانت تخاطب كل شرائح مجتمعه ببساطتها ورقتها وعذوبتها , لكونها نابعة من طبيعة وروحية وسجال ذلك المجتمع . لكنها كانت ماضية كالا سنه في جسم النظام وأعوانه ,معرية فاضحة كل مساوئهم وتصرفاتهم الرذيلة مع أبناء شعبهم , فكان صوته الهادر الجهور يدخل إلى كل البيوت بدون استئذان ,يحرصون ويترقبون مواعيد برامجه بلهفة وشوق لتجد وقعها ومكانها في نفوس أهله وأجناسه .استمر على هذا النهج حتى سقوط النظام, ليعود بمفرده ضافرا مبتشرا مسرورا إلى وطنه. لعله يجد متسعا وصدى لذلك النضال, أو مأوى ومستقرا يركن إليه, ليزيح عن كاهله عذابات السنين ولغوبها ,ولم يتبادر إلى ذهنه ان الوطن سيشيح بوجهه عنه, ويدير بظهره إليه , ولم يكتفي بذلك بل ترك له رسالة خلف بابه المحطم المحترق . ان عد من حيث أتيت , مع رصاصة تحذير وتنبيه تحفها الخطورة على حياته ان فضل البقاء والمكوث في وطنه .عاد إلى مغتربه ,منتكسا مخذولا يجر ذيول الخيبة والانكسار, من وطن مسلوب الاراده كئيب مشوه, لعبت بخارطته ونسيجه إياد عبثيه طفوليه جامحة ,هدفها التخريب والكسب والنهب غير المشروع ,والتفت حول عنقه وعروقه ومفاصله شراذم من الوصوليين والانتهازيين ممن استثمروا جهاد ونضال الشرفاء من أبنائه, فصعدت به رؤوس خاوية حاقدة على كل نزيه وطني يتمتع بالكفاءة والغيرة والسيرة والسمعة الحسنه, ويقف على خلفية وقاعدة نضالية متماسكة رصينة .هؤلاء هم من سرقوا الوطن, والقوا إليك بفتات الوطنية لتبقى تعيش بها بقية عمرك مغتربا مشردا ,فأزح عن ذهنك وابعد عن تفكيرك ان يعوضوك عن احتراق بيتك ,أو يعيدوا إليك ما سرقه البعض منهم من محتوياته بالأمس .نعم هم اكتفوا بتعويض من ينتسب إلى أحزابهم ومحسوبيهم حتى وان لم يتضرروا أو يصيب احدهم أي أذى أو مكروه من النظام السابق.ولا تبتئس إن لم يحتسبوا إليك الفصل والسجن السياسي, فقانون السجناء والمفصولين السياسيين الذي أصدروه فصلوه على مقاسهم وعلى أحزابهم وإتباعهم وذويهم, اما بقية المناضلين والسياسيين الشرفاء, فخارج أسوار هذا القانون, للشكوك بعراقيتهم وأصالة معدنهم وبمبادئهم.ولا يقتصر هذا الإجحاف النفعي على السجناء السياسيين, بل يتعداه إلى الشهداء ممن قارعوا النظام وضحوا بأرواحهم وأهلهم وأبنائهم في سبيل إنقاذ هذا الشعب وتحريره من مخالب الطغاة حكامه السابقون.فمن لا يمت بصلة أو قرابة أو محسوبية إلى أحزابهم لايعترف به شهيدا ,ولا يتمتع بأي تعويض مادي أو معنوي حسب عرفهم .وكأنه أجير أو لقيط وليس من صلب هذا الوطن وطينته التي استشهد من اجلها .فلا تجزع ولا تهن, فغيرك الملاين من أبناء هذا الوطن, ممن يلوكون بأشداقهم المحن والآلام التي اعتصرتك وخيبت املك من نظام كانوا تواقين فرحين يتطلعون اليه بأناة وحبور .وما دروا ان الوطن سيضحى للفراش ولنضالهم وصبرهم الحجر.حمودي جمال الدين
https://telegram.me/buratha