خضير العواد
عندما رفض الشعب العراقي النظام البعثي وجميع الأنظمة المستبدة التي حكمت العراق بالحديد والنار ، تطلع الشعب الى بناء دولة ديمقراطية يسودها الحب والسلام لجميع أفراد الشعب العراقي بجميع مذاهبهم وأديانهم ، وبعد تغير النظام وفرار رجالاته المجرمة أصبح بناء النظام الديمقراطي قريباً الى الواقع ، فشد الهمم الرجال وحبس الشعب أنفاسه يتطلع الى غد العراق الديمقراطي المشرق وتخلل هذه الأيام والسنين الكثير من المصاعب وكان في مقدمتها تجمع الأرهاب العالمي من جميع بقاع العالم وبأموال خليجية وعربية من أجل إفشال العملية السياسية برمتها وإرجاع العراق الى حكم الأقلية المستبدة التي تتخذ من أولويات حكمها إضطهاد الأغلبية الشيعية وهذا ما حدث لمئات السنين ويحدثنا التاريخ عن أيام سوداء عاشتها الأغلبية الشيعية ، ولكن صبر ويقظة الشعب العراقي وألتفافهم حول المرجعية قد أفشل جميع المخططات والمؤأمرات بالرغم من تقديم الأعداد الكبيرة من الشهداء بالإضافة الى تدمير البنية التحتية لهذا البلد المرهق من الحروب ، ولكن ضغط الشعب على جراحاته ووسع صدره وفتح عقله من أجل إستيعاب المرحلة المملؤة بالمخاطر والدسائس ، فكتب الدستور بأقلام جميع فئات الشعب وأسس لنظام ديمقراطي يعتمد الحكم فيه على نتائج صناديق الأنتخابات لكل أربع سنوات ، وجرت الانتخابات وشارك فيها الجميع بمختلف أفكارهم وخلفياتهم الدينية والمذهبية وأختلاف مواقفهم من العملية السياسية ، وفازت الأغلبية بالحكم ولكن بعض المجاميع لم يرق لها هذه النتائج فبدأت تهدم بالعملية السياسية بمعولها من الداخل من خلال عرقلة أغلب المشاريع والقوانين التي تهم حياة المواطن بالإضافة الى دعمها المباشر للعمليات الإرهابية من الناحية المادية والدفاع عنها أمام الإعلام والحكومة من خلال تبرأتها والتشكيك بعدالة القضاء وتسيسه وطائفية الحكومة التي تعمل الدسائس لهؤلاء الوطنيين ؟؟؟ وأما المجموعة الثانية التي إشتركت بالنضال مع الأغلبية الشيعية ضد النظام البعثي وأزلامه وهم الكرد ، فكان همهم الوحيد الأستحواذ على أكبر ما يمكن من المكاسب بالإضافة الى تخوفهم من أي تحرك تقوم به بغداد مع دول الجوار ولم يعنهم العراق كبلد بل المستحوذ على إهتمامهم دولة كردستان المستقبلية أما تدخلهم في المواقف الحرجة لأنقاذ العملية السياسية فكان يدور ضمن إطار المحافظة على مكاسبهم وليس مصلحة العراق العامة ، فقد عملوا على سحب الثقة من السيد الجعفري عندما زار تركيا برفقة السيد الجلبي وقبلوا بالمالكي من أجل إقالة الجعفري فقط الذي تعدى الخط الأحمر الذي رسموه في أذهانهم ، ولم يراعوا أصول الدديمقراطية وقوانينها وقبلت الأغلبية بهذا الأمر على مضض بسبب التخوف من العودة الى الوراء وضياع الحكم الذي ضحى من أجله الملايين من الشيعة ، وبعد الأنتخابات الأخيرة وما رافقها من دسائس كادت أن تبعد الأغلبية والى الأبد عن الحكم وتدمر الحياة الديمقراطية ولكن حنكت السياسين ويقظة الشعب جعل أعداء العملية السياسية يتقهقرون بالرغم من ضخامة المبالغ المادية التي صرفوها من أجل الأستحواذ على السلطة عبر شراء الذمم ومن ثم الفوز بالإنتخابات ، وبالرغم من نتائج الإنتخابات وفوز الأغلبية لكن الحكومة شُكلت من الجميع ولكن المواقف من العملية السياسية لم تتغير فالكرد المهم عندهم مصالحهم وكيفية الأستحواذ على أكبر ما يمكن من المكاسب ، والقائمة العراقية لم تؤمن بالحياة الديمقراطية قط فكانت المجموعتين تصطاد بالماء العكر كل صغيرة وكبيرة للحكومة ، وتريد أن تخالف الدستور في أهم فقراته من ناحية السيطرة على الثروات النفطية وباقي مدخولات الأقليم كالكمارك والمطارات وعلى الحكومة السكوت وإلا سيكون المصير كما كان للسيد الجعفري ، أما العراقية فدفاعها المستميت عن قادة الأرهاب كالهاشمي وتشكيكها بعمل القضاء وطائفية الحكومة بالإضافة الى مطالباتها بمنصب السياسيات الإستراتيجية مع كامل الصلاحيات التي جميعها تخالف الدستور ، وقد وقف السيد المالكي موقف رئيس الوزراء المحافظ على تنفيذ بنود الدستور ولكن هذه المجاميع التي لا يهمها إلا مصالحها ومكاسبها ونجاح خططها جعلها تقف من رئاسة الحكومة الموقف المضاد وطالبت بسحب الثقة وتبديل المالكي بشخص آخر كما حدث مع السيد الجعفري ، قافزين على أعمدة النظام الديمقراطي وجاعليه وراء ظهورهم من خلال تجميدهم لعمل البرلمان المؤوسسة الأساسية لحل جميع الإشكالات التي ترافق العملية السياسية ، وذهابهم الى الأجتماعات الجانبية التي أرهقت العملية السياسية وأتعبت المواطن العادي من خلال إشغاله بهذه الحالة الضبابية التي ترافق الحياة السياسية بالإضافة الى تردي الخدمات المقدمة من قبل الوزارات المعنية ، فعملية سحب الثقة من كل رئيس وزراء لا يقوم بتنفيذ المطالب الغير دستورية سيؤدي الى تهديم العملية الديمقراطية في العراقي ونتاجاتها تؤدي الى تدمير العملية السياسية ومن ثم ولادة نظام دكتاتوري مدعوم من قبل المثلث الذي يريد الشر بالعراق والعراقين المتمثل بالسعودية وقطر وتركيا ، لذا فأن عملية سحب الثقة بهذه الطريقة وعدم الذهاب الى البرلمان يؤدي الى ضرب العملية الديمقراطية التي يسعى إليها كل من لايريد الخير للعراق والعراقيين .
https://telegram.me/buratha