السيد حسين السيد هادي الصدر
من الملاحظ أنّ عناية السياسيين بصحتهم بلغت أعلى الدرجات، وانهم ليحسدوا على هذه العناية المفرطة برجال الوطن !! ويحاول قسمٌ منهم ان يكبد خزانة الدولة نفقات علاجه في الخارج، بدل ان يتحّملها بنفسه !!وقد نجح من نجح في هذا المضمار، ولسنا الآن بصدد الاشارة الى الأرقام.ومع ذلك كله فنحن راضون، على أنْ يكون الاهتمام بصحة الوطن موازياً في القّوة لاهتماماتهم بصحتهم .الاّ أنَّ ما يملأ النفس لوعةً وشجناً،أن صحة الوطن هي آخر ما يخطر على بال معظم السياسيين العراقيين،الذين فشلوا حتى الآن في الاتفاق على جلسة ( مكاشفةٍ ) حقيقية، توضع فيها النقاط على الحروف، تمهيداً لتسوية المشكلات العالقة .انَّ الاهتمام بالشؤون الشخصية - صحّية كانت أو مالية - والتفريط بالشؤون الوطنية، خط أحمر، تقرع معه أجراس الإنذار، لان مصلحة الوطن،أهمّ وأكبر وأثمن من كل اولئك اللاهثين وراء المزيد من المكاسب والامتيازات،من أصحاب المِعَد الهاضمة، والأضراس القاضمة، والأنانية الظالمة !!(والدستور) يتصدّر قائمة (المفردات) التي يكثر ذكرها، ولكن لا من باب الحُبّ والايمان، بل من باب التحذلق والتشدّق بالتزام الضوابط والمعايير الموضوعية!!والسؤال الآن:اذا كانت (اتفاقية أربيل )، التي مهّدت الطريق لتشكيل الحكومة الحاليّة - مخالفةً للدستور، فكيف تمّ التوقيع عليها ؟!!ولماذا ظَلَّتْ هذه الاتفاقية العتيدة، بعيدةً عن الانظار، حيث لم تنشر الاّ بعد ان طالب امام جمعة كربلاء بنشرها؟!!ولا تدري هل نُشر النص الكامل، أم أنَّ هناك شيئاً لم يتم نشره حتى الآن؟!ومن الخطأ تحميل طرف واحدٍ بعينه، كامل المسؤولية عما حلّ بالساحة العراقية، من مصائب وكوارث وأمراض.وانّ أخطر تلك الأمراض على الاطلاق، تزلزل الثقة بمعظم العاملين في الحقل السياسي، وهذه خسارة كبرى ذات مردودات سلبية رهيبة في الحاضر والمستقبل ... وستلحظ آثارها في الانتخابات المقبلة!ان استمرار حملات التراشق، وإطلاق التصريحات النارية التي لا تُبقي ولا تذر، قد أثخن العملية السياسية بالمزيد من الجراح، وعقّد بالتالي فرص الحلّ السريع للمشكلات العالقة.انَّ تغييب " الصراحة" واعتماد " الوقاحة "، أسلوبا في التعامل بين المحترفين السياسيين، لن يُطفئ لهيب الاحتقانات، والمكابرات الممجوجة.والمعروف أنَّ المتغيرات في العمل السياسي تفوق الثوابت، الا اننا نكاد لا نصدّق ما نراه، من كثرة المتغيرات في المواقف السياسية الحالية:ومن أبرز الأدلة على ذلك أنَّ المطالبين باجراء الانتخابات النيابية المبكرة، يسارعون الى رفض اجراء تلك الانتخابات بمجرد صدور الدعوة الى اجرائها من الطرف الآخر، وكأنهم أقسموا على تبني الخلاف مع اخوانهم في كل المواقف !!وتطفو على السطح بعض الظواهر المريبة، ويعكسها الاعلام بصيغ مثيرة للغاية، ويسهم ذلك في ترسيخ القناعات القائمة بأنَّ هناك يداً تحّرك الامور من وراء الستار، باي اتجاه تريد، تبعاً لمصالحها، وان استلزمت القفز على القوانين والمعايير الموضوعية والعقلانية.ما معنى الاعلان عن الاتفاق مع عنصرٍ مدان قضائياً بالاختلاس من المال العام، هاربٍ الى خارج البلاد، ومعروف بتحريضه المستمر على كل ألوان التدمير والتفجير والخراب، حتى لكأنه لا يأنس الاّ بالمفرقعات والمفخخات، التي تحصد أرواح الآمنين من الاطفال والنساء والأبرياء من العراقيين!!وكأنَّ اسقاط التهم والمحكومية عن المجرمين بشارةٌ تُزّف للمواطنين العراقيين !!والأنكى من ذلك أنْ يتم فرش (السجادة الحمراء) لهذا العنصر،من قبل من يدّعي أنه أحد ممثلي الشعب العراقي، الذي يبرأ من المجرمين المتآمرين عليه !!!انّ السفرات التي قام بها الكثير من السياسيين المحترفين، الى مختلف العواصم، ليس من السهل احصاؤها، واذا دلّت على شيء، فانما تدل على ان الأبواب أصبحت مفتوحة مشرعة، للتدخلات الخارجية في الشأن العراقي الداخلي، وهذه مسألة خطيرة تمس سيادة العراق، ونزاهة القرار الوطني العراقي.وقد يحلو لبعض الجهات "الاستقواء" العلني بهذه الدولة أو تلك، في ميادين ابراز العضلات ..!!ان اتفاق (القادة) يوجب اتفاق (القواعد)، وان استمرار الخلافات والصراعات، لايصبّ الاّ في مصلحة الارهاب والارهابيين، وأعداء العراق.اننا نضم صوتنا الى أصوات المخلصين الواعين من أبناء هذا البلد الكريم، الداعين الى تعجيل اللقاء التاريخي بين الزعماء السياسيين العراقيين، لكن لا لنضيف الى قائمة اللقاءات رقماً جديداً فحسب، بل لندشّن مرحلة جديدة قوامها التسالم على ايثار مصلحة الوطن على كل المصالح الأخرى بعيداً عن حسابات الربح والخسارة الشخصية أو الفئوية أو القومية.ان استمرار الصراعات السياسية لا يعني الا شيئاً واحداً، وهو الخسارة الفادحة التي تلف الجميع بلونها القاتم الداكن...كما أنَّ التوصل الى حلول ناجحة للمشكلات الراهنة يعني نجاح الجميع في التغلب على الصعاب، وإطفاء نيران الأخطار المُحدِقة بالوطن والمواطنين .وقد آن الأوان ان يحسم السياسيون العراقيون هذا الملف الشـــائك، ويعلنــوا نهـــاية المعـــارك، ويجنبــوا الشعــب والــوطن أخــطــار المهـــالــك.
https://telegram.me/buratha