سالم مدلول الحسيني
إن الحديث عن العظماء صعب مستصعب ، لا يُدرك أسراره ، ولا يسبر أغواره من لم يَحُز بالعلم قصب السَّبق ، أو يكن خطيباً مفوهاً ، وليت شعري كيف الخروج عن مأزق العيِّ والحيرة ، إذْ الحديث عن عالم وابن عالم ، مجاهد وابن مجاهد ، حكيم وابن حكيم ، شهيد سقى أرض العراق من دمه وآله ، لأن العراق عنده أغلى من نفسه وماله ، فيه مع جده الحسين ( ع ) أكثر من شبه ، كلاهما آثر المنيَّة على الدَّنيَّة ، والسِّلة على الذلَّة ، وهيهات هيهات منهما الذلَّة ، كلاهما لم يخرج أشراً ولا بطراً ، وإنما خرج لطلب الإصلاح وليأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، كلاهما قدَّم القرابين من آله ، وكان يقول: اللهمَّ إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى ، كلاهما أُبتلي بطاغية لايرقُب في مؤمن إلاَّ ولاذمَّة ، ولا يرعوي عن سفك الدماء ، متخذاً مال الله دولاً ، وعبيد خولاً ، كلاهما ترك الخلق طرَّاً في هوى الله ، وأيتم العيال لكي يراه ، وقد قطِّع بالحب إرباً فلم يمل منه الفؤاد إلى سواه ، كلاهما استُشهد ذابل الشِّفاه من الظمأ ، خاوي الحشا من الطَّوى ، لكنَّ فرقاًً واحداًً بينهما إنَّ الحسين كعبةُ قد أمَّها الحكيم .يا أيُّها الحكيم يا أيُّها الزعيم رحلت عنَّا سيدي ، بعد أن ذعذعتك النوائب . إذْ أخرجك الذين دجنوا في لؤمهم ، فمضيت تمتشق سيف الحسين ، تقارع الظلم ، وتكسر أصفاد المذلة .عدتَّ لنا يا سيدي بعد سنوات الجمر وأيام المحنة ، بعد ربع قرن من الغربة والهجرة ، قلت بصوت عالٍ : أقبل أيادي المراجع العظام وأياديكم أيُّها الأخوة ، فكنت بذلك للتواضع ، ونكران الذات أروع أنموذج ومثال فلماذا أبغضوك ؟؟ .وقلت : لسنا بحاجة لكم أيًّها المحتلون فلسنا قاصرين لتكونوا أوصياء علينا ، فكنت بذلك أول من قاوم الاحتلال ، فلماذا قتلوك ؟؟
https://telegram.me/buratha