ثمة مسارين لفهم مصطلح الاحياء الديني ، الاول يقول: ان احياء الدين يتطلب العودة الى الماضي مع تجاهل ظروف العصر الحديث ومتطلباته ومشاكله ومستجداته، فيما يوكد الفهم الاخر ان العودة الى الماضي يجب ان تكون مقرونة بفهم حقائق الحاضر الزمانية والمكانية ومستجداته. ان وجهة نظر الإمام الخميني انصبت على النمط الثاني، اذ حاول، قدس سره،التعاطي مع المشاكل الراهنة للمسلمين، وسعى الى حلها او معالجتها وفق القيم والشريعة الاسلامية ، من دون ان يتجاهل الواقع المعاش للمسلمين. يقول الإمام الخميني (قد) ( حين رفع شعار فصل الدين عن السياسة وأصبح الفقه في منطق الجهلة هو الاستغراق في الأحكام الفردية والعبادية ، ولم يعد يسمح للفقه أن يخرج عن هذا الإطار ويتدخل في السياسة وشؤون الحكم ، عند ذاك أصبحت حماقة العالم في معاشرة الناس فضيلة . وعلى حد زعم البعض يصبح العلماء موضع احترام وتكريم الناس حين تستولي الحماقة على كيانهم. بينما كان العالم السياسي والعالم النشيط يعتبر إنسان مدسوسا. ومن القضايا التي كانت منتشرة في الحوزات اعتبار كل من يسير منحرفا أكثر تدينا، فيما أصبح تعلم اللغات الأجنبية كفرا وتعلم الفلسفة والعرفان ذنبا وشركا .. ولاشك عندي بأنه لو استمرت هذه السياسة لأصبح وضع العلماء و الحوزات كوضع كنائس القرون الوسطى). وهكذا عملت التجربة الإيرانية على نقل الموروث الفقهي الإسلامي سيما ما مرتبط بما أسسه أهل البيت عليهم السلام، من عالم التنظير إلى عالم الواقع، مستفيدة مما توصل إليه القانون الدستوري والتجربة الديمقراطية للبشرية، ومع أن هذه التجربة معرضة للنقد والمراجعة، إلا أن الإمام الراحل "قد" عمل بجد لإقامة دولة مؤسسات، وترسيخ أساس حاكميه القانون …وأخيرا اشتمل الدستور على تصريح لا لبس فيه يكون الشعب سيد الدولة، وأن مشروعية السلطة مستمدة من التفويض الشعبي. ولا بد من العودة إلى أصل تجربة الإمام الراحل في الحكم، فإشغال الإمام الخميني لموقع قائد الجمهورية الإسلامية في إيران وتوليه المتزامن لمقامي 'المرجعية' و'ولاية الفقيه'، وضع الفقه السياسي الإسلامي مرة أخرى أمام استحقاق تطبيق ما جاء في النصوص الإسلامية المقدسة، سواء ما ورد منها في القرآن الكريم ، أو ما ورد عن في السنة النبوية المطهرة، أو ما هو ثابت عن أهل البيت عليهم السلام، وهو استحقاق بدا للوهلة الأولى مستحدثا! لطول غياب الأمة عن حقها في أن يحكمها من يتبع الشريعة المقدسة، مع أن الشريعة التي نقف أمام ربنا خمس مرات يوميا لم تقل في نظام الحكم غير " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ"..
كلام قبل السلام: ليس للعقل أن يذهب نحو غير أهل البيت عليهم السلام في البحث عن "أولي الأمر منكم"، وليس له أن يختار الحكام الطغاة والفاسدين والمستبدين على فقيه عالم بحدود الله وسننه وشرائعه..وعموما فإن آية "أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ"، هي آية من كتابه تعالى وليست جديدة!..ولكن القوم تصوروها كذلك...
سلام....
3/5/603
https://telegram.me/buratha