عادل عبد المهدي * نائب رئيس الجمهورية المستقيل
يمكننا الكلام عن ثلاثة انماط.. اولاً صدام والقذافي وكثيرون عرفهم العالم الثالث.. وثانياً ستالين وهتلر وغيرهما.. وثالثاً قادة كبار كالامام الخميني وغاندي ومنديلا وديغول.
معيار المفاضلة ليس انماط الحكم والافكار، بل ان الاجيال القادمة ستذكر النمط الاول بانهم صغار في انجازاتهم لشعوبهم، الاوائل في سجل المآسي والاخفاقات.. وتذكر للثاني دورهم في الصراعات الكبرى وانتصاراتهم واخفاقاتهم في اقامة انظمة شمولية اثارت الحماس بقدر ما اثارت الرعب والموت.. وتذكر للنمط الثالث الحركة التي اطلقوها التي اوجدت جديداً، نامياً في مسارات التاريخ، باتفاق او اختلاف معها.
فالنمط الاول سار بالتاريخ الى الوراء. قمع ودمار، بلا منجزات تنظيمية او علمية لتحكم البلاد باطروحات غبية مثل صدام هو العراق والعراق هو صدام.. او بالكتاب الاخضر او غيرها من ترهات اغلقت اي باب لبناء مؤسسات وحقوق خاصة او عامة خارج قرارات القائد وضرورات قوته وبقائه.
وكاد الثاني ان يسجل التاريخ لنفسه لو انتصر في معاركه.. ولولا ان طبيعة الانظمة التي اسسها ابتعدت كثيراً عن وقائع الحياة.. وارادت ان تخضع السنن لرؤاها لا ان تناغم افكارها ورؤاها وتطورها حسب سنن الحياة وقوانينها.
اما النمط الثالث فسجل اثره المتنامي.. فهناك من سيستلهم النموذج الاسلامي للامام الخميني كما سيتعلم منه كيف يقف جريئاً يصارح شعبه بانه يتجرع السم لقبول ما لا يتفق ورأيه.. وهناك من سينحني للدعوة السلمية لغاندي رغم الدماء الهندية التي استباحها المستعمرون.. او لديغول الذي انقذ بلاده من الاحتلال، واسس الجمهورية الخامسة، وفاوض تحرير الجزائر، لكنه تخلى عن الحكم وهو في اوج قوته السياسية عندما شعر ان افكاره لم تعد تلهم الفرنسيين بشيء.. ومانديلا الذي لم تدخل سنوات السجن الطويلة الحقد الى قلبه.. وهزم ابشع نظام عنصري، وحقق تعايش الاقلية البيضاء مع اغلبيتها السوداء.. وترك الحكم وهو في اوج نجاحاته.
على قادتنا ان يتعلموا كل خير من نماذج النمط الثالث.. ويبتعدوا عن النمط الثاني.. ويمنعوا بشدة عودة الاول.. فالعراق بحاجة الى قادة يرتقون برقي المؤسسات، لا على حسابها.. وبالمنجزات العملية وليس الكلامية.. والحريات والحقوق الحقيقية لكل المواطنين وليس لفريق دون اخر.. وان تمتدح سيرتهم ليس تملقاً لسلطة او مصلحة، بل لكفاءاتهم وايثارهم.. كما ذكرت يوماً بسبب تضحياتهم وصمودهم.
20/5/605
https://telegram.me/buratha