بقلم: سماحة العلامة السيد حسين السيد هادي الصدر
المعجبون بأنفسهمانتفاخ الذات الانسانيه ، وتضخمها الى الحدّ الذي تخرج به عن كونها من الإنس ليس مجرد افتراض ..!!!انها حقيقه ، تجلّتْ في شعر ابن يسار النسائي حيث قال :أتيهُ على جِنّ البلاد وإنسها ولو لم أجدْ جنّاً لتهتُ على نفسيأتيهُ فلا أدري من التيه مَنْ أناسوى ما يقولُ الناس فيَّ وفي جنسيفانْ زعموا أني من الإنس مثلهمفما لي عَيْبٌ غير أنيّ مِنَ الإنس أرايت الى أين وصلت به الحماقة ؟انه يرى من العيب ان يكون من الانس ،وهذا ان لم يكن الجنون بعينه فهو قريبٌ منه ..!!ولا يدعو غالباً الى هذا المنحى ،الاّ الجاه والمال أو السلطان أو المواهب المزعومة ...!!!ويحدثنا التاريخ ان (كعب بن زهير ) كان اذا أنشد قصيدةً ، صنع لها خُطبةً في الثناء عليها ، وكان يقول عند انشادها :لله دَرّي !!وأيَّ عِلْمٍ بَيْنَ جَنبيَّ ؟ !!وأيَّ لسانٍ بَيْنَ فَكَيّ ؟ !!وهكذا يبلغ به الاعجاب بنفسه وبشعره ، حتى يصل الى مرحلة ، نشفق بها عليه ، لأنها غريبة مريبه ..!!ويطول بنا المقام لو أردنا استعراض المزيد من الشواهد والأرقام، وحسبنا ان هذه الظاهرة ، معروفة ملموسة ، في كل زمان ومكان .والمذهل المدهش أنك لاتجد في سِيرَ الأنبياء والأوصياء والعظماء ، الاّ التواضع ونكران الذات ، والفرار من كل ألوان الأبّهه الزائفة ، والمظاهر المصطنعة .انّ الضوء هو الذي يبحث عنهم ، وليسوا هم الذين يبحثون عن الأضواء...والفرق بينهم وبين الباحثين عن الأضواء بون شاسع كبير ..!!!انهم شموس ساطعه ترسل أشعتها ، وتفيض سناها على الناس أجمعين...انهم مشاعل هداية ، ورموز ساميه ، للانسانيه في أوج كمالها ،وعطائها ومروءتها ،وسجاياها الباهره ، ومناقبها الزاهره .وهكذا تكون النفوس الكبيرة ينابيع يُمْنٍ وخير وبركات ، ونفع للناس ...ان المفاهيم والقيم تبقى بحاجة الى مَنْ ينقلها من حيزها النظري الى الميدان العلمي لتمشي بين الناس على قدميْن ، وتعيش بينهم قويّة راسخة ، لتطهّر المجتمع من الأدران ، ولتنّقي القلوب من الأغلال والأمراض والشرور .....ان معركة (الحق) مع (الباطل) ، و(النور) مع (الظلام) ، و(السمّو) مع (الهبوط) ، و(الخير) مع (الشر) و(الانسانيه) مع (الأنانيه) .... ، معركة حامية الوطيس ، مستعرة الأوار ، متواليه الفصول والأحداث ، ولكل طرفٍ رموز وشخوص ، وعلى طِبْقِ ذلك ، يكون التفاضل والتمايز بين الناس .ويحق لنا هنا ان نذّكر المنتفخين ، بالرواّد الأفذاذ المتواضعين ،الذين ينطبق عليهم قول الشاعر :اولئك قومٌ إنْ بَنَوْا أحسنوا البِناوانْ عاهدوا وَفوّا وانْ عقدوا شدّوا وإنْ كانت النعماء فيهم جَزّوْا بها وان أنعموا ، لاكدّروها ولا كدّوا ولا ينقضي العجب ممن يرى أوضاعنا الراهنه ، وأجواءنا المحتقنه المشحونه بالخلافات ،والمشغولة بها عن تقديم الخدمات ، - حتى لكأنَّ العراق قد أستوفى كلَّ حاجاته ،في الأعمار ، والبناء ، والتنميه ، والأمن ، والصحة ، والتعليم ، والنقل -، ....... وهو لا يكفّ عن التغني بالانجازات والمكاسب التي حققها للمواطنين ، وهم في حيرة مما يرون ومما يسمعون ...!!لافرق بين هؤلاء المتشدقين بانجازاتهم وبين " كعب بن زهير " الاّ في كون قصائدهم التي ينشدونها ليست (موزونة) على الأطلاق .وان قوافيها متنافرة لا تثير الا الاشمئزاز والاشفاق ..!!ايها السلطويون :اسألوا الناس عن رأيهم فيكم ، بَدَلَ ان تُطلقوا بحق أنفسكم ، ما ملتّه الأسماع ، وما ضجّتْ منه سائر البقاع ، من تصريحات وكلمات وبيانات.واطردوا الكذّابين المتملقين المحيطين بكم ممن يُزيّن لكم الاباطيل ،ان الشعب في عناء ، ولم يعد يملك المزيد من الصبر على طول المعاناة والبلاء .
https://telegram.me/buratha