احمد عبد الستار الاسدي
اليوم اكملت ذكراه القرن والربع . بكل الاباء بكل التحدي بكل الصبر والصمود لهذه الشخصية الرسالية ، وبكل معاني التسامح والمحبة وكظم الغيض التي بثتها نفسه الزكية في فضاء المحبين والمريدين .. عذرا لسنا في صدد استحضار الدروس والعبر فهي من الحجم ما لا يتسع له سطور اعدها احد الجهلاء .
منذ عام (183 هـ) والى (1433 هـ) والتاريخ يسجن الامام موسى بن جعفر ويمجد ذلك السلطان العباسي الماجن السكير . فبعد 1250 عام لا يزال في مناهج تدريس التاريخ العربي الاسلامي ما يمجد ويتغنى بهارون وشعراءه وجواريه وخمره ومجالس طربه ويعتبرها الحقبة الذهبية في تاريخ الامة . ذلك ما تحويه مناهجنا الدراسية مع كل التدليس للحقائق التاريخية والشواهد الادبية من نصوص شعرية وغيرها . تلك المناهج ذاتها تغيب احد ابرز واهم علماء وائمة المسلمين .
وهنا يبرز تساؤل . هل ان وجود شخصيات كالامام الكاظم (ع) يمثل نزعة طائفية واستفزاز للمذاهب والاوساط الدينية ؟ بالتأكيد العكس هو الصحيح . فالامام الكاظم (ع) حاظرا في الضمير السني بمثل حضوره في قلوب انصاره واتباعه . بل ان الاول يمتاز بخصوصية فريدة ربما . اذ انه الاستاذ والمعلم لاحد ابرز مؤسسين المذاهب الاربعة في المذهب السني (الشيخ ابو حنيفة النعمان) وقال بحقة النعمان ـ رحمه الله ـ "لولا السنتان لهلك النعمان" في اشارة الى العامين التي قضاها في الدراسة عند الامام الكاظم (ع) وفظله عليه وعلمه الواسع .
وواهم جدا من ظن ان وجود الكاظم (ع) على حساب هارون يثير الحساسية عند ابناء المذهب السني لان المسلمين قاطبة وبكل فرقهم ومذاهبهم ومشاربهم الفكرية والعقدية لايشرفهم لا من قريب ولا من بعيد ذلك الخليفة السكير ومجالس طربة وجواريه وخمره وما تناقله التاريخ عن نزواته ومجونه .
فبفضل خلفاء مثل هارون العباسي اولاً ، وبفضل امتداداتهم البائسة ثانياً ، وبفضل تلك الاقلام الحقيرة التي دونت التاريخ ثالثاً بقصائد المديح المأجورة . وصلت صورة الاسلام المشوهة للغرب . فلو لاحظت اي فيلم سينمائي غربي عن العرب فيصور لك الخليفة بـ"كرشه" المتدلي وقصره الفاخر وجوارية التسعين ومائدته العااااامرة وجرار الخمر التي تحيط به . كل ذلك اعطى الصورة السيئة في العقل الجمعي الغربي عن العرب والمسلمين وحضارتهم . وللاسف نحن من ساعد في ذلك .. كوننا نحبس الكاظم في تاريخنا وندع الرشيد مخمورا الف ليلة وليلة !!
اسألكم بالله .. هل العار في التاريخ وجود الكاظم (ع) ام وجود هارون ؟؟ ولماذا يدرس ناشئتنا هذا التظليل والاسفاف التاريخي ... الا يوجد في التاريخ شخوص وابطال يستحق الافتخار بهم غير تلك الشرذمة البائسة القذرة ؟؟ امة تتنكر وتستعر من ابطالها الحقيقيين امة مكانها الحظيظ .. وواقعا هذا خو الحيز الذي نشغلة اليوم في سلم الثقافة والحضارة الانسانية .
https://telegram.me/buratha