المقالات

التحرك الاعلامي للحسين ع

1226 23:09:00 2012-06-23

اكرام حسن

خاض الحسين ع حربا اعلامية قوية بلا انقطاع , ضد الارهاب والدعاية الاعلامية الدنيئة الكاذبة لبني امية واذنابهم , من اول يوم خرج من المدينة الى مابعد استشهاده . كان عليه السلام محبوبا عند المسلمين وكانت نفوسهم مهيئة لاستقباله كخليفة للمسلمين فهو الذي باهل به النبي , نصارى نجران , وهو خامس اهل الكساء وهو الذي اراد الله تعالى له المودة في نفوس المؤمنين وهو سيد شباب اهل الجنة , لهذا حاول يزيد جاهدا ان يحرف الناس عن الحسين بان يُرعبهم- بالموت لمن لايبايعه- او يرغِّبهم بالدنيا ويعدهم اموالا واراض وذهبا وفضة ونجح في ذلك مع اغلب الناس . من هنا نجد ان الحسين كان يركز دائما على ارشاد الناس الى الحق وتذكيرهم بنفسه , وماذا قال الله فيه ورسوله ,كذلك حرص على تعريف الناس بالحاكم الطليق شارب الخمر معلن الكفر على الملأ سارق بيت مال المسلمين.كانت اولى خطوات الحسين ع الاعلامية في مجلس الوليد بن عتبة والي معاوية على المدينة حيث طلب الاخير من الحسين ع البيعة ليزيد فقال الامام - ان مثلي لايبايع سرا وإنما أحب أن تكون البيعة علانية بحضرة الجماعة - واراد بذلك ان يعرّف الناس بحقيقة يزيد الفاسق,قاتل النفس المحرمة- وقال (ولكن نصبح وتصبحون وننظر اينا احق بالخلافة )*.

ثم خطبته في منى فيما يقرب من الف رجل , ولم يدع شيئا انزلة الله , او قاله رسول الله , بحقه وحق علي ع الا وذكّر الناس به وأشهدهم عليه ثم قال (اسمعوا مقالتي واكتموا قولي ، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ، من أمنتم ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون )** وهو بهذا جعلهم رسله الى باقي الامصاركالبصرة والكوفة. بقي الحسين ع اربعة اشهر في مكة يدعو لله ويحث اهل مكة والحجيج الوافدين عليها على اتباع سنة رسول الله ثم ينبههم الى الخطر المحدق بالاسلام بسبب انحراف يزيد عن سيرة رسول الله ص ودعاهم الى القيام المسلح ضد الخليفة .كان يعلم انه مقتول لامحالة لانه لن يعطي البيعة ليزيد لذلك خطب خطبته المعروفة في مكة (خط الموت على ابن ادم مخط القلادة على جيد الفتاة ... رضا الله رضانا اهل البيت ...من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى) كانت الخطب هي وسيلته الوحيدة لايصال صوته للناس لذلك فهو لايترك مناسبة الا وخطب فيها وشجع اصحابه وانصاره على فعل المِثل لان المخطط الاموي اراد ان يقتل الحسين في الصحراء ويدفن معه الحقيقة قبل وصولها للناس .خطب الحسين ع في الجيوش التي اتت لقتاله في كربلاء حيث قال (ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ; ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ، فإني لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برما) وذكّرَهم ( إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم ، وقدمت علي رسلكم أن أقدم علينا فانه ليس لنا إمام لعل الله يجمعنا بك على الهدى) . تكمن قيمة الخطب تلك في انها حركت ضمائر الناس وارشدتهم الى الصواب كما حصل مع الحر بن يزيد الرياحي , واصبحت شعاراً للحرية والكرامة وقد تجاوز تاثير هذه الشعارات حدود الزمان والمكان كشعار (هيهات منا الذلة) الذي اصبح شعار الاحرار في يومنا هذا .وسلك اصحاب الحسين ع نفس اسلوبه الاعلامي الخطابي فكلما خرج احد منهم للقتال , خطب في الناس والقى عليهم الحجة واوضح لهم الحق والباطل لكي لا يبقى هناك من يقول لااعلم .

ثم ان الحسين ع عندما خرج من المدينة كان عارفا ان مسيرته تحتاج الى من يكملها اعلاميا بعد استشهاده لذلك اصطحب السيدة زينب ع معه , ولم يكن الامام علي بن الحسين ع قاصرا عن القيام بذلك الدور فهو من اهل بيت يزقون العلم زقا , الا ان الحسين كان يعلم ان الرجل منهم مقتول لامحالة ولو تكلم زين العابدين ع في مجلس يزيد او ابن زياد , واحتج واعترض لكان مقتولا حتما وكاد يحصل ذلك لولا ارادة الله و تدخل السيدة زينب ع حينما امر يزيد حرسه باخذ علي بن الحسين وضرب عنقه فاعترضتهم السيدة زينب ومنعت ذلك .وكانت العرب سابقا تعتبر قتل النساء لمجرد الكلام ,عار وقبح ونزول بشخصية الرجل واسمه الى الحضيض لذلك كانت السيدة زينب الوسيلة الاعلامية المضمون بقاؤها لنشر الثورة الحسينية , وهي معروفه بالفصاحة والبلاغة المأخوذة عن ابيها علي ع , وفي حديث لبشير بن خزيم الاسدي ( فلم ارى والله خفرة انطق منها كانها تُفرغ عن لسان ابيها علي بن ابي طالب ), كما ان الحسين ع خبِرها صبورة على البلاء كما امها الزهراء ع قادرة على تحويل عاطفتها وحزنها الى خطاب ثوري بالحجج والبراهين من كتاب الله وسنة رسوله فكانت خطبتها , التي قضّت مضاجع الظلمة وهزت عروشهم في عقر دارهم واحيت ضمائر اناس اماتها الجشع والطمع في الدنيا اوالخوف من بطش الحاكم حيث قالت لاهل الكوفة : (يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر...,ألا ساء ما تزرون ، وبعداً لكم وسحقاً فلقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلة والمسكنة ) .وفي الشام وجهت خطابها الى يزيد مباشرة محتجة بايات من الذكر الحكيم وبحقائق حصلت على ارض الواقع تخرجه حتما من دين الله وتضعه في خانة المستهتر بالعقيدة والمعتدي على ارواح وكرامة الناس مما اضطره الى ان يغطي على فعلته ويهدئ من ثورة النفوس ضده في الشام باقامة عزاء للحسين ع في داره ,الا ان فعله باء بالفشل لان خطاب السيدة زينب مع خطاب الامام زين العابدين معا ألّبا الراي العام واججا الثورة داخل النفوس , فخطبة السجاد ع في الكوفة والتي قال فيها(انا ابن مكة ومنى ...أنا ابن المذبوح بشط الفرات ، أنا ابن من قتل صبراً ، وكفى بذلك فخراً) ابكت الناس جميعا وخطبته عليه السلام في الشام والتي رفض يزيد بدءاً قيام الامام بها وقال لمن حوله (اِنْ صعد المنبر هذا لم ينزل الا بفضيحتي وفضيحة ال ابي سفيان ) هذا دليل على بلاغة الامام السجاد وقوة حجته وقوة تأثير التحرك الاعلامي .وما هي الا بضة اشهر حتى بدأت ثورة الناس ضد يزيد متمثلة بحركة التوابين الذين ندموا على خذلانهم للحسين ع , لكنها فشلت , فتبعتها ثورة المختارالمعروفة التي قُتل فيها عبيد الله بن زياد لع.هكذا خطط الحسين ع لثورته اعلاميا ونجح نجاحا لامثيل له في التاريخ لدرجة ان ذكره كقائد ثار من اجل الحق والعدل وحرية الرأي مازال ليومنا هذا وابدى كثيراً من الكتاب والادباء والثوار الاجانب ومن غير المسلمين اعجابهم المنقطع النضير بشجاعته وجرأته ولولا تلك الخطب وذلك التخطيط الناجح بمصاحبة السيدة زينب والامام زين العابدين ع له في رحلته لما سمعنا بثورة الحسين من اجل الحق والحرية والكرامة ولزُوِّرتْ وحُرِّفت الغاية من مسيرته تلك .

****************** ابن اعثم ** الطبرسي

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك