المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب .
يروى ان احد شيوخ العشائر ارسل ايام النظام الملكي بطلب احد الفلاحين لتكليفه بأمر ما ،وحين وصل المزارع المغلوب على امره بوابة المضيف ونظر على عجالة الى الشيخ ومن يجلس حوله تغيرت احواله وتمالكه الخوف ؛فاحدث امام الحاضرين الذين لم يقطع اصوات ضحكاتهم المجلجلة سوى عبارة اذلال اطلقها شيخ العشيرة صوب هذا الانسان المغلوب على امره تأنيبا له على فعلته المخجلة ،غير ان جمع الحاضرين في المضيف الذين كانوا يتظاهرون بعدم معرفتهم جوهر الصراع الخفي الذي كان يعيشه فقراء العراق ومعوزيه في ظل الهيمنة البريطانية وان كانوا له مدركين ،لم يدر بخلدهم ان ينبري هذا المزارع المسكين المحمل بنكبات الزمان بكلام يقض به مضاجع من عاش متوهما بتغاضي جدلية الصراع ، حين اتجه صوب كبير القوم مخاطبا اياه بطريقة يعجز بقية الحاضرين عن تكرارها او مجرد التفكير بها وهو يقول )امحفوظ احمد الله الواحد الاحد الذي من على انسان فقير مثلي بنعمة الوصول الى باب مضيفك محتفظا برباطة جأشه ، ولكن ماذا تقول عن الذين يحدثون في منازلهم لمجرد سماعهم بطلبك اياهم ) . وحري بنا ان ندرك بالاستناد على حيثيات هذه الواقعة ما كانت تتعرض له المرأة حينئذ من انتهاك سافر لإنسانيتها في مجتمع تهان به الرجال على الرغم من رجحان السلطة الذكورية . لقد كان الاقطاع الذي ارست دعائمه الدولة العثمانية التي هيمنت على العراق لأكثر من اربعة عقود من الزمان ،وأورثته الى الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس من اسوا النظم الاجتماعية الوضعية واقذرها ؛بالنظر لما افرزه من نتائج عملية اسهمت في ترسيخ عوامل الاذلال والامتهان والاستلاب ،اضافة الى كل ما ينتهك حقوق الانسان وكرامته ،ما يفرض علينا ادراك القيمة الحقيقية لاحد المبررات الرئيسة التي انضجت فكرة تفجير ثورة 14 تموز 1958 م .في امان الله اغاتي .•
https://telegram.me/buratha