• بقلم: علي لطيف الدراجي.
احدهم يمد يده المعروقة وعلامات البؤس وخطوط الشقاء ترتسم على وجهه البرئ واخر يحمل منظف زجاج وماسحة ويهرول باتجاه السيارات في اشارات المرور وقد اصبح لون بشرته وملبسه تؤامان.وبنات بعمر الزهور يقفن حائرات الى اين يذهبن واشعة الشمس تحرق اجسادهن النحيلة بسعير الفقر والخوف من غدٍ مجهول ، فهذا هو المشهد الاقل ايلاماً لواقع اطفال العراق الذين حطموا رقماً قياسياً لامثيل له في الوضع المعاشي المتدني متفوقين بذلك على افقر بلدان العالم.منذ سنوات مضت وعندما كنا نرى اطفال الصومال واثيوبيا وهم يصارعون الفقر المدقع والجفاف والمرض واكوام الذباب وهي تهيمن على افواههم كنا نقول(خطية) نتيجة المأساة التي كانوا يعيشونها وان كان هذا الامر مألوفاً لأن القدر جعلهم يعيشون في كنف بلدان تقتات على الفتات وهذا الاخير تتقاسمه واياهم السلطة السياسية الغاشمة ويد الاجنبي الاثمة.لكن عندما يرى من هو خارج حدود الوطن اطفالنا الذين لم يتجاوزوا ربيعهم العاشر موزعين على الطرقات وينتقلون كالفراشات من بيت الى اخر ماذا سيقول وكيف سيختار الوصف الملائم ، هل سيقول(خطية) ام سيلعن من هم في موقع المسؤولية حيث لم يعودوا يبصرون هذا الواقع الاسود لجيل من الواجب اعدادهم لقيادة مستقبل وطن اسمه العراق معبئين بالعلم والثقافة والادب والخلق القويم وقادرين على مواجهة النوائب التي نالت منهم للأسف وهم في مهدهم الوضيع.الم يعي (علية اليوم) حتى هذه اللحظة مخاطر وجود هؤلاء الاطفال ولساعات طويلة في الشارع صيفاً وشتاءاً وربيعاً وخريفاً ، وماذا ينتظرون وقد سرق منهم شيطان العصر ارواحهم بسيارات مفخخة وبعبوات عدادها اكثر من الزهور والشجيرات ، ماذا ينتظرون وقد انتهى عبق اعمار هؤلاء الاطفال في بئر الكلمات النابية والالفاظ السحيقة ، وبعضهم اصبح فريسة العصابات فأجبروهم على السرقة والقتل والخطف بعد ان وجدوا فيهم اداة طيعة لتنفيذ شر خيالاتهم ، والبعض الاخر اضحى في عداد المفقودين ولم يعد له اثر على كوكب الارض ، وهناك من وقع في فخ المخدرات والحبوب المهدئة فأنهارت قواه وطحن تحت اضراس الزمن من حيث لايشعر.وبعد سنوات من الان ستكونون امام سيناريو مقلق بطله مستقبل يبحث عن صناع حتى وان كانوا اشباحاً وعندها فقط ستشعرون كعادتكم بالحسرة ولماذا كنتم نائمين ولم تدركوا خطورة الصمت.لماذا عندما تريدون لاتفعلون وعندما تقعون في الخطأ تديرون عيونكم الى الماضي ؟ ولماذا الماضي ؟ هل لأنه قاس بعض الشئ ام لأنكم تشتاقون للتراب واريج ذراته وهو يسير امام نفخات انوفكم ؟وعندما يصبح الطفل من الماضي فنحن بلا مستقبل وبلا ارادة وبلا وجود لأننا قضينا على الشريان النابض وذبحنا الحلم الجميل الذي يعده غيرنا واحد من بنى الامل التحتية ولاتحلو الدنيا بدونه.لن اقول ياسادة يامسؤولين ويااعضاء البرلمان ويا ويا ويا !!ولن اركن للصمت ابداً لأن الصمت الذي بات من سجايا الاخرين لامكان له في قاموس حياتي ، بل سأقول اعطوا للطفل حقه فله في رقابكم ديناً ثقيلاً كونه الضحية الذي سرقت منه الابتسامة وهي الوحيدة التي لاتحلو الا على شفتيه.
https://telegram.me/buratha