بقلم: عبد الرزاق السلطاني
انطلاقا من صيرورة أية امة لا تتشكل الا من خلال تكامل عناصرها الاساسية ومرتكزاتها البنيوية وصولا لانجاز ذاتها وهويتها ووجودها، فان وحدتها وقوتها وتراصها مقترن بوحدة امتها المشكلة لكينونتها، ولوضع تصورات استراتيجية ومستقبلية فأننا نزعم ان كافة مظاهر الخلل والاندحار في التجارب السيئة انما هو تعبير جلي عن هوية وثقافة منحرفة لا تحظى باي مقبولية في الجسد العراقي، الذي ايقن ابناءه ان لابديل عن النظام السياسي الديمقراطي وقدرته على تحقيق تطلعات كل العراقيين وتصويب مسارات البناء الحقيقي التي تعد الخطوة الكبيرة لتغيير الممارسات السيئة لتأمين بناء دولة المؤسسات.
ومن هنا فان من اهم مقومات خلق أي تجربة مجتمعية نوعية جديدة لابد من اعادة تنظيم البنى التحتية لمنظومات التقنين والتنظيم للبنية الوطنية باتباع استراتيجية تُسيٍّر البناء التدريجي المتناسق مع الانظمة العامة، اعادة صياغة منظومات بديلة ومغايرة لتلك المنظومات يتطلب معتركا تجاربيا بديلا يستند الى التكامل في تنظيم شبكة العلاقات وتحديد دوائر المسؤولية، ومن هنا فالحقيقة التي يجب التوقف عندها تكون بامتلاكنا خطا متقدما من النخب الوطنية وهذه النخب تعد انموذجا للتغيير والتحول الديمقراطي لما لها من وعي وبرامج، بينما نرى العديد من الرموز البرلمانية اصبحت العصى التي وضعت نفسها في دواليب التقدم وحجر الزاوية والمعوق لإنتاج التحولات النوعية لمسيرتنا الوطنية، وصارت جزء من آلية الصراعات التقليدية، سواء في الولاءات او التحاصص السياسي او التهالك المواقعي.
إن الحراك غير المبرمج وانتهاج سياسة التهديد والضغوط والابتزاز والانفعالات غير المدروسة بالتأكيد ستنعكس على الملف الخدمي وهي سياسة غير مجدية لتعطيل عمل البرلمان، لذا فالتشريعات الضرورية مع الاسف تركن على الرفوف وتناقش قضايا هامشية وتستغرق وتستنزف اوقاتا وتدخل في انفاق السياسة العمياء، ما يؤشر جهلا لبعض اعضاء البرلمان ممن يتحرك بدوافع حزبية ممجوجة وهذا النفر لايعجبه العجب ولايعترف الا بما تمليه عليه نزعاته الشخصية، فأننا نعتقد ان قانون الاتصالات والمعلوماتية من القوانين الهامة التي لازالت تنتظر التشريع لكن البعض يحاول اطلاق رصاصة الرحمة عليه لعدم فهمه الواقعي والدقيق لأهميته، وللأمانة التاريخية نقول ان الهيئة المستقلة جاءت ساندة وداعمة للوزارت التي اصابها الترهل والفساد،
وبالتالي فان قانون الاتصالات والمعلوماتية المقدم الذي اشرف على صياغته كبار فقهاء القانون يعد ركيزة متطورة لدعم هذا القطاع الحيوي ومحاولة ابداء تصورات على صياغاته يعد ضربا من الغرور كونه اعتمد آليات مهنية متطورة، ومن أجل ان يعود البرلمان الى وضعه الطبيعي لابد من توفير المساحات لمجابهة التحديات التي تحتاج فيها بلادنا كباقي دول العالم الثالث الى دور أقوى للمؤسسات المستقلة لتكون ساندة وداعمة للدولة لتأسيس قيادة مؤسسية عقلانية هادفة، وهي الكفيلة للاستشراف المستقبلي الاستراتيجي لكل المعان والمواقف والدلالات التي تفضي لبناء المنظومة الاتصالية وتكريس الزخم الكبير باتجاه المسار الصحيح،
ففي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها العراق من تلكؤ اقرار التشريعات البرلمانية الهامة والهادفة الامر الذي أضعف الجانب الخدمي فلابد من المسير قدماً في التركيز على هيكلة بناء منظومة اتصالية ترقى الى الحداثة الدولية، لذا يقع لزاما على البرلمان إقرار القوانين المطلوبة للتنمية، والمسؤولية الاخلاقية والشرعية تقع اصلا على القوى الكبيرة ان تمسك المبادرة وتطلب من الآخرين ان يلحقوا بالدول المتطورة لضمان نجاح البنى التحتية وفك ارتباط الملفات الخدمية عن التجاذبات السياسية وحل الاشكاليات والازمات التي تحتاج الى وقفة شجاعة وصادقة على صعيد اقرار قانون الاتصالات والمعلوماتية رغم تجاوزه الفترة الزمنية المحددة وتبديد العوائق لإعادةالعراق الى مكانته التي تقترن بتاريخه الحضاري وبعده الوطني.
https://telegram.me/buratha