أبو ذر السماوي
من بين الدروس التي خلفتها الأزمة السياسية الخانقة في بلادي هو العودة الى الأساس في تجربته الوليدة إلا وهو المواطن والقواعد الشعبية، وبروزه كقوة وان كانت غير منظورة، وتصاغر حجم الجميع مقابلها وتأثيرها في خيارات رواد الأزمة وما راهنوا عليه من إمكانياتهم وقدراتهم وقوتهم الذاتية بما استحصلوه من امتيازات وغنائم طوال الفترة السابقة، وامكانية ان يذهبوا بعيداً في مشاريعهم ورؤاهم وكيف صدقوا انفسهم بأنهم فلتات زمانهم وتحولوا، وانهم يملكون تغيير وتحويل المجتمع من حالٍ إلى حال، بما يتلائم مع مصالحهم ورغباتهم الشخصية وكيف صوروها بأنها من أجل المواطن والصالح العام ووفق الدستور وبما يتماشى مع القانون، فالقانون مايرونه والدستور ما يفسرونه والمصلحة ما يستسيغونها فرأينا كيف كانت حساباتهم خاطئة وأن أدوارهم وكياناتهم متضخمة وطوبائية وما استندوا عليه ما هو الا أوهام وبناء كارتوني لايصمد أمام أبسط اختبار حقيقي، فهاهم امام مشكلة تائهون ويتخبطون وتحولوا الى سماسرة أزمة ومولدوا فوضى وبعد ان رمى الجميع بما في جعبته هدا الزعيق وترنحوا وسكنوا، ورأيناهم حيارى لسان حالهم بماذا سنخاطب الجمهور بماذا سنعدهم ماذا سنقول لهم وكيف سنقنعهم بما سيأتي فلم يجدوا غير الاصلاح ولم يعرفوا ماهية الاصلاح فمنهم من تحدث عن نسف التجربة من الاساس بحجة الاصلاح، والآخر طرح حلول الترقيع والتمشية ليسوقه كإصلاح وفريق بقى كالعادة يعيش حالة الذنبية والذيلية لأطراف أخرى، وفريق أصر على المضي بآليات الازمة و تصرف بعقليتها ومضى بسياسة كسب الوقت وفكر بترحيل الازمات بعد تفقيسها والوصول الى تسكينها وتجميدها والخوض في لعبة الغش والاختفاء والمماطلة، ففاقد الشيء لايعطيه ان تجربة الازمة وان كانت قاسية على الجميع لكنها مفيدة بأن عرف السياسيين قيمة الشعب الذي ارادوه ان ينزل الى الشارع كمطية وكبش فداء لم يتفاعل مع ما ارادوا لأنه عاش الازمة وحده عانى بمفرده ببساطة لقد تركوه يصارع مصيره ويحدد خياراته ومع إيماني المطلق بأن الشعب لم يعِ ولم يدرك هذه النتيجة وان ادركها فانه لم يعمل باستحقاقات ومستوى هذا الفهم، لكنه مع السلبية ومع اللامبالاة وعدم الاهتمام صنع الفارق بان افهم رواد الازمة بأنهم مخطئون وان ما يجري بينهم من صراع واقتتال وتهافت على المغانم و المكاسب لن يجلب الا التراجع والخسران للجميع وضياع الجمل بما حمل ولا فائز في هذه المعركة في إطار العملية السياسية ووفق معطياتها فعليكم ان ترجعوا للشعب، ازيحوا عنه همومه وغبار السنين، تعاملوا معه على انه المستفيد الوحيد وانكم عاملون ومتنافسون في تحقيق هذا الهدف، ولأول مرة رأينا تحرك فعلي لمؤسسات المجتمع المدني و ربّما سيكتب له النجاح لو نميت وخرجت من الاستقطاب الحاصل لها من قبل السلطة والسياسيين بتحويلها الى واجهات ودكاكين وميادين إرتزاق وغسيل أموال وآيدلوجيات وبطالة مقنعة ومصدر مهم من مصادر الفساد المالي والاداري وراعٍ رائد للفساد الاخلاقي والقيمي، وهذه الفائدة الثانية من الازمة لنصل الى اهم فائدة وهو دخول الاعلام على الخط (رغم مافيه من كوارث) كونه اداة تأثير ولاعب فاعل في توجيه المواطن الى مكامن القوة والضعف في الأاداء السياسي اثناء المعارك الاعلامية والتسقيط المتبادل بين رواد الازمة وتحولهم الى سلطة الاعلام كقوة افتراضية لكسب الشارع وتركهم للسلطة الحقيقة والتي حددها الدستور بالفصل بين السلطات والقيمة الاصيلة للمواطن ولم يحافظ عليها إلا المخلصين وهم قلة ممن مثلوا صمام الامان والضمان الحقيقي، ووقفوا مع خيار المواطن ليخرج مستفيداً من الأزمة بأقل الخسائر، والخسارة الكبرى وخيبة الأمل كانت برواد الأزمة ومفتعليها.
https://telegram.me/buratha